من بين 300 سيارة تحملها عبارة نويبع، كان محمود يبحث عن سيارة واحدة فقط، انها «فورد تى» الشهيرة، من إنتاج عام 1915، أول سيارة تخرج من على خط إنتاج شركة فورد العالمية، فقد تصل سرعتها 65 كيلو مترا. محمود عز الدين، مهندس معمارى، 31 سنة، كان عضو فى لجنة السيارات التاريخية والكلاسيكية فى نادى السيارات والرحلات المصرى، من 2004 لسنة 2009، كان فى نويبع ينتظر صديقه الهولندى «درك رختر»، صاحب السيارة وزوجته «ترودى روردا»، الذى زار مصر قبل أسابيع، فى إطار رحلة حول العالم، على مدى عامين، ليجمع التبرعات والمساعدات لقرى أطفال SOS، الموجودة فى معظم دول العالم.
الصديق الهولندى، درك رختر، موجود الآن فى كينيا منذ عدة أيام، التى وصل إليها من السودان.
قرى الأطفال SOS Children's Villages، أسسها الألمانى هيرمان جومينر عام 1949، لمساعدة الأطفال المحتاجين الذين فقدوا منازلهم وعائلاتهم نتيجة الحرب العالمية الثانية، ثم توسعت المنظمة بعد ذلك. وفى عام 1977 تم افتتاح أول قرية SOS مصرية فى القاهرة، ثم فى الإسكندرية 1980، وطنطا 1984.
ينوى ديرك صاحب سيارة الخير، أن يقودها لمسافة 85 ألف كيلو متر حول العالم، يقود يوميا مسافة لا تتعدى 250 كيلو مترا فى وقت قدره، 6 ساعات، أى بمتوسط سرعة لا يزيد على 40 كيلو مترا فى الساعة. وتقضى خطته بعبور 50 دولة فى القارات الخمس. بدأت الرحلة من هولندا، ثم بالعبارة إلى إيطاليا، ثم اليونان وإسرائيل والأردن، ومنها إلى نويبع.
«لم يكن عبور الحدود المصرية بشىء هين، لكن نادى السيارات والرحلات المصرى، بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة والعديد من الجهات المعنية المختلفة، استطاعوا أن يقوموا بتسهيل الكثير من الإجراءت والصعاب»، كما يوضح محمود.
«كنت أراسل ديرك من ساعة ما طلع من هولندا»، وعشق محمود بالسيارات الأنتيكية القديمة، جعله يستقبل الرجل الهولندى من لحظة وصوله ميناء نويبع بقيادة سيارته المرسيدس SEL 280 من إنتاج عام 1968، إلى نفق الشهيد أحمد حمدى لكى يستقبل ويرحب بالضيوف، ثم قاد سيارته المرسيدس خلف سيارة الخير تى لمدة ثلاثة أيام، لمسافة 600 كيلو متر، بداية من محافظة جنوبسيناء ذهابا حتى محافظة البحر الأحمر. «ديرك مبسوط من مصر لأنه خرج منها سليم»، كان الرجل الهولندى يخشى أن يتعرض إلى السرقة مثلما حدث لهم فى إسرائيل واليونان، «اتسرق منهم اللاب توب فى اليونان، لكن فى إسرائيل اتعرضوا للسرقة بشكل مختلف، كسروا زجاج السيارة اللاند كروزر التى تصاحبهم، وسرقوا نظارة شمس وكاميرا بس»، كما حكى «ديرك» لمحمود.
«رغم أن ديرك الهولندى طلع من مصر مبسوط، فإنه كان حزينا لعدم موافقة الحكومة على مساعدته فى زيارة قرى SOS»، وضح محمود أن ديرك وزوجته فى الستين تقريبا، ولديهما ثلاثة أولاد فى سن الثلاثين وعدد من الأحفاد. «كينيا وجنوب أفريقيا فقط، البلدين اللى وافقوا على المساعدة وزيارة مؤسسات منظمة SOS فى بلدهم»، كما وضح الرجل الهولندى، لكن من وجهة نظر محمود فى البلاد التى رفضت المساعدة والزيارة داخل مؤسساتهم، بعدما ناقشه ديرك فى هذه المشكلة، «أكيد فى فساد أو حاجة غلط بتحصل، أو يمكن كان المفروض يكون فى مشاريع، لكن ملهاش وجود أصلا، فرفضوا الزيارة لهذه المؤسسات».
خرج «ديرك» وزوجته «ترودى»، وفريق الدعم المكون من «بن سيدار» وزوجته «يوكى سميث» من مصر قبل أيام، مستقلين العبارة النيلية إلى وادى حلفا شمال السودان ليواصلا رحلة الخير حول العالم، ويساعدوا أيتام قرى الأطفال.