لا مبرر لذلك.. شعبة المواد الغذائية تحذر من التلاعب بالأسواق بعد تحريك الوقود    وزير الاستثمار: مصر على أعتاب طفرة اقتصادية كبرى    برعاية الاتصالات .. Cairo ICT يطلق نسخته ال29 في نوفمبر المقبل بحضور قادة التكنولوجيا في العالم    الرئيس السيسي يصل إلى بروكسل في مستهل زيارته لمملكة بلجيكا    اللجنة الأولمبية تُحيل عمر عصر ومحمود أشرف إلى لجنة القيم    بسبب الديون.. شاب ينهي حياته من أعلى جبل المقطم    التضامن: فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه- 2026م.. غدا    إصابة 10 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    الحكومة: تنظيم مهرجان شتوى فى تلال الفسطاط على غرار فعاليات العلمين    هل الاحتفال بمولد سيدنا الحسين بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة: إدخال تقنيات المستشفيات الذكية والجراحة الروبوتية ضمن المنظومة    عضو الجمعية المصرية للحساسية: ضعف المناعة والتدخين أبرز محفزات ارتكاريا البرد    ارتفاع بدرجات الحرارة اليوم وفرص أمطار والعظمى بالقاهرة 31 والصغرى 20    قادما من كفر الشيخ.. اصطدام قطار برصيف 3 في محطة مصر    مواصلة جهود الأجهزة الأمنية في مكافحة جرائم السرقات وضبط مرتكبيها    تعرف على برنامج زيارة الرئيس السيسي إلى بلجيكا    أيمن محسب: المتحف المصري الكبير رمزا لنهضة وطنية شاملة قادها الرئيس السيسى    وزير الدفاع يستقبل اللواء محمود توفيق ووفد من قيادات الشرطة لتقديم التهنئة بمناسبة انتصارات أكتوبر    ترافقه لعنة أموال القذافى ..الرئيس الفرنسي السابق "ساركوزى" يصل السجن لتنفيذ حكم حبسه 5 سنوات    أمير قطر: آن الأوان لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى وما جرى فى غزة إبادة جماعية    وزير الصحة يستقبل سفير فرنسا بمصر للإتفاق على تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    تنس طاولة - محمود أشرف: أعتذر عما حدث مع عمر عصر.. ومستعد للمثول للتحقيق    وزير الثقافة يتابع استعدادات إنعقاد معرض القاهرة الدولي للكتاب    انخفاض ملحوظ في أسعار الأسماك بأسواق الإسكندرية.. البلطي ب70 جنيها    الخميس.. محمد ثروت ومروة ناجى بقيادة علاء عبد السلام على مسرح النافورة    برا وبحرا وجوا.. جيش الاحتلال يواصل انتهاكاته لاتفاق غزة    نقيب المحامين يترأس اليوم جلسة حلف اليمين للأعضاء الجدد    الزراعة تبحث مع بعثة الايفاد دعم جهود التنمية الزراعية المستدامة في صعيد مصر    اليوم، ختام تعديل رغبات الانضمام لعضوية اللجان النوعية بمجلس الشيوخ    تامر أمين عن سرقة مجوهرات نابليون من اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره يحمد ربنا على نعمة مصر    مخاطر تقديم الكافيين للأطفال الأقل من 12 عاما    أمريكا وأستراليا توقعان إطارا للمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة    تصريحات ذكرتنا بالحقائق    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي القاهرة وكفر الشيخ    أمينة خليل: أنا وسط البنات اللي في جيلي تأخرت شوية في الجواز    الخارجية الروسية: لم يتم الاتفاق على عقد لقاء بين لافروف وروبيو    نيويورك تايمز: إدارة ترامب تضغط على نتنياهو لعدم تقويض الاتفاق مع حماس    جامعة قنا تطلق مشروع التطوير الشامل للمدن الجامعية    "تأهيل وتوعية الطلاب بدور المشروعات المتوسطة والصغيرة فى تعزيز الاقتصاد".. ندوة ب"طب بيطري بنها"    وليد عبداللطيف: الأهواء الشخصية تسيطر على اختيارات مدربي المنتخبات الوطنية    ناهد السباعي: «السادة الأفاضل» ليس فيلم ممثل واحد.. ولم أشعر بصغر مساحة الدور    مع اقتراب دخول الشتاء.. أبراج تبحث عن الدفء العاطفي وأخرى تجد راحتها في العزلة    مصطفى هريدي: لا أرفض العمل ولكن لا أحد يطلبني.. وأعيش من التجارة حاليًا    ياسين منصور: لا ديكتاتورية في الأهلي.. وهذه تفاصيل جلستي مع الخطيب    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    المشرف على رواق الأزهر عن جدل مولد السيد البدوي: يجب الترحم عليهم لا الرقص عند قبورهم    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    إصابة 13 شخصا إثر انقلاب ميكروباص فى العياط    بسبب 200 جنيه.. مقتل فكهاني طعنا على يد سباك في الوراق    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    وزير الصحة يتابع نتائج زيارته إلى الصين لتعزيز التعاون في الصناعات الدوائية والتحول الرقمي    أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    بيان عاجل لوزارة العمل حول زيادة الحد الأدنى للأجور    متحدث «الشباب والرياضة» يكشف أزمة الإسماعيلي بالتفاصيل    موعد مباراة برشلونة وأولمبياكوس بدوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها؟.. دار الإفتاء تحسم الأمر    اتحاد "شباب يدير شباب" (YLY) ينظم جلسة تدريبية حول مهارات التواصل الفعّال ضمن برنامج "تماسك"    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الثلاثاء 21102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعم .. سنقتحم الممر

كثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن مشروع د.فاروق الباز المعروف باسم ممر التنمية إلا أنه كثرت ايضا المعارضات للمشروع. وبين مؤيد للمشروع يصور انه سوف ينقل مصر نقلة نوعية الى الامام ويزيد من مساحة ال 6% التى نعيش عليها، وبين معارض للمشروع الذى يصور ان المشروع لا فائدة منه وان مجرد التفكير لهو عبث وغير مبنى على اساس علمى كتعبير أحد المعارضين.
والغريب بل الغريب جدا انه عندما كان يطرح المشروع فى عهد النظام السابق كان يقابل بالصمت تارة وبالوأد تارة اخرى حتى قلنا ان الحكومة تقضى على اى فكرة جيدة (كما قضت على فكرة زويل) وان الحكومة السابقة عميلة لا تريد لمصر النمو والتقدم. وقد بدا للوهلة الاولى بعد نجاح الثورة أن هذا المشروع سوف يرى طريقه للنور.. بل وقد أعلن د.عصام شرف ان ممر التنمية من اولويات الحكومة وأنه سوف يتم عمل اكتتاب شعبى للمشروع. أما الآن فقد تعالت اصوات المعارضين بشدة وبشكل يفوق اصوات المؤيدين. بل وقد تم طرح مشروعات بديلة مثل مشروع اعادة توزيع السكان د.ممدوح حمزة.
●●●
والسبب الرئيسى لهذا التعارض هو تعدد التخصصات المطلوبة لدراسة هذا المشروع مثل الجيولوجيا وابحاث التربة، وابحاث المياه الجوفية، والهيدروليكا، والتخطيط العمرانى، الاقتصاد، والعمارة، والانشاءات وغيرها. ولذلك فعندما يتكلم متخصص عن المياه الجوفية مثلا فإنه يتم اختزال المشروع الى هذه الزاوية فقط ولا يتم النظر له كوحدة متكاملة وبذلك تكون النظرة قاصرة. وقد قيل فى ممر التنمية ما قاله مالك فى الخمر، فعلى سبيل المثال:
● قال د.ممدوح حمزة «لا أرى جدوى اقتصادية من مشروع ممر التنمية الفاشل» (الشروق 16 ابريل 2011).
● بينما وجه الدكتور رشاد بيومى، انتقادات لاذعة إلى مشروع ممر التنمية واصفا المشروع بأنه «لا يقوم على أى أساس علمى أو استراتيجى»، (الشروق: 18 ابريل 2011)
● وحذر د.عنتر أبوقرين فكتب «فإن أكثر من 80 % من مشروعات «ممرات التعمير» حول العالم قد فشلت اقتصاديا وبيئيا» (الشروق: 14 ابريل 2011).
● وقال د.مصطفى السعيد مشككا فى المشروع: «إن عائده، بافتراض جدواه الاقتصادية، سيكون على المدى البعيد، وهو ما لا يستطيع تحمله إلا الاقتصادات ذات القدرة الذاتية على التمويل» (الشروق :5 مايو 2011).
● وقال د. مغاورى شحاتة «ومن ثم فإن مقترح الدكتور الباز الذى أسسه على وجود مياه جوفية للتنمية الزراعية مؤسس على معلومات مغلوطة وغير صحيحة عن المياه الجوفية، وأنه يجهل علومها وظروف وجودها ومن ثم جاء مشروعه على غير أساس علمى». (المصرى اليوم 7/ 5/ 2011).
ومميزات إقامة ممر التنمية واضحة مثل فتح مجالات جديدة للعمران بالقرب من أماكن التكدس السكانى واستصلاح الأراضى غرب الدلتا، وربط منطقة توشكى وشرق العوينات وواحات الوادى الجديد وفتح آفاق جديدة للعمل الوطنى الجاد وزرع الأمل لدى شباب مصر فى مشروع وطنى من الطراز الأول.
●●●
نعم سنقتحم الممر ولكن يجب ان نتذكر كما فى فيلم الناصر صلاح الدين «يا صلاح الدين انت تريدنى على الممر وانا قادم اليك فى الممر» فإن اقتحام الممر له العديد من المحاذير يجب ان نعيها جيدا حتى لا نتعرض للفشل وتهزمنا الصحراء. ففى كل الاحوال يظل مشروع ممر التنمية مشروعا ممتازا يستحق ان نلتف حوله، ولكن هل هناك محاذير وتدابير نريد أن نتأكد منها قبل المضى قدما فى المشروع؟.. بكل تأكيد واليك بعض من هذه الخواطر:
1 - يجب ترتيب الدولة من الداخل وتنمية المتاح من الوادى القديم وانتظام الحياة وعودة الأمن ثم نبدأ فى الخروج من الوادى الضيق. ولذلك فإن تنمية أى ممر لابد وان تكون ذات أولوية متأخرة فى التنفيذ ولكن يمكن ان نبدأ مرحلة الدراسات والابحاث. وطبقا لستيفن كوفى فى ترتيبه للأولويات متحدثا عن فن ادارة الوقت ان مثل هذا المشروع يقع تحت بند (المهم غير العاجل) بينما مشكلة مثل الامن تندرج تحت (المهم عاجل).
2 - لابد من وجود قاعدة اقتصادية لكل مدينة جديدة فليس بالطرق والمياه تنتعش المدن ولكن يجب ان نرى ما هى الميزة النسبية لكل مدينة على حدة ويتم تعظيمها فليست كل المدن سوف يكون اساسها زراعيا.
3 - رغم ان ممر التنمية له بعض العيوب الواضحة مثل قلة المياه عن الممر الاخر المقترح من د.ممدوح حمزة الا انه يتفوق عليه فى عدة عناصر منها القرب من وادى النيل وسهولة التنمية وسهولة الانتقال.
ذلك لان فكرة مشروع إعادة توزيع السكان ل د.حمزة، ما هى الا عبارة عن ممر موازٍ تقريبا لممر التنمية ولكنه يبعد عنه مئات الكليومترات كما فى (شكل) 1. فبدلا من ميناء العلمين فى مشروع ممر التنمية يكون ميناء سيدى برانى. بل إن بعض نقاط مشروع د.حمزة تكاد تلامس الحدود الليبية (أقل من 100 كم)، وبذلك يصبح من شبه المستحيل تنميته فى الوقت الراهن حتى مع التسليم بوجود المياه فالناس لن تنتقل كل هذه المسافة الضخمة.
4 - ان التجربة الحالية تدلنا ان نجاح المدن الجديدة مقترن بقربها من المدينة الأم فالشيخ زايد و6 أكتوبر والتجمع الخامس هى أكثر التجمعات السكنية نجاحا أما التجمعات البعيدة عن القاهرة مثل السادات وبدر فهى اقل نجاحا. هذا الاتجاه يجب أن يتغير وأن يتم كسره، وهذا لن يتم الا من خلال جعل المدن الجديدة جاذبة ليس فقط من خلال عمل مصانع بل بتوفير الخدمات الاساسية وبأسعار منافسة ووسائل مواصلات حديثة وسريعة تربط الممر بالوادى.
5 - القول إن 80% من ممرات التنمية فشلت وضرب أمثلة بالنهر العظيم فى ليبيا أو مشروع القمح فى السعودية هو مثال غير منطبق تماما على مشروع ممر التنمية فالنهر ليس ممر تنمية ومشروع القمح بالطبع ليس ممر تنمية.
●●●
6 - إن الخلاف على كمية الاراضى التى يمكن استصلاحها واضح بين الفريقين، ولكن حتى اذا افترضنا أسوأ تقدير ان هناك خطأ 50% من كمية الاراضى فذلك يعنى ان مشروع ممر التنمية يوفر أكثر من مليون فدان جديد وكما قلنا من قبل ان القاعدة الاقتصادية لن تكون زراعية لكل المدن فمدينة مثل 6 أكتوبر أو التجمع الخامس لا يوجد بهما أى زراعات.
7 - أيضا تقديرات المياه الجوفية بدقة لمثل هذه المساحة الضخمة لهو أمر ليس بالهين وتباين تقديراته من عالم الى آخر ومن طريقة حساب لأخرى. والذى لا شك فيه ان المياه الجوفية موجودة على أجزاء من الممر ولكن الخلاف على السعة وحد السحب الآمن وعدد سنوات الخدمة. ويمكن التحقق من ذلك بعمل دراسات إضافية وعمل عدة آبار استكشافية على طول الممر.
8 - أما عن قطر انبوب المياه المستخدم فى الشرب وهل يأتى مع المحاور العرضية أم مع المحاور الطولية وكذا عدد وقوة محطات الرفع فهو أمر من السهل حسابه من خلال دراسة الارتفاعات وكمية التصرف المطلوبة ودراسة البدائل المختلفة. ومع ذلك فقد يكون فى المرحلة الاولية سحب المياه مع المحاور العرضية هو الافضل لبعد المحاور الاولية المقترحة عن الجنوب فتكون كلفة المواسير كبيرة كما ان الفاقد نتيجة الاحتكاك يكون كبيرا. مع ملاحظة ان كمية المياه المستخدمة للشخص (كما أوضح د.الباز فى 12/5/2011) سوف تكون واحدة سواء سكن فى الوادى أو فى الممر ولذلك لا معنى للقول إن قاطنى الممر سوف يستهلكون 4 مليارات متر مكعب لأن ذلك سوف يستهلك فى جميع الاحوال نتيجة الزيادة السكانية.
9 - لا خلاف بين الجميع ان تنمية سيناء يجب ان تكون بالتوازى مع ممرات التنمية المقترحة لما لها من بعد استراتجى ووفرة مياه الامطار بها.
●●●
وفى النهاية نقول ان ما لا يدرك كله لا يترك كله فمشروع ممر التنمية به العديد من الجوانب الايجابية كما ان له نواحى سلبية. فالمشروع فى المهد وكما نعلم انه فى المشاريع العملاقة مثل المشاريع الصغيرة تبدأ بفكرة ثم تأخذ هذه الفكرة فى التبلور بل وقد تبتعد احيانا عن الفكرة الاصلية لتصل فى النهاية الى الفكرة النهائية. ويمكن كما أقترح د.الباز البدء بأحد المحاور العرضية وبخاصة القريب من مدينة القاهرة كمشروع تجريبى مما يعطى دفعة للمشروع نتيجة سهولة المواصلات والانتقالات والرخص النسبى لأراضى الممر بحيث قد تدفع الكثيرين الى الحركة فى هذا الاتجاة نحو الصحراء. وعندما تثبت التجربة العملية نجاح الفكرة يمكن ان نقوم بعمل محور عرضى آخر مثل محور طنطا (من إجمالى 11 محورا) مع ربط طولى بين المحورين. وتنمية هذا المربع يحتاج على الاقل الى عشر سنوات عشرين سنة لكى يؤتى ثماره. وبدلا من الجدال الدائر الذى لا طائل منه حيث يقوم كل عالم بهدم فكر الآخر (مع أن كلا الفريقين يحب مصر، ويخاف عليها من الغرق) فيمكن ان نتعاون سويا لتطوير مصر لكى تصبح قاطرة التنمية فى الوطن العربى وتستعيد دورها من جديد حيث كانت دائما سباقة فى الثورات سواء فى 23 يوليو أو فى 25 يناير. وقد يشكك الكثيرون فى إمكانية أن نصبح روادا من جديد لأن المصاعب كثيرة، وكل ما نعدى بحر نلاقى غيره انحفر، ولكن ذلك ليس بمستحيل والتاريخ شاهد على ذلك ولكن ليس بالأغانى والشعارات بل بالعمل الجاد فليس الفتى من قال «كان أبى... بل من قال هاآنذا» ونحن نستطيع.. ونحن نستطيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.