خريف ساخن ينتظر أسيوط بعد أن صدر حكم منذ ايام ببطلان عقد استحواذ شركة سيمكس المكسيكية على 90% من أسهم شركة أسمنت أسيوط بعد مرور 13 سنة على خصخصتها. وذلك اعتمادا على أنه تم بيعها بقيمة 1.8 مليار جنيه، وهو ما يعد أقل من سعرها طبقا للقيمة الدفترية المقدرة 2.3 مليار جنيه. وما يقل كثيرا عن قيمتها السوقية التى ذكرتها المحكمة فى حيثياتها وهى 13 مليار جنيه. وكذلك أن البيع تم بالمخالفة لقرارات اللجنة الوزارية للخصخصة التى تنص على أن البيع يتم بالنسبة للشركات الخاسرة فقط. بينما الشركة حققت ربحا فى آخر عام قبل البيع وصل إلى 124 مليون جنيه. والسخونة التى يفرضها الحكم، لا تأتى فقط من تفاصيل طريقة البيع التى كشفت عنها الحيثيات، ولكن أيضا من حيث أن الحكم يتعلق بصفقة استحواذ هى الأضخم على مستوى كافة الصفقات الأخرى. التى سبق وأن أعادتها محكمة القضاء الإدارى إلى القطاع العام. إلى جانب أن الشركة المشترية، وهى سيمكس المكسيكية تحقق أعلى ربح لها فى وحدتها فى مصر، مقارنة بكافة فروعها فى العالم خارج أمريكا اللاتينية خلال العام الماضى، تبعا لتقرير بثته وكالة بلومبرج أمس حول الشركة. وهو ما يختلف عن طبيعة المشترين فى الحالات الأخرى (عمر أفندى، طنطا للكتان، غزل شبين،)الذى يدعى كل منهم بأنهم حققوا خسائر من تلك الصفقات، وكانت المجموعة التى يقع مقرها الرئيسى فى المكسيك، قد سجلت خسائر متوالية فى آخر أحد عشر شهرا متأثرة بأزمة الرهن العقارى فى الولاياتالمتحدة، وبالتباطؤ الاقتصادى العالمى تبعا لذات التقرير.
إلى جانب أن بطلان العقد هذه المرة يتعلق بقطاع يتعلق بقضية مهمة طرحت بقوة بعد ثورة يناير وهى احتكار الأجانب لصناعة الأسمنت فى مصر وهو ما يكسب القضية طابعا سياسيا قد ينقلها من مواقع المحاكم إلى اروقة السياسيين. وهو ما يجعل الرأى العام عنصرا فاعلا فى حسمها أكثر من غيرها.
وكانت المحكمة قد انتقدت فى حيثياتها ما اسمته السرعة المفرطة فى البيع. وأكدت «أنه مثير للريبة». حيث إن الشركة القابضة للصناعات المعدنية قد خالفت قانون المزايدات والمناقصات الذى يقضى بمزايدة عامة وليست محدودة. إلى جانب ذلك ما أن تقدمت الشركة المشترية بعرضها فى 31 يوليو لشراء 77% من أسهم الشركة بسعر 40 جنيها للسهم. وعرضت عرضا آخر اختياريا بأن تتضمن الصفقة كل أصول الشركة التى كانت قد تم استبعادها من الصفقة. وهى ميناء نهرى، وفندق ومزرعة، وفيللات على النيل، وناد اجتماعى، ومدينة رياضية، وقصر ضيافة، ومصنع طوب، وشقق نظير زيادة فى سعر السهم قدرها جنيهان. عقدت لجنة المفاوضة اجتماعا بعدها بيوم واحد وزادت السعر إلى 4 جنيهات بدلا من جنيهين للسهم مقابل الحصول على كافة الأصول التى كانت قد أعيدت لملكية القابضة، وعلى جانب آخر، ذكرت المحكمة فى ردها على المدعى عليهم، من أنها لم تلتزم باتباع القواعد القانونية لأن المحكمة نظرت القضية قبل أن يتم اللجوء إلى اللجان التوفيقية التى يلزم بها القانون الطرفان المتنازعان قبل اللجوء إلى القضاء بالقول بأن هذا الشرط يتم الاستثناء منه فى حالة إذا ما كان النزاع فيه طرف من وزارة الدفاع والإنتاج الحربى للحفاظ على سرية البيانات. «وحيث إنه من بين المدعى عليهم فى هذا النزاع رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته القائم بأعمال رئيس الجمهورية يرفع هذا الشرط الإجرائى المتعلق بالعرض على لجان التوفيق» تبعا للحيثيات، وقد أثارت أحكام بطلان خصخصة بعض الشركات العامة ومنها شركة اسيوط انقساما. فبينما يحذر مسئولون حكوميون من أن قيام الدولة باستعادة تلك الشركات قد يترتب عليه صدور عقوبات من هيئات التحكيم الدولية، يرى حقوقيون أن عقد صفقات الخصخصة تحت حكم الفساد يكفل لمصر الحق القانونى فى استعادة الشركات. وترى نميرة نجم، الخبيرة القانونية والأستاذة بقسم العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن كلا من السيناريوهين، الحكومى والحقوقى، قابل للتحقق فى حال لجوء الشركات المتضررة للتحكيم الدولى «حتى وان ثبت أن صفقة الخصخصة انعقدت فى ظل فساد حكومى، قد تتجه هيئات التحكيم الدولى إلى الانحياز إلى الشركة المشترية للاصول العامة، وتحكم فى صالحها بالتعويض. إذا افترض القاضى فى الشركة الأجنبية حسنة النية. وهذا احتماله وارد، خاصة أن المحاكم الدولية فى هذا المجال تميل بشكل قوى لحماية حقوق المستثمرين، ولكن هناك احتمالا قويا أيضا بصدور الحكم الدولى ضد المستثمر إذا كان هناك تفاوت كبير بين السعر الحقيقى للأصول العامة والسعر الذى اشترت به الشركة الخاصة. الأمر الذى يجعل افتراض حسن نوايا المستثمر امر صعب للغاية، لذا فعلينا أن ندرس ملفات تلك الصفقات بشكل عميق قبل اتخاذ أية قرارات بشأنها.
«من المبكر للغاية أن يكون هناك قلق بشأن احتمال التأميم الكامل لأصول شركة سيمكس فى مصر» تبعا للتقرير التحليلى الذى اصدرته جى بى مورجان عن الشركة مشيرة إلى أنه «كانت هناك أحكام سابقة مماثلة عن شركات فى صناعات أخرى خلال الأشهر الماضية ولم تستعيد الحكومة أى منها». ويرى معدو تقرير جى بى مورجان أن وزير المالية المصرى الحالى يبدو «صديقا للبيزنس» ويسعى لاجتذاب الاستثمارات الاجنبية، وهى المساعى التى قد تتأثر سلبا فى حال تأمبم شركة أسمنت من أحد اللاعبين الكبار الدوليين، وقد حرصت الشركة على أن تؤكد أن الحكم الصادر ببطلان استحواذها على غالبيه أسهم شركة أسمنت أسيوط غير واجب النفاذ. وسيتم استئنافه والطعن عليه تبعا لما جاء فى إعلان مدفوع الأجر نشرته الشركة أمس الأول. وأكدت أنه «بصدد اتخاذ كافة الإجراءات القانونية الأخرى إذا لزم الأمر لحماية حقوقها» دون أن تشير إلى نوعية هذه الإجراءات. وأشارت إلى أن العمل يسير بشكل طبيعى دون تغيير.
كان المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالتعاون مع أحمد البدراوى، وعلى العدوى، وأشرف الدقشومى قد أقاموا الدعوة بالنيابة عن عدد من العاملين الذين أجبروا على المعاش المبكر، كما جاء بالدعوة.إ