سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سمير مرقص ل«الشروق»:من مصلحة مرسى الاستقلال عن الإخوان لأنه ليس رئيسهم فقط الفريق الرئاسى الحالى لا يعبر عن جميع ألوان الطيف السياسى.. وانتهى عصر «بناء على توجيهات السيد الرئيس»
مفكر سياسى وأحد المراجع الأساسية فى مصر فى قضية شئون المواطنة، يكره أن يصنف بالباحث القبطى، ويرى أن الشأن القبطى «لابد من تناوله فى إطار الشأن الوطنى، ولا يظهر فى الإعلام كثيرا».. اعتذر مرتين عن المشاركة فى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، لتشكيلها الذى يرى أنه على «أساس دينى»، كما اعتذر عن منصب الوزير فى حكومة الدكتور عصام شرف الثانية، ثم تولى منصب نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية «تحت ضغوط»، وأسند إليه مؤخرا مهمة؛ مساعد رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى لشئون التحول الديمقراطى. إنه الباحث سمير مرقص، الذى حاورته «الشروق» على مدار ساعتين داخل مكتبه فى محافظة القاهرة.. المكتب الذى لم يخل من موظفى المحافظة الذين ترددوا على المكتب وعلامات الحزن تخيم على وجوه بعضهم؛ لإلقاء التحية والسلام قبل أن يغادرهم مرقص إلى حيث مقر عمله الجديد، «هذه الحالة الإنسانية التى أوجدها مرقص بين مسئول فى الدولة وموظف قلما تجدها فى أماكن أخرى»، بحسب تعبير أحد موظفى الحى.
مرقص الحاصل على «جائزة الأكاديمية النرويجية للآداب وحرية التعبير» عن مجمل مؤلفاته وكتبه، كشف خلال اللقاء عن طبيعة الدور الذى سيقوم به وعلاقته بالرئيس المباشرة: «مهمتى بتوفير المادة المعرفية والرأى بما يتيح لمؤسسة الرئاسة والرئيس دعم عملية التحول الديمقراطى»، انتقد فى الوقت نفسه تشكيل الفريق الرئاسى، متوقعا أن يتم استدراكه لاحقا بإدماج شباب ويساريين فيه. وإلى نص الحوار:
•كيف ترى تشكيل الفريق الرئاسى.. وما تعليقك على وجود مؤسسة تساند الرئيس فى اتخاذ القرار؟
فكرة الفريق الرئاسى تعد واحدة من الثمار الإيجابية لثورة 25 يناير؛ فلأول مرة نرى المؤسسة الفريق وليس المؤسسة الأب أو الفرعون، فبعد الثورة لابد وأن ننتقل من مؤسسة فرعون والمجتمع الأبوى، إلى مصر المؤسسية الحديثة فى شراكة حول صناعة القرار.. الفكرة جيدة وإيجابية وتعبير طبيعى عن التحولات التى حدثت فى مصر، لكن علينا ألا نكتفى بهذا، بل يجب أن يكون لها تأثير واضح وإيجابى على المستوى العملى.
•وما تعليقك على تشكيل الفريق وهل هو ممثل لكل شرائح المجتمع؟
كنت أتمنى أن يكون معبرا عن كل ألوان الطيف المصرى لأنه ليس تعبيرا عن فصيل أو تيار سياسى معين، خاصة وأن التنوع سمة مصر، وإذا ما كان حاضرا فى مؤسسة الرئاسة فسوف يطمئن الجميع، لكننى أتوقع استدراك ذلك فى الفريق المعاون لمرسى، بوجود شباب وشخصيات من ألوان سياسية أخرى.
•ما هى طبيعة دورك فى الفريق؟
سأكون مساعدا لرئيس الجمهورية فى ملف ما يسمى التحول الديمقراطى، وهو ملف مهم جدا بعد 25 يناير، ويقصد به: كيف يمكن الانتقال بمصر بين مرحلتين؛ مرحلة كان هناك خلالها هامش ديمقراطية لا يلبى حاجة المصريين للتغيير، ومرحلة ما بعد 25 يناير التى تعبر عن نضال المصريين لبلوغ مجتمع ديمقراطى حقيقى، هذه الفترات فى تاريخ المجتمعات كما شهدناها فى أمريكا اللاتينية وأوربا الشرقية لحظات مهمة، مع العمل على أن تكون الفترة مرنة ويحدث فيها التحول بشكل حقيقى، ومؤسسات يتم بناؤها لتحقق كل أهداف التغيير والثورة.
وأؤكد أن هذا الحديث يمتد للقوى السياسية، والأحزاب، وجميع مؤسسات المجتمع المدنى، وجماعات ضغط وروابط فلاحية وعمالية.. جميع هذه الكيانات عناصر فاعلة واصيلة فى عملية التحول الديمقراطى وتشارك فى العملية.
•وما المهام التى ستقوم بها ضمن الفريق؟
مهمتى تتعلق بالرئيس بشكل مباشر، من حيث توفير المادة المعرفية والرأى، بما يتيح لمؤسسة الرئاسة والرئيس دعم التحول الديمقراطى، والتواصل مع التيارات والقوى السياسية والكيانات الفاعلة.
•هل لديك من الصلاحيات ما يمكنك من إنجاز مهامك؟
فى لقاء مع الرئيس مرسى فى 10 يوليو الماضى، وهى المرة الوحيدة التى التقيته فيها عرض علىّ المنصب، ووافقت على الفور، بشرط ألا يكون منصبا شرفيا، أو مجرد ديكور، وأن يكون للمنصب دور حقيقى؛ لتسيير عملية التحول الديمقراطى، وأن تكون لدىّ صلاحيات كبيرة.
هناك وعد وورقة تعد بهذا عقب عودة الرئيس مباشرة من الخارج، كما أن الرئيس زاد بأن أعطانى حق تشكيل الفريق المعاون لى.
•هل بدأت فى تشكيل الفريق؟
لا.. حتى الآن لم أبدأ فى تكوين فريقى، لكنه سيكون من 5 7 أفراد وبشكل متكامل ومعبر عن جميع الكتل السياسية والحزبية.
•وماذا إذا ما وجدت أن الظروف لن تمكنك من تأدية مهمتك؟
سوف نعتذر عن الاستمرار، خاصة أن من يعرفنى يدرك أننى شخص زهدت فى المناصب منذ عام 2001،، ولست من الساعين لها.. سنقبل ما نراه مفيدا للصالح الوطنى، لإرسال رسائل لدعم الناس وخاصة الشباب للمزيد من المشاركة، وللأقباط من أجل الانخراط والنضال والاشتباك السياسى والمدنى، ونعتذر فى الوقت ذاته عما نرى أنه يجب الاعتذار عنه مثلما اعتذرت مرتين عن عضوية الجمعية التأسيسية لوضع الدستور فى الأولى والثانية.
•بعض الشخصيات رفضت وجود مناصب فى الفريق الرئاسى بناء على الهوية؟
أنا فى هذا المنصب لست لأننى قبطى فيما أظن، لكننى لأننى كفء فيما أفهم فيه، وهو التحول الديمقراطى أو المواطنة، وممارس العمل السياسى والتنموى أو كباحث وسياسى، ولى كتب أظنها معتبرة، كما أننى أحد المصادر الأساسية فى المواطنة، ولدى رؤية متكاملة، وحصلت على جائزة دولية معتبرة اقل قليلا من جائزة نوبل من الأكاديمية الدولية، فأنا لست غريبا على الملف فكرة وممارسة.
•هل تفاجأت بعرض منصب مساعد رئيس الجمهورية؟
لم تكن مفاجأة.. لأن الاسم طرح على مدى زمنى طويل، والبعض اتهمنى بأننى حصلت على توكيل مناصب، فعقب 25 يناير، يبدو لى أن بورصة الأسماء على النت وهنا وهناك، والتى تم تسويقها من قبل الناس، أن هناك قبولا بالرغم من بعض الانتقادات التى احترمها لكن يشوبها اجتزاء فى الآراء أو محاولة التصنيف القسرى أو التجريح وهو أمر مرفوض.
•متى ستبدأ ممارسة عملك.. وهل سيكون من مقر الرئاسة؟
سوف ألتقى الرئيس مرسى الأحد أو الاثنين المقبل، وسيكون لدى مكتب بمقر رئاسة الجمهورية.. وخلال اللقاء سأحرص على معرفة كيف ننتقل لعمل فورى، وأسلوب تفعيل المسئولية، وسنتحاور ونتواصل فنحن تجاوزنا مرحلة توجيهات سيادة الرئيس.
•وما هى مهمتك الأولى؟
- مراجعة البنية التشريعية الفاعلة فى تسهيل الممارسة الديمقراطية مثل قانون الانتخابات، وقانون المحليات، وبحث قانون أفضل لإشهار مؤسسات المجتمع المدنى، والاهتمام بالروابط العمالية والفلاحية.
•ما حدود علاقتك بحكومة الدكتور هشام قنديل؟
العلاقة ستكون مع الرئيس مباشرة، أما بخصوص الحكومة فقد يكلفنى بمتابعة بعض أمورها.
•هل ترى أن مؤسسة الرئاسة تتحرك باستقلال عن حزب الحرية والعدالة؟
لا أدرى.. لكن من مصلحة الرئيس مرسى أن يحقق الاستقلال على المستوى الشخصى وعلى مستوى الحزب الحرية والعدالة، فالرئيس هو رئيس مصر، لسنا جمهورية برلمانية بل رئاسية.
•هل يمكن أن تعود إلى الجمعية التأسيسية بعدما انسحبت من عضويتها؟
لن أعود إليها نهائيا بشكلها الحالى.. وسبق للمستشار حسام الغريانى والدكتور محمد محسوب مشكورين أن طلبا ذلك، لكن المسألة تتعلق بطريقة تقسيم اللجنة، فأنا أرفض تماما منطق التقسيم الدينى فى الجمعية.
•ما هى انطباعاتك عما توصلت إليه الجمعية من أعمال حتى الآن؟
هناك هيمنة فى الطروحات بشكل عام أسهمت فى خلق فجوة، فهم (أعضاء الجمعية) لا يستطيعون رؤية التطور الحاصل فى منظومة حقوق الإنسان والحريات وكيفية حدوث التزاوج بين المنظومة الإسلامية والمنظومة الحديثة.
•إذن لماذا لم تعرض رؤيتك تلك على الجمعية ويتم الاستفادة من وجهة نظرك لتطوير أدائها؟
ما منعنى هو طريقة التصويت، فهناك أمور إجرائية تجعلك أقلية، ولست أعنى المعنى الدينى والطائفى، لكن المعنى السياسى والفكرى.
•ألا ترى أن هناك حالة من القبول العام لأعمال الجمعية؟
نعم.. فجلسات الاستماع والحوارات المجتمعية كانت فكرة مهمة ضرورية ومفيدة.
•وهل انتهى حكم العسكر بعد إقالة المشير وعنان؟
حكم العسكر لم ينته بعد فى مصر.
•ظهر على سطح الحياة السياسية فى الفترة الأخيرة أحزاب إما ليبرالية أو إسلامية، ما تعليقك وهل ستكون إضافة للحياة السياسية؟
ارى أنها ستكون إضافة للحياة السياسية.. أنا ضد القيود، وأى مجموعة من البشر من حقها التعبير عن نفسها، بل ارى أنها ظاهرة إيجابية، مع الوقت يحصل تحالفات مع الوقت واندماجات، وتكوين جبهات ممكن كتلة اليسار تندمج، هذا طبيعى.
ومع حرية إشهار الأحزاب بدون قيود بالعلم والخبر فقط دون وجود موافقة من لجنة أحزاب.
•ما هو توقعاتك لشكل البرلمان المقبل.. وهل ستتكرر غلبة التيار الإسلامى به؟
سيحدث تحول لن يكون كبيرا لكن أعتقد أنه سيكون تغيير نوعى، من الطبيعى أن تستمر أغلبية التيار الإسلامى لأنه أكثر تنظيما والأكثر تواصلا، لكن أظن أنهم تعلموا الدرس ولن يكرروا أخطاء البرلمان السابق، حين اهتموا باشياء لم تكن لها الأولوية فى المجتمع المصرى مثل التشريعات الأخلاقية، أو تشريعات المرأة والختان.. تمنيت من البرلمان السابق الاهتمام بأولويات مثل إسقاط تشريعات ذات طبيعة ترتبط باقتصاد اليوم مثل الضريبة العقارية فلو كانوا مثلا أسقطوها، كانت الطبقة الوسطى احتفت بهم.
•ما أبرز ما لاحظته على البرلمان السابق وأدائه؟
كان هناك سطوة للدين على العمل السياسى؛ من الضرورى أن نتحرر بعض الشىء، هناك فرق بين أن تحكمنا قيم الدين، وأن يحكمنى الدين فى تفاصيل وإجراءات الحياة السياسية اليومية لأنها متغيرة، والسياسة نسبية.
•خرجت مظاهرات تندد بما وصف أخونة الدولة.. ما تعليقك؟
أنا مع التظاهر فى المطلق، وأن يعبر الناس عن أنفسهم، لكن فى الوقت نفسه لا بد أن يضع الناس التجريح والتدمير؛ عدا ذلك مباح فى إطار الحرية السياسية والمدنية.
علينا أن نهيئ أنفسنا جميعا لكل أشكال الاحتجاج، ونتفق معا على القواعد المنظمة له، عبر حوارات وطنية.
•وماذا عن المطالب الفئوية؟
لابد من خلق آلية للتفاوض الجماعى، آلية قد تكون حكومية.
•الأحاديث تخرج من هنا وهناك تتحدث عن إعادة حالة الطوارئ للبلاد.. هل أنت مع إعادة العمل به؟
حين اسمع كلمة طوارئ أستشعر طارئا وقلقا.. كفانا طوارئ، والحذر لم يمنع قدر، لم تمنع حالة الطوارئ من اندلاع ثورة 25 يناير.
•شغلت منصب نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية، منذ أغسطس 2011.. ما تقييمك لهذه الفترة؟
عرض على فى حكومة عصام شرف الثانية، منصب وزير للشباب، لكننى اعتذرت، وحين تم تشكيل المحافظين فى هذه الفترة تم الضغط عليّ لأسباب كثيرة معقدة، وأصارحك لم أكن مرتاحا فى البداية لهذا الأمر، لكننى قبلت المنصب.. وكان وقتها مطلوب وجود أقباط فى تشكيلة المحافظين ،وأن يكون التشكيل غير نمطى والأحلام كانت كبيرة فى ذلك الوقت.
ووجودى كان رسالة بأننا مازلنا موجودين ونشارك، وكانت تجربة جديدة بإدخال مثقفين مثلى ومثل عزازى (محافظ الشرقية) وتجربتنا لا أظنها فشلت.
•ما أبرز تحديات العمل فى المحليات؟
هناك ظروف صعبة سواء غياب حزب حاكم، وعدم وجود أمن الدولة، لكننا فتحنا المنطقة الشمالية بالمحافظة لكل القوى الوطنية من الإخوان للمصريين الاحرار لليسار، مادام العمل سيكون للمواطن الغلبان، سواء فى قوافل اغاثة وصحية، وأكدنا على أن المثقف يستطيع أن يدير عملا حكوميا.
•ما الدرس الذى تعلمته من وجودك بالمحافظة والتواصل مع رؤساء الأحياء؟
أن الدولة المصرية والبيروقراطية غويطة اكثر مما نتخيل، بل أشبه بالمغارة، ولا تصدق أحد أنه يعرف البيروقراطية ما لم يكن جزءا منها، لكننى أدعى أننى اكتشفتها.. عبر الحوار والنقاش والاجتماعات المتواصلة دون أن يعطينى أى شخص سر الاختراع.
•وما عن الفساد الذى يضرب المحليات؟
قللنا الفساد قدر الإمكان.. والحقيقة أنه كلما قربت المسئول من المواطنين كلما قللنا الفساد، فى السايق كان هناك حجاب يحجب أى مسئول قد يكون حزب حاكم أو امن، الآن المسئول تعرى، وأصبح على باب الله لا امن دولة ولا حزب حاكم.. المسئول منه للمواطن.
أنا ضد النموذج الجاهزة للتطبيق؛ مصر غير تركيا، لكن هذا لا يمنع من التعلم من تجارب الآخرين فى حاجات فى مساحات التقارب استطاعت تنجز الهوية المتصالحة، فالتيار الإسلامى حاور الاتاتوركى فى السبعينيات ووصلوا لصيغة مركبة مفيش خصومة فيها بل مصالحة، وقبول بعضنا البعض.
وأهمية مصر أنها أكثر تعقيدا من تركيا بالمعنى الحضارى؛ مصر مركب حضارى متعدد الألوان والعناصر، وفينا التداخلات بين المسلم المتدين أو العلمانى، كلنا فينا ساعة لقلبك وساعة لربك حتى المتشدد دينيا، العلمانى اوى فيه جزء إيمانى.. تركيبة معقدة لازم نحافظ على كده، عبقرية مصر فى تنوعها وليس أحاديتها، وإذا ما كانت أحادية ستكون مظلمة وكارثة وصحراء.. حلاوتها فى التنوع.
•أخيرا.. زادت «التوترات الطائفية» التى تحدث فى مصر؟
فى الفترة من 1970 وحتى 2005 زادت حالات التوتر الطائفى إلى 200 حادث، لكن إذا ما رجعت لما قبل فترة الستينيات لم تكن هناك حوادث طائفية تذكر، لأن الناس فى هذه الفترة كانت منشغلة بالقضايا العامة والمشاريع فعكس الفترات التى تلتها.
•وماذا عن الشأن القبطى فى مصر وهل هناك تمييز دينى؟
أرى ضرورة أن يتم تناول الشأن القبطى فى إطار الشأن الوطنى، ولقد حاربت كثيرا من أجل مواجهة مسألة التصنيف الدينى للمصريين، وأنه لا يحب أن يقول إنه ممثل الأقباط.. ولكن أن يكون الأقباط ممثلين؛ لأنهم جزء أصيل من الجماعة الوطنية.