بالرغم من أن إعادة هيكلة الدعم أحد أكثر الملفات التى تثير غضب المواطنين، فإن الرئيس محمد مرسى لم يتجاهلها فى خطابه الجماهيرى الذى اتسم بطابع شعبوى، حيث أشار إلى أن سوء توزيع الدعم يتسبب فى حصول الفقراء على دعم أقل وأنه «لابد من عدالة توزيع دون جور على أحد»، إلا أن ما يثيره الحقوقيون حول مدى عدالة خطة الحكومة فى إعادة هيكلة الدعم خاصة دعم الطاقة والتأثيرات التضخمية لتلك التغييرات، كانت النقاط الغائبة عن خطاب الرئيس. وكان إصلاح نظام دعم الطاقة أحد أهم مطالب ثورة يناير، نظرا لاستحواذه على نحو خمس الإنفاق الحكومى، وذهاب نسبة كبيرة منه إلى الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة التى تبيع منتجاتها بأسعار مرتفعة، واستجابة للضغط الشعبى قامت الحكومة خلال الفترة الانتقالية برفع أسعار الغاز الطبيعى لتلك الصناعات من 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية إلى 4 دولارات.
بينما تزداد المطالبات بوصول سعر الطاقة الموجهة لصناعات كالأسمنت والأسمدة إلى مستوياتها العالمية، عند 7 دولارات، فإن وزير الصناعة والتجارة الخارجية، حاتم صالح، عبر خلال تصريحات له فى مؤتمر استثمارى نظمته بلتون الشهر الماضى، عن قلقه من الرفع السريع لأسعار الطاقة على المصانع بما يؤثر على هوامش ربحيتها، معلقا «بهذه الطريقة أنا أقتل هذه الصناعة»، وفى المقابل يعتبر حقوقيون أن دعم طاقة الصناعة لا يزال دعما لهوامش ربحيتهم، حيث أشارت دراسة للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن الوصول بسعر الطاقة المحلى إلى مستواه العالمى سيصل بهامش ربح صناعة الأسمدة إلى 21.5%، فى مقابل الهامش الذى تحققه هذه الصناعة فى دول مثل بريطانيا ب2%، وسيصل بهامش ربح صناعة الأسمنت إلى 29%، وهو أعلى من هوامش أرباح تلك الصناعة فى أسواق أوروبا وأمريكا الشمالية. هذا إلى جانب ما تتمتع به بعض تلك الصناعات بأسعار خامات إنتاج وعمالة مصرية منخفضة عن الأسعار العالمية، وفقا للمنظمة الحقوقية.
«رفع دعم الطاقة لتللك الصناعات من الممكن أن يكون من الإجراءات التى تطبق بشكل سريع وسهل لأن المصانع المستفيدة منه حوالى 50 مصنعا فقط، لكن يجب أن يتوازى معه سياسات تضمن عدم تحميل تلك المصانع زيادة أسعار الطاقة على المستهلكين»، كما يقول عمرو عادلى، رئيس وحدة العدالة الاجتماعية بمبادرة الحقوق الشخصية، ل«الشروق».
وبحسب الدراسة، ترتفع فيه فاتورة دعم الطاقة المنحازة لمجتمع الأعمال، تبلغ قيمة هذا الدعم 182% من الإنفاق على التعليم و407% من الإنفاق على الصحة.
وفى الوقت الذى رحبت فيه المنظمة الحقوقية باتجاه الحكومة لإعادة هيكلة دعم المحروقات، كالبنزين والسولار، التى تقدر أن 80% من مستحقيه لا يستفيدون بأكثر من 20% من هذا الدعم، إلا أنها حذرت من أن هذا الخفض «سيكون له آثار تضخمية جسيمة على أسعار الخدمات الأساسية كالغذاء والكساء والمواصلات، فى ضوء الضعف الراهن لأجهزة ومؤسسات الدولة وعجزها عن ضبط الأسعار، فحتما سيستغل المنتجون والتجار قرار رفع الأسعار للمبالغة فى تحميل المستهلكين النهائيين التكلفة بالكامل تعظيما لأرباحهم.
«نسبة ضخمة من دعم السولار تذهب إلى قطاعات الإنتاج والنقل الثقيل، هذا الدعم يجب إلغاءه ولكن فى الوقت ذاته يجب أن تقوم الحكومة بتوفير منافذ لتوزيع السلع الأساسية بأسعار عادلة لضمان عدم قيام المنتجين برفع أسعار تلك المنتجات» كما يضيف عادلى.
ودعت الدراسة إلى ربط سياسات إعادة هيكلة دعم الطاقة، بتوجيه جزء من مواردها إلى إنشاء برنامج للدعم النقدى للفقراء، الأمر الذى يمكن الحكومة من الحصول على تأييد شعبى لتلك السياسات. ففى إندونيسيا على سبيل المثال عمل الرئيس فى 2006 على تخصيص مبالغ من دعم الطاقة لدعم الفئات الفقيرة فى المدن والريف من خلال الدعم النقدى المباشر، وهو ما مكنه من الصمود فى مواجهة المقاومة التى واجهها من الشرائح الوسطى التى تضررت من رفع الأسعار وتكرر الأمر نفسه فى إيران.