وزير الصحة يلتقي الأطباء وأطقم التمريض المصريين العاملين في ليبيا    نواف سلام: العلاقة بين مصر ولبنان أكثر من تبادل مصالح إنها تكامل في الرؤية وتفاعل في المسار وتاريخ مشترك    رئيس الوزراء اللبناني يناقش مع مدبولي التعاون في الطاقة والصناعة والتعليم    وزيرا خارجية مصر والجزائر يبحثان تثبيت وقف إطلاق النار في غزة واستدامته    بوتين: روسيا لا تعتقد أن أوكرانيا مستعدة لمحادثات السلام    سلوت: تجاوزت أزمتى مع محمد صلاح وتنتظره مباريات كبيرة مع مصر    منتخب الجزائر يتلقى ضربة قوية قبل انطلاق أمم أفريقيا    قبل انطلاق كان| القيمة التسويقية لمنتخب السودان    ضبط نحو 100 ألف مخالفة مرورية وفحص 1252 سائقا خلال 24 ساعة    وفاة 7 أشخاص وإصابة 5 آخرين في حريق سيارة سوزوكي على الطريق الإقليمي    آثار حروق وجثة معلقة بجنش المروحة.. اتهام مخرجة مسرح بالتسبب في وفاة نجلها بالعمرانية    زفاف نجل حنان ترك وسط الأقارب ورواد السوشيال يتساءلون عن غيابها    المجلس الأعلى للثقافة يستضيف فعاليات مهرجان القاهرة الدولى للفيلم القصير 2025    وزير الصحة يلنقى نظيره الموريتاني لبحث سبل التعاون    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ سوهاج يتفقدون المنطقة الصناعية غرب جرجا ويزورن مصنع الكومبريسور    أمم إفريقيا - تقرير: حسام عوار يغادر معسكر الجزائر بسبب الإصابة    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 19 ديسمبر 2025    أزمات سد النهضة وغزة والخرطوم أبرزها، رسائل قوية من السيسي لرؤساء فرنسا والسودان والكونغو الديمقراطية    وزير الزراعة يبحث مع مزارعي الإصلاح بالبحيرة وأسوان حلول لرفع الأعباء عن كاهلهم    أحمد عبد الوهاب يكتب: تسريب «مشعل» بين خطاب المقاومة وحسابات الأنظمة    وزير البترول يناقش الخطة الجديدة للاستكشاف والإنتاج مع رؤساء الشركات العالمية العاملة في مصر    انتخابات النواب 2025، ننشر الحصر العددي لدائرة السنبلاوين وتمى الأمديد في الدقهلية    الاحتلال ينصب حاجزا عسكريا عند مدخل ترمسعيا شمال رام الله    محافظ أسيوط يعلن افتتاح صيدلية "إسعاف 24" بحي شرق    جهود متسارعة لإنقاذ اتفاق دمج «قسد» مع الحكومة السورية قبل نهاية العام    وفاة طبيب متأثراً بإصابته إثر طلق ناري أثناء مشاركته بقافلة طبية في قنا    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    خلاف جون إدوارد وأحمد حمدى يعجل برحيله عن الزمالك وبيراميدز يراقب موقفه    تعرف على مسرحيات مبادرة "100 ليلة عرض" في الإسكندرية    بدر الرفاعي: شعرت بألفة خاصة تجاه كتاب «إعلام الجماهير»    غدا السبت ضعف المياه عن مركز ومدينة ناصر ببنى سويف    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة ل 11 درجة    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية تعاملات اليوم 19ديسمبر2025    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    رئيس الوزراء اللبنانى يستقبل مصطفى مدبولى بالسراى الحكومي فى بيروت    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    حمد الله يعتزل اللعب الدولي بعد التتويج بكأس العرب    سنن وآداب يوم الجمعة – وصايا نبوية للحياة اليومية    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    مشاجرة عنيفة وألعاب نارية باللجان الانتخابية في القنطرة غرب بالإسماعيلية، والقبض على 20 متورطا    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، تقدم عيد حماد في دائرة حلوان والتبين والمعصرة    إشادة بمسيرته العلمية.. تكريم دولي للدكتور الخشت في فرنسا| فيديو    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    ننشر المؤشرات الأولية لعمليات فرز الأصوات بالدائرة الثالثة بالشرقية    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصريون.. من ديمقراطية مشوهة إلى فزع الحرية
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 05 - 2012

عندما رفعت الثورة المصرية شعاراتها كان فى صدارة هذه المطالب: الحرية. وعندما تحركت القوى السياسية لتحقيق هذه المطالب اختصرت مفهوم الحرية فى أحد وسائله الاساسية ألا وهى: الديمقراطية ثم عادت إلى اختصار الديمقراطية فى احد آلياتها وهو: صندوق الانتخاب. إن هذا الاختصار المخل لا يعد خطوة فى طريق الديمقراطية كما يدعى البعض، فعلى الرغم من أن عددا غير مسبوق من الدول شهد تحولا ديمقراطيا على مدى الثلاثين سنة الماضية عبر انتخابات منتظمة، فإن عدد النظم غير الديمقراطية التى وصلت للحكم مازال كبيرا، على سبيل المثال، احتفظت النظم الشمولية وما بعد الشمولية بالسلطة فى كوريا الشمالية، كوبا، الصين، لاوس وفيتنام، وكرست العديد من النظم الدينية والعرقية العسكرية على العديد من الدول عبر الآلية الانتخابية، بل وجعلت منها مصدرا للشرعية مثل الحال فى إسرائيل وإيران، علاوة على أن العديد من الدول شهدت عملية من التغير السياسى فى الحكم ولم تسفر أى من هذه التحولات إلا إلى انهيار الدولة واستمرار الحروب الأهلية كما كان الحال فى ليبيريا وكمبوديا والصومال وأفغانستان وزائير.

●●●

فى بعض الحالات الأخرى أدى التحول فى النظام السياسى إلى ظهور نظم أخرى متحايلة على الديمقراطية. ومن هنا بدأ طرح مفهوم جديد هو نظام «الانتخابى السلطوى» «ELECTORAL AUTHORITARIANISM»، وهى تلك النظم التى تتيح تعددية حزبية على كل من المستويين المحلى والقومى، فى حين أنها تجرد الانتخابات من أى فاعلية ممكنة له ويفرز ذلك نظاما انتخابيا سلطويا حتى وإن تعددت الانتخابات المقامة، وهو ما يؤكد أن الانتخابات الحرة والنزيهة إذا لم تتوافر لها البيئة المناسبة والشروط الواجبة، قد تتحول من آلية للتحول الديمقراطى إلى مصدر لتكريس وشرعية نظم شمولية، كما كان الحال فى تجربتنا فى عهد مبارك.

فالديمقراطية هى مكون أساسى فى الحرية إلا أنها ليست كافية للوصول إلى الحرية، والصندوق هو آلية أساسية للديمقراطية لكنه وحيدا لا يحقق هذه الديمقراطية. فالحرية ممارسة ركيزتها الاساسية التنوع وقبول الآخر ولكن يبدو أننا بسبب سنوات من نظام يدعى الديمقراطية ولا يمارسها، لم يغيب ثقافة الديمقراطية وإنما شوه المفهوم وهو ما قادنا إلى حالة فزع من الحرية يشهدها مجتمعنا الآن. فنرى فزعا من التنوع كلما دعت قوى الثورة إلى التجمع فى الميادين عبر اعتبار أن تعدد المنصات خطر يتهدد هذه التجمعات والإصرار على فكرة المنصة الواحدة، علما بأن تعدد المنصات فى ميدان يجمعها معا يعبر فى الحقيقة عن التنوع والقدرة على وجود هذا التنوع فى ساحة واحدة تتحاور معا ويكون الميدان إطار جامع لها، أما فكرة التوحد فهى ليست فقط أسطورة لا يمكن تحققها وإنما كذلك مناقضة لمفهوم الديمقراطية. هذه الحالة تنتقل من مستوى الحراك الثورى إلى مستوى الممارسة السياسية، حيث ينظر الجمهور إلى الأحزاب السياسية باعتبارها عنصرا مفتتا ولا ينتقدون الممارسات الحزبية بل فكرة التحزب فى حد ذاتها وهى الأخرى أسلوب تنظيمى للممارسة الديمقراطية وبدونه لا يمكن إبراز الاختلافات بين الرؤى والتوجهات المختلفة التى يعد التنافس بينها هو محرك الديمقراطية وبدونه تفقد حتى آلية الصندوق أى قيمة لها.

●●●

لا تقتصر هذه الحالة على الجمهور العام وإنما نراها فى خطاب النخبة والتى تنتقد أداء الإعلام ونواب البرلمان واختلافات الأحزاب باعتبار أنها تشتيت للمواطنين ولا تقدم لهم الحقيقة وكأن الحقيقة واحدة ومطلقة وأن الخبر فى كل وسائل الإعلام يجب تناوله بنفس الكيفية وذات التوجه، أما المؤسسات المختلفة من المجلس العسكرى إلى مجلس الوزراء إلى العديد من التنظيمات السياسية والتى تفتقد بسبب طبيعتها أو ثقافتها للديمقراطية فهى تعتبر أى نقد يوجه لها تطاولا وتعتقد أن أى توجه مناوئ لها مؤامرة وتتوحد كمؤسسات فى مواجهة أى رأى مخالف أو توَجه معارض لها. قد يكون هذا مفهوما فى نظام مثل النظام السعودى الذى لم يتحمل ما حدث أمام سفارة دولته فى مصر باعتباره نظاما لا يمتلك هذه الثقافة من الأساس، ولكن أن تكون هذه ذهنية فاعلين سياسيين يدعون قيادة مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية فهذا يعد نذير شؤم ومبشر بأننا نعيد إنتاج ذهنية النظام السلطوى. فالاحتماء بمقولات عن أهمية التوحد والتوافق وشعارات من نوعية «إيد واحدة» فى كل مناسبة، وعدم الإيمان بطبيعة واهمية التنوع والاختلاف لا يمكن أن تقيم نظاما ديمقراطيا وبدون قبول الرأى الآخر والقدرة على تنظيم ساحات الحوار بين الرؤى والتوجهات المختلفة لا يمكن أن ننتقل إلى الحرية وذلك لن يتم إلا بتنظيم هذه الرؤى والتوجهات عبر تنظيمات على غرار الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى والنقابات ودعم ساحات الحوار المتمثلة فى البرلمان والإعلام والاتحادات النقابية وغيرها. ولذلك يجب تطوير البيئة الحاضنة لذلك على مستوى التشريعات والثقافة، ودعم ذلك لا يتم عبر قوانين قمعية إنما من خلال تشريعات تحرر التنظيمات وتنظيم وليس السيطرة على ساحة الحوار. فمن الغريب أن يكون الحديث عن تشريع لتنظيم المظاهرات والاعتصامات قبل الحديث عن قانون الحريات النقابية الذى يسمح للعمال بمختلف فئاتهم من تنظيم نفسهم بشكل حر يمكنهم من التعبير عن ذاتهم ويفوضوا من خلاله من يتفاوض نيابة عنهم، قانون احزاب ديمقراطى لا يحجر على تكوين الأحزاب بأعداد عضوية للتأسيس وشروط مالية مجحفة، وقانون للمجتمع المدنى يحرر هذه المنظمات من قيود الجهة الإدارية والأمنية ويفعل دوره فى المجتمع.

أما على مستوى الساحات فهناك أفكار مثل الهيئة المستقلة الضابطة لأداء الإعلام كبديل لوزارة إعلام توجه الرأى العام وأجهزة تقمع الإعلام الحر، لائحة للبرلمان تخرجه من سيطرة الغالبية وتجعله ساحة للحوار وليس وسيلة لسيطرة حزب الأغلبية أى كانت، بعد كل هذه التشريعات يمكننا الحديث عن دور لقانون لتنظيم المظاهرات والاعتصامات والإضرابات أما قبل ذلك فسنكون فى طريقنا لعمل تشريع لينتهك ولا يلتزم به أحد، وباستكمال هذه المنظومة وعبر الممارسة سنخرج مصر ومواطنيها ومؤسستها من ذهنية السلطوية لثقافة الحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.