كشفت مصادر مطلعة ل«بوابة الشروق» عن بوادر أزمة كادت تعصف بعلاقة الإعلاميين والصحفيين والشرطة من جهة، وبين مشايخ سيناء من جهة أخرى، خلال الشهر الماضي، وأكدت المصادر، أنه تم احتواء الأزمة قبل تفاقمها.
وقال إبراهيم عكاشة، خلال اتصال هاتفي ب«بوابة الشروق»، إن «المشكلة حدثت منتصف شهر رمضان المنصرم، حينما كان رائد الشرطة أحمد رجب- مقدم البرنامج التليفزيوني "كمين"، متواجدًا في سيناء بصفته الإعلامية لمصاحبة وتغطية العملية "نسر" إعلاميًا, أثناء قيام قوات الشرطة بمداهمة منزل أحد مشايخ سيناء، ويدعى "أمين موسى جبريل"، وألقت القبض عليه، وقام "رجب" بعمل حوار تليفزيوني مع "أمين موسى" أثناء القبض عليه، ونفى "موسى" وقتها علاقته بأي أحداث عنف حدثت في مصر، فواجهه "رجب" بمعلومات نقلت إليه من أحد قيادات وزارة الداخلية -والذي كان متواجدًا في الحملة الأمنية- عن مسؤولية "موسى" عن أعمال العنف في سيناء، ومنها مهاجمة بنك الإسكندرية بالعريش، وقتل ضباط شرطة، وأنه أحد قيادات التكفير في سيناء, فما كان من "موسى" إلا أن انفعل بشدة على "رجب"، واستنكر ونفى كل هذه الاتهامات، وكان ما دار بينهما من حديث تم تصويره وأذيع وتفاصيل عملية القبض عليه على شاشة قناة 25 الفضائية.
ويضيف عكاشة، أنه بعد مرور حوالي أسبوع تلقى اتصالاً هاتفيًا من الرائد أحمد رجب، يطلب منه مساعدته في الوصول وصعود "جبل الحلال" بوسط سيناء، لتصويره في تقرير تليفزيوني بعد أن تحدثت وسائل الإعلام المختلفة عن هذا الجبل، ووصفته بأنه معقل الإرهاب والعنف في سيناء, ويقول «بالفعل قمت بتنسيق تأمين صعود "رجب" للجبل، الذي في اليوم التالي بالتصوير من أعلى الجبل بعد توفير سيارات دفع رباعي له بصحبة "الشيخ سلمان أبو هند" شيخ قبائل جبل الحلال، و"الشيخ محمد أبو سلامة" أحد مشايخ سيناء، وكانت المفاجأة أن "جبل الحلال" خالٍ تمامًا من أي عناصر إرهابية، كما رصدت كاميرا "رجب" الذي تجول مدة يوم كامل فيه، وقامت "بوابة الشروق" بنشر ما تم تصويره في وقت سابق».
ويكمل المصدر قوله: «فوجئت باتصال آخر من "رجب" أثناء تصويره أعلى "جبل الحلال" يبلغني فيه أن الشيخ "أمين موسى" الذي سبق وألقي القبض عليه من أيام قد تم إخلاء سبيله من النيابة على ذمة قضايا، ومتواجد الآن بالشيخ زويد، وهو ما يدل على أن "موسى" ليس بهذا العنصر الخطر جدًا الذي تم تصويره عليه، وأن "موسى" علم بالفيديو الذي تم عرضه على شاشة قناة 25 من خلال برنامج "كمين" الذي يقدمه "رجب"، ونشرت تفاصيله "بوابة الشروق"، ويُظهر "موسى" كإرهابي وزعيم للتكفيريين, وأن "بوابة الشروق" نشرت خبر القبض على "أمين موسى" كعنصر إرهابي خطر، حسبما وصل لها من تصوير فيديو للعملية الأمنية, وهو ما سبب انفعال وغضب شديدين لدى "موسى"، الذي يعد من كبار مشايخ الشيخ زويد».
ومضى "عكاشة" يقول: «طلبت من "رجب" مغادرة سيناء فورًا لحين تدبر الأمر، وهو ما رفضه "رجب" قائلاً "يجب إنهاء هذا الموضوع وتوضيح الصورة حتى لا تصبح معاداة بين مشايخ سيناء والإعلام أو الشرطة", فقمت فورًا بعمل اتصالات مكثفة بكبار مشايخ سيناء لتأمين خروج آمن لرجب، حتى توصلت لحل مع الشيخ "حمدين أبو فيصل" شيخ أهل السنة والجماعة بسيناء، وأحد القضاة الشرعيين بشمال سيناء، وكان هذا الحل هو محاولة عقد لقاء صلح بين الشيخ "أمين موسى" والرائد أحمد رجب، بمنزل الشيخ "حمدين أبو فيصل" بمنطقة الشيخ زويد، وهو ما رفضه "أمين موسى" في البداية ولكن أصر عليه "أبو فيصل" إلى أن تمت جلسة الصلح، ونزع فتيل الأزمة عن طريق تسجيل حوار جديد مع الشيخ أمين موسى، لتصحيح ما حدث معه، وتم إذاعته على شاشة قناة 25 الفضائية متضمنًا اللقطات السابقة للقبض على "موسى"، التي أثارت غضبه واستيائه، للتوضيح.
وتضمن هذا الحوار تأييد الشيخ "أمين موسى جبريل" للعملية "نسر" في سيناء، لمطاردة الخارجين على القانون في رد واضح وصريح على ما نشر عن تدخل مشايخ سيناء لدي المهندس خيرت الشاطر- نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، لوقف العملية "نسر".
وفي هذا الصدد، يضيف "عكاشة" ل«بوابة الشروق»، «استعجبت من خبر لقاء وفد من مشايخ سيناء بالشاطر، وأن المشايخ تطالب بوقف العملية "نسر", لأن هذا الخبر معاكس للمعلومات المتوفرة لدي من مشايخ سيناء عن سير العمليات العسكرية والأمنية هناك», وقال: «اتصلت بالشيخ "حمدين أبو فيصل"، شيخ أهل السنة والجماعة بسيناء، لتبين حقيقة الأمر، فأكد لي أنه لا يعرف شيئًا عن هذا الوفد الذي اجتمع مع "الشاطر"، ولا يوجد أحد يعرفه من مشايخ سيناء حضر هذا اللقاء "الغامض"، وأنه ربما يكون مع بعض مواطني سيناء ولكن ليس مع المشايخ».
وأضاف "أبو فيصل": «نحن نرفض وقف العملية "نسر"، ولكنننا طالبنا فقط في مؤتمرات علنية سابقة أن يتم التدقيق في عمليات المداهمات والمطاردات في سيناء، وطلبنا أيضًا القبض على المجرم والجاني فقط، ونُصر جميعًا على عدم سحب القوات من سيناء أو سحب الأسلحة الثقيلة مهما تكلف الأمر».
وأكد "أبو فيصل" أن «سيناء كلها فرحة بالقوات المصرية هنا، بعد أن غابت عن ناظرنا لمدة 45 عامًا، باستثناء فترة حرب أكتوبر المجيدة، ما أدى لهذه المشكلات الأمنية في سيناء، ولا نريد تكرار نفس الخطأ مرة أخرى».