«تشريعية الشيوخ» توافق نهائيا على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون المجلس    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها وجهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية    د. فاديا كيوان: منظمة المرأة العربية تعمل بشكل محترف لخدمة الدول الأعضاء    الثلاثاء.. «النواب» يناقش مشروع قانون العلاوة    "مبادرة كلنا واحد".. الداخلية تطلق قوافل سيارات مجمعة لبيع السلع الغذائية بأسعار مخفضة    محافظ المنوفية: مستمرون في رعاية الفئات الأولى بالرعاية    الحكومة تتجه لطرح المطارات بعد عروض غير مرضية للشركات    قتلى في تحطم طائرة صغيرة في كاليفورنيا    الهلال الأحمر الفلسطيني: شاحنات المساعدات على الحدود ولم تدخل غزة    متحدث «فتح» ينتقد ردود الفعل الأمريكية تجاه إسرائيل    المجلس النرويجي للاجئين: إطلاق الاحتلال النار على الدبلوماسيين لم يكن عرضيًا    بوتين: القوات المسلحة الروسية تعمل حاليًا على إنشاء منطقة عازلة مع أوكرانيا    محافظ الدقهلية: الرئيس السيسي الداعم الأول للشباب ويؤمن بقدرتهم على التغيير    حامد أساسيًا.. تشكيل ضمك الرسمي أمام الفتح في الدوري السعودي    مشاركة ناصر ماهر ومحمود جهاد تدريجياً في تدريبات الزمالك    رسميًا.. لويس كامبوس يجدد تعاقده مع باريس سان جيرمان حتى 2030    الحضري: نفكر في ضم حجازي لمنتخب مصر في كأس العرب    لعدم غلق الباب أثناء الامتحانات.. إحالة مدرسة للتحقيق في قنا    ضبط سجائر مجهولة المصدر ومهربة جمركيا بالإسكندرية    نماذج امتحانات الثانوية العامة خلال الأعوام السابقة.. بالإجابات    بعد إصابته بوعكة مفاجئة.. محمد عبده يكشف تطورات حالته الصحية (فيديو)    مهرجان روتردام للفيلم العربي يحتفي بالفيلم الوثائقي عاشقات السينما في دورته ال25    المجلس النرويجي للاجئين: إسرائيل تضرب بالقوانين والمواثيق الدولية عرض الحائط    أسوان تستعد لإطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل    الدكتور محمد فتح الله خليل مديرا لفرع التأمين الصحي بكفر الشيخ    الجيش الإسرائيلي يسجن ضابط احتياط رفض العودة للحرب في غزة    وزارة البيئة تطلق فعاليات تشاركية في شرم الشيخ بمشاركة 150 فردا وحملة تنظيف كبرى برية وبحرية    وزير الرياضة: تطوير مراكز الشباب لتكون مراكز خدمة مجتمعية    رسميا.. اتحاد الكرة يعلن تعديل موعد كأس السوبر للسيدات    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    استمرار حبس المتهمين بإطلاق أعيرة نارية تجاه مقهي في السلام    وزير الخارجية يؤكد أمام «الناتو» ضرورة توقف اسرائيل عن انتهاكاتها بحق المدنيين في غزة    تعرف على قناة عرض مسلسل «مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    أدعية دخول الامتحان.. أفضل الأدعية لتسهيل الحفظ والفهم    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    الأمن يضبط 8 أطنان أسمدة زراعية مجهولة المصدر في المنوفية    أسرار متحف محمد عبد الوهاب محمود عرفات: مقتنيات نادرة تكشف شخصية موسيقار الأجيال    وفاة شقيق المستشار عدلى منصور وتشييع الجنازة من مسجد الشرطة بأكتوبر اليوم    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    خالد الجندي: يوضح حكم الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة؟    خبير تربوي: تعديلات قانون التعليم مهمة وتحتاج مزيدًا من المرونة والوضوح    ماتت تحت الأنقاض.. مصرع طفلة في انهيار منزل بسوهاج    كرة يد - إنجاز تاريخي.. سيدات الأهلي إلى نهائي كأس الكؤوس للمرة الأولى    أعراض تؤكد الإصابة بحصوات الكلى    «الداخلية»: ضبط 46399 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    كامل الوزير: نستهدف وصول صادرات مصر الصناعية إلى 118 مليار دولار خلال 2030    عاجل.. غياب عبد الله السعيد عن الزمالك في نهائي كأس مصر يثير الجدل    الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية تستضيف اجتماعات مجلس الكنائس العالمي في أثينا    إعلام عبري: إسرائيل تستعد للسيطرة على 75% من أراضي غزة    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 22-5-2025 فى منتصف التعاملات    "التميز في النشر العلمي الدولي" ورش عمل بجامعة حلوان    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعم .. سنقتحم الممر

كثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن مشروع د.فاروق الباز المعروف باسم ممر التنمية إلا أنه كثرت ايضا المعارضات للمشروع. وبين مؤيد للمشروع يصور انه سوف ينقل مصر نقلة نوعية الى الامام ويزيد من مساحة ال 6% التى نعيش عليها، وبين معارض للمشروع الذى يصور ان المشروع لا فائدة منه وان مجرد التفكير لهو عبث وغير مبنى على اساس علمى كتعبير أحد المعارضين.
والغريب بل الغريب جدا انه عندما كان يطرح المشروع فى عهد النظام السابق كان يقابل بالصمت تارة وبالوأد تارة اخرى حتى قلنا ان الحكومة تقضى على اى فكرة جيدة (كما قضت على فكرة زويل) وان الحكومة السابقة عميلة لا تريد لمصر النمو والتقدم. وقد بدا للوهلة الاولى بعد نجاح الثورة أن هذا المشروع سوف يرى طريقه للنور.. بل وقد أعلن د.عصام شرف ان ممر التنمية من اولويات الحكومة وأنه سوف يتم عمل اكتتاب شعبى للمشروع. أما الآن فقد تعالت اصوات المعارضين بشدة وبشكل يفوق اصوات المؤيدين. بل وقد تم طرح مشروعات بديلة مثل مشروع اعادة توزيع السكان د.ممدوح حمزة.
●●●
والسبب الرئيسى لهذا التعارض هو تعدد التخصصات المطلوبة لدراسة هذا المشروع مثل الجيولوجيا وابحاث التربة، وابحاث المياه الجوفية، والهيدروليكا، والتخطيط العمرانى، الاقتصاد، والعمارة، والانشاءات وغيرها. ولذلك فعندما يتكلم متخصص عن المياه الجوفية مثلا فإنه يتم اختزال المشروع الى هذه الزاوية فقط ولا يتم النظر له كوحدة متكاملة وبذلك تكون النظرة قاصرة. وقد قيل فى ممر التنمية ما قاله مالك فى الخمر، فعلى سبيل المثال:
● قال د.ممدوح حمزة «لا أرى جدوى اقتصادية من مشروع ممر التنمية الفاشل» (الشروق 16 ابريل 2011).
● بينما وجه الدكتور رشاد بيومى، انتقادات لاذعة إلى مشروع ممر التنمية واصفا المشروع بأنه «لا يقوم على أى أساس علمى أو استراتيجى»، (الشروق: 18 ابريل 2011)
● وحذر د.عنتر أبوقرين فكتب «فإن أكثر من 80 % من مشروعات «ممرات التعمير» حول العالم قد فشلت اقتصاديا وبيئيا» (الشروق: 14 ابريل 2011).
● وقال د.مصطفى السعيد مشككا فى المشروع: «إن عائده، بافتراض جدواه الاقتصادية، سيكون على المدى البعيد، وهو ما لا يستطيع تحمله إلا الاقتصادات ذات القدرة الذاتية على التمويل» (الشروق :5 مايو 2011).
● وقال د. مغاورى شحاتة «ومن ثم فإن مقترح الدكتور الباز الذى أسسه على وجود مياه جوفية للتنمية الزراعية مؤسس على معلومات مغلوطة وغير صحيحة عن المياه الجوفية، وأنه يجهل علومها وظروف وجودها ومن ثم جاء مشروعه على غير أساس علمى». (المصرى اليوم 7/ 5/ 2011).
ومميزات إقامة ممر التنمية واضحة مثل فتح مجالات جديدة للعمران بالقرب من أماكن التكدس السكانى واستصلاح الأراضى غرب الدلتا، وربط منطقة توشكى وشرق العوينات وواحات الوادى الجديد وفتح آفاق جديدة للعمل الوطنى الجاد وزرع الأمل لدى شباب مصر فى مشروع وطنى من الطراز الأول.
●●●
نعم سنقتحم الممر ولكن يجب ان نتذكر كما فى فيلم الناصر صلاح الدين «يا صلاح الدين انت تريدنى على الممر وانا قادم اليك فى الممر» فإن اقتحام الممر له العديد من المحاذير يجب ان نعيها جيدا حتى لا نتعرض للفشل وتهزمنا الصحراء. ففى كل الاحوال يظل مشروع ممر التنمية مشروعا ممتازا يستحق ان نلتف حوله، ولكن هل هناك محاذير وتدابير نريد أن نتأكد منها قبل المضى قدما فى المشروع؟.. بكل تأكيد واليك بعض من هذه الخواطر:
1 - يجب ترتيب الدولة من الداخل وتنمية المتاح من الوادى القديم وانتظام الحياة وعودة الأمن ثم نبدأ فى الخروج من الوادى الضيق. ولذلك فإن تنمية أى ممر لابد وان تكون ذات أولوية متأخرة فى التنفيذ ولكن يمكن ان نبدأ مرحلة الدراسات والابحاث. وطبقا لستيفن كوفى فى ترتيبه للأولويات متحدثا عن فن ادارة الوقت ان مثل هذا المشروع يقع تحت بند (المهم غير العاجل) بينما مشكلة مثل الامن تندرج تحت (المهم عاجل).
2 - لابد من وجود قاعدة اقتصادية لكل مدينة جديدة فليس بالطرق والمياه تنتعش المدن ولكن يجب ان نرى ما هى الميزة النسبية لكل مدينة على حدة ويتم تعظيمها فليست كل المدن سوف يكون اساسها زراعيا.
3 - رغم ان ممر التنمية له بعض العيوب الواضحة مثل قلة المياه عن الممر الاخر المقترح من د.ممدوح حمزة الا انه يتفوق عليه فى عدة عناصر منها القرب من وادى النيل وسهولة التنمية وسهولة الانتقال.
ذلك لان فكرة مشروع إعادة توزيع السكان ل د.حمزة، ما هى الا عبارة عن ممر موازٍ تقريبا لممر التنمية ولكنه يبعد عنه مئات الكليومترات كما فى (شكل) 1. فبدلا من ميناء العلمين فى مشروع ممر التنمية يكون ميناء سيدى برانى. بل إن بعض نقاط مشروع د.حمزة تكاد تلامس الحدود الليبية (أقل من 100 كم)، وبذلك يصبح من شبه المستحيل تنميته فى الوقت الراهن حتى مع التسليم بوجود المياه فالناس لن تنتقل كل هذه المسافة الضخمة.
4 - ان التجربة الحالية تدلنا ان نجاح المدن الجديدة مقترن بقربها من المدينة الأم فالشيخ زايد و6 أكتوبر والتجمع الخامس هى أكثر التجمعات السكنية نجاحا أما التجمعات البعيدة عن القاهرة مثل السادات وبدر فهى اقل نجاحا. هذا الاتجاه يجب أن يتغير وأن يتم كسره، وهذا لن يتم الا من خلال جعل المدن الجديدة جاذبة ليس فقط من خلال عمل مصانع بل بتوفير الخدمات الاساسية وبأسعار منافسة ووسائل مواصلات حديثة وسريعة تربط الممر بالوادى.
5 - القول إن 80% من ممرات التنمية فشلت وضرب أمثلة بالنهر العظيم فى ليبيا أو مشروع القمح فى السعودية هو مثال غير منطبق تماما على مشروع ممر التنمية فالنهر ليس ممر تنمية ومشروع القمح بالطبع ليس ممر تنمية.
●●●
6 - إن الخلاف على كمية الاراضى التى يمكن استصلاحها واضح بين الفريقين، ولكن حتى اذا افترضنا أسوأ تقدير ان هناك خطأ 50% من كمية الاراضى فذلك يعنى ان مشروع ممر التنمية يوفر أكثر من مليون فدان جديد وكما قلنا من قبل ان القاعدة الاقتصادية لن تكون زراعية لكل المدن فمدينة مثل 6 أكتوبر أو التجمع الخامس لا يوجد بهما أى زراعات.
7 - أيضا تقديرات المياه الجوفية بدقة لمثل هذه المساحة الضخمة لهو أمر ليس بالهين وتباين تقديراته من عالم الى آخر ومن طريقة حساب لأخرى. والذى لا شك فيه ان المياه الجوفية موجودة على أجزاء من الممر ولكن الخلاف على السعة وحد السحب الآمن وعدد سنوات الخدمة. ويمكن التحقق من ذلك بعمل دراسات إضافية وعمل عدة آبار استكشافية على طول الممر.
8 - أما عن قطر انبوب المياه المستخدم فى الشرب وهل يأتى مع المحاور العرضية أم مع المحاور الطولية وكذا عدد وقوة محطات الرفع فهو أمر من السهل حسابه من خلال دراسة الارتفاعات وكمية التصرف المطلوبة ودراسة البدائل المختلفة. ومع ذلك فقد يكون فى المرحلة الاولية سحب المياه مع المحاور العرضية هو الافضل لبعد المحاور الاولية المقترحة عن الجنوب فتكون كلفة المواسير كبيرة كما ان الفاقد نتيجة الاحتكاك يكون كبيرا. مع ملاحظة ان كمية المياه المستخدمة للشخص (كما أوضح د.الباز فى 12/5/2011) سوف تكون واحدة سواء سكن فى الوادى أو فى الممر ولذلك لا معنى للقول إن قاطنى الممر سوف يستهلكون 4 مليارات متر مكعب لأن ذلك سوف يستهلك فى جميع الاحوال نتيجة الزيادة السكانية.
9 - لا خلاف بين الجميع ان تنمية سيناء يجب ان تكون بالتوازى مع ممرات التنمية المقترحة لما لها من بعد استراتجى ووفرة مياه الامطار بها.
●●●
وفى النهاية نقول ان ما لا يدرك كله لا يترك كله فمشروع ممر التنمية به العديد من الجوانب الايجابية كما ان له نواحى سلبية. فالمشروع فى المهد وكما نعلم انه فى المشاريع العملاقة مثل المشاريع الصغيرة تبدأ بفكرة ثم تأخذ هذه الفكرة فى التبلور بل وقد تبتعد احيانا عن الفكرة الاصلية لتصل فى النهاية الى الفكرة النهائية. ويمكن كما أقترح د.الباز البدء بأحد المحاور العرضية وبخاصة القريب من مدينة القاهرة كمشروع تجريبى مما يعطى دفعة للمشروع نتيجة سهولة المواصلات والانتقالات والرخص النسبى لأراضى الممر بحيث قد تدفع الكثيرين الى الحركة فى هذا الاتجاة نحو الصحراء. وعندما تثبت التجربة العملية نجاح الفكرة يمكن ان نقوم بعمل محور عرضى آخر مثل محور طنطا (من إجمالى 11 محورا) مع ربط طولى بين المحورين. وتنمية هذا المربع يحتاج على الاقل الى عشر سنوات عشرين سنة لكى يؤتى ثماره. وبدلا من الجدال الدائر الذى لا طائل منه حيث يقوم كل عالم بهدم فكر الآخر (مع أن كلا الفريقين يحب مصر، ويخاف عليها من الغرق) فيمكن ان نتعاون سويا لتطوير مصر لكى تصبح قاطرة التنمية فى الوطن العربى وتستعيد دورها من جديد حيث كانت دائما سباقة فى الثورات سواء فى 23 يوليو أو فى 25 يناير. وقد يشكك الكثيرون فى إمكانية أن نصبح روادا من جديد لأن المصاعب كثيرة، وكل ما نعدى بحر نلاقى غيره انحفر، ولكن ذلك ليس بمستحيل والتاريخ شاهد على ذلك ولكن ليس بالأغانى والشعارات بل بالعمل الجاد فليس الفتى من قال «كان أبى... بل من قال هاآنذا» ونحن نستطيع.. ونحن نستطيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.