يوافق يوم 11سبتمبر (غالبا) 1توت والسنة المصرية بدأت عام 4242 قبل الميلاد فمعنى ذلك أن العام الحالى فى التقويم المصرى الحالى 4242+ 2012= 6254. وأن التقويم الميلادى العالمى مأخوذ من التقويم الجريجورى المأخوذ من التقويم الرومانى المأخوذ من التقويم المصرى. ومنذ عدة سنوات يحتفل التيارالمصرى المُهتم بالحضارة المصرية بهذه المناسبة القومية. والجدير بالملاحظة أن معظم شعوب العالم تمتلك تقويما خاصا بها. ولكن بالرغم من ذلك فإن التقويم الوحيد المعتمد والذى تتعامل به كل دول العالم وكل المنظمات والهيئات الدولية هو التقويم الميلادى المأخوذ عن التقويم الشمسى المصرى. وإذا كان الفضل يعود إلى جدودنا المصريين القدماء، وإذا كان لنا نحن الأحفاد أن نفخر بذلك ونعتزبه، فإن الأهم هو أن نكون جديرين بهذا الانتساب إلى جدودنا. وأن تحقيق هذا لن يتم إلا بالتطلع إلى المستقبل الذى توضع بذرته فى الحاضر، ومعنى أن التقويم المصرى تقويم شمسى، أنه مرتبط بالزراعة، حيث يتعذرتنظيم بدء البذر وجمع المحصول وفقا للتقويم القمرى.
نتج عن تجاهل خصوصيتنا الثقافية ظاهرة كتابة الشهرالميلادى وبجانبه الشهر السريانى، سبتمبر/أيلول إلخ. فإذا كان العرب يفعلون هذا (وهوحقهم وأحترم وأقدّر تمسكهم بتقويمهم) فلماذا لا يكتب المصريون شهورهم القوم؟ فيكتبون توت بجانب سبتمبر (كمثال) فإذا كانوا لا يعرفونها، أو يعرفونها ويستحون منها، فلماذا لا يكتفون بالشهور الميلادية؟ ويبدو غياب الحس القومى بالخصوصية الثقافية المصرية أن بعض الصحف الخاصة تكتب فى صفحتها الأولى التقويمين الميلادى والهجرى وتتجاهل التقويم المصرى.
لقد ذكر د. عبدالحميد يونس أستاذ الأدب الشعبى، أن والدته كانت تحفظ الشهورالقبطية (قبطى = مصرى) جيدا مع أنها كانت تعيش معه فى القاهرة. وأن هذه الشهور دقيقة كل الدقة ومن هنا كان ارتباطها بالزراعة. تتجاهل الثقافة السائدة أن الفلاحين المصريين (الأميين) يحفظون هذه الشهور، رغم أنهم لم يدخلوا المدارس. بل إنهم أبدعوا مثلا شعبيا لكل شهر: (طوبة تخلى الصبية كركوبة) و(أمشير أبوالزعابير) ولأن شهر برمهات بداية حصاد معظم المزروعات قالوا (برمهات روح الغيط وهات) ولأن النهار يكون قصيرا مع بداية شهر كياك قالوا (كياك حضّر غداك مع عشاك)، كما أن أسماء الشهور مستمدة من أسماء الآلهة المصرية.
وتتجاهل الثقافة السائدة أن شدة البرودة تكون فى شهرىْ طوبة وأمشير. وشدة الحرتكون فى شهرى بؤونة وأبيب إلخ. وأن التقويم الميلادى العالمى يتواكب دائما مع التقويم المصرى. فتجد أن شهر طوبة يلازمه يناير. وأن شهر أمشير يلازمه فبراير (مع فروق فى بعض الأيام) وفى زيارة لمعبد آمون اكتشفتْ عالمة المصريات نوبلكور أن العين اليمنى للتمثال هى الشمس والعين اليسرى هى القمر. ومكتوب على التمثال أن العين اليسرى (القمر) تستمد نورها من العين اليمنى (الشمس) وكتبتْ أن هذه حقيقة علمية فلكية ولم يكتشفها العلماء إلاّ فى نهاية القرن العشرين، فكيف توصل المصريون القدماء إليها ولم يكن لديهم آلات فلكية مثل آلات العصر الحديث؟ وقد اعترف العالم الكبير اسحاق نيوتن أن المصريين القدماء هم أول من رصدوا النجوم. أما العالم كوبرنيكوس فقد اعترف بفضل العالمة والفيلسوفة المصرية هيباتيا عليه فى علم الفلك. وجاء فى معجم الحضارة المصرية أن علماء الفلك قالوا عن التقويم المصرى إنه التقويم الوحيد الذى عُمل بذكاء فى التاريخ البشرى كله. خاصة أنهم لم يمتلكوا المنظار الفلكى الذى اخترعه جاليليو ولم يمتلكوا المرصد الضخم الذى اخترعه العالم الأمريكى إدوين باول هابل فى القرن العشرين الذى رصد المجرات الخارجية ومجموعات النجوم.
أعتقد أن الاحتفال بالتقويم المصرى رد اعتبارلجدودنا. لكن إحياء تقويمنا القومى يتطلب المنهج العلمى لترسيخ خصوصيتنا المصرية. كما لابد أن تتبعه احتفالات أخرى، مثل عيد الربيع المصرى (شم النسيم) وفيضان النيل إلخ. كما أرى أن من الاحتفالات المهمة الاحتفال الذى اقترحه الكاتب أ. محمد صالح الذى كتب ((لست أعرف لماذا لم نفكرحتى الآن فى أن يكون يوم اكتشاف سر اللغة الهيروغليفية وحل رموزها عيدا قوميا لمصر. باعتبار أن ذلك هو الحدث الذى كشف حقيقة الحضارة المصرية ووضعها فى مرتبة أعلى عن سواها اقتراح أ. محمد صالح يؤكد أن ما يكبس ويغطى على (القومية المصرية) قشرة رقيقة يسهل إزالتها. ولكن هذه المهمة (أى إزالة القشرة) تتطلب إعادة النظر فى مناهج التعليم وبرامج الإعلام، لإيجاد جيل جديد يعرف جذوره وتراثه، وبالتالى يتمكن من الرد العلمى على أكاذيب بنى إسرائيل الذين يزعمون أنهم بناة الحضارة المصرية.