مع دخول العالم إلى العصر الرقمى أصبح كل شىء قابلا للغش والتزييف والاستنساخ لترتفع خسائر التجارة الدولية من هذه الظاهرة من 258 بليون دولار عام 2007 إلى 290 بليونا فى 2008 وفقا لما ذكره تود ريفز كبير المحامين بالمكتب الأمريكى لبراءة الاختراع والعلامات التجارية بوزارة التجارة الأمريكية خلال الجلسة الأولى من المؤتمر التى دارت حول «تزييف الماركات التجارية». وأشار إلى أن الاحتيال بالعلامات التجارية أخطر أنواع الجرائم، وقال إن البعض قد يرى أن المشكلة محدودة وأنها جريمة لا يعانى منها سوى الشركات الثرية التى تنتج سلعا غالية، لكن ذلك غير صحيح فغش الأدوية فى مناطق ما وراء الصحراء يؤدى إلى وفاة أشخاص، وللأسف ينتهى مصير الأدوية المغشوشة إلى عرضها فى كبرى الصيدليات والأماكن الشرعية. بالإضافة إلى خسائر القطاع الصناعى بلايين الدولارات وكذلك التجارة العالمية التى تعانى من خسائر تتراوح ما بين 5 7% من حجم التجارة الكلى، وأشار ريفز إلى أن الحكومة الأمريكية أجرت دراسة للتعرف على خسائرها كشفت عن فاقد فى الضرائب وفقد فى الأرواح نتيجة ظاهرة الغش وأن إحصاءات إدارات الأمن وحماية الجمارك والحدود تشير إلى ارتفاع فى قيمة السلع المغشوشة التى ضبطت والتى لا تمثل سوى نقطة فى بحر مقارنة بما لم يتم ضبطه الذى قدر ب125 مليار دولار فى 2006 مؤكدا أن الصين مسئولة عن 85% من حجم السلع المزيفة التى تدخل السوق الأمريكية. وأشار إلى أن الحماية من قرصنة الموسيقى والأفلام وحقوق الطبع والملكية الفكرية كلفت الفيدرالية الأمريكية 307 مليارات دولار، بالإضافة إلى خسائر ضريبية قدرت بمليار دولار سنويا فى وقت وصلت خسائر شركة مثل كوكاكولا من استخدام آخرين لعلامتها التجارية نحو 70 مليون دولار مشددا على أهمية توافر نظم قانونية وتنسيق بين وزارات العدل والجمارك وأجهزة حماية المستهلك لمكافحة هذه الظاهرة. تجارب مصرية استعرض المؤتمر تجارب مصرية حول الغش وتقليد العلامات التجارية لبعض الشركات التى تعمل فى السوق، حيث أشار محمد سلطان المدير العام بشركة بروكتيل جامبل إلى اكتشاف وجود منتج مزيف يحمل العلامة التجارية لشركته، حيث توضع مساحيق غسيل رخيصة فى عبوات الشركة وتباع على أنها أصلية، بالإضافة إلى غش فى منتجات الشركة من الشامبو، مشيرا إلى سهولة الغش فى هذا المنتج باعتباره سائلا، خاصة وأنه يتداول فى عبوات الشركة الشهيرة . ولفت سلطان إلى اكتشاف الشركة أيضا لغش 30% من منتجها من الشامبو الموجه لأحد أسواق الخليج «عمان» حيث حمل المنتج علامة مزيفة تتشابه لحد كبير مع العلامة التجارية الحقيقية وكان مصدر هذه المنتجات من الصين والتى وصلت قيمتها إلى مليار دولار مثلت خسائر فى الإنتاج بنحو 30% فضلا عن خسائر الدعاية التى تكبدتها الشركة. وقال سلطان لقد اشترطنا على تجار التجزئة مقاطعة المنتج المزيف فى محاولة لتطويق المشكلة، مشيرا إلى أنه رغم وجود قانون لحماية الملكية الفكرية إلا أن التحديات ضخمة وهو ما دفع بروكتيل جامبل إلى التركيز على المنطقة التى تلقى بها الزجاجات الفارغة من منتجات الشركة، وهى منطقة المقطم التى تستخدمها مصانع بير السلم فى تقليد المنتج، حيث يوجد فى هذه المنطقة 50% من قمامة القاهرة وتم الاستعانة ببعض الصبية لجمع نحو مليون عبوة فارغة كانت ستتحول إلى منتجات مزيفة، وعلمنا مئات الأطفال كيفية تدوير هذه المخلفات فى تجربة جديدة على المجتمع المصرى. فى نفس السياق أكد د. هانى لوقا رئيس مجموعة حماية الماركات التجارية بمصر على أن التجارة غير الشرعية تحولت إلى آفة اقتصادية بما تمثله من أضرار فى خداع المستهلك، وعلى قيمة الإنتاج الشرعى وكذلك هروب الاستثمارات، وأشار إلى اكتشاف شركة سيمنز لتقليد منتجاتها من الأدوات الكهربائية بحرفية وباختلاف فى أحد حروف الاسم التجارى لسيمنز بشكل مخادع وعرضها فى أكبر السلاسل التجارية. وقال إن المجموعة أجرت دراسة تناولت الأثر الاجتماعى على التجارة غير القانونية فى 6 قطاعات إنتاجية من بينها صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة والأدوية، والأدوات الكهربائية كشفت عن خسائر اقتصادية بنحو 21 مليار جنيه، و5 ملايين جنيه كانت تأتى من ضرائب عن هذه الصناعات، فضلا عن ضياع نحو 740 ألف فرصة عمل بسبب الغش والتزييف. مشيرا إلى أن مجموعة حماية الماركات العالمية انضم إليها حتى الآن 11 عضوا من كبرى شركات متعددة الجنسية مستهدف الوصول إلى 20 شركة تعمل على رفع الوعى ورصد أساليب التجارة غير الشرعية، فيما أكد الدكتور هانى سرى الدين نائب رئيس الغرفة الأمريكية ورئيس مجلس إدارة مركز الشرق الأوسط للقانون والتنمية على أن الغش التجارى أصبح مشكلة عالمية تسبب قلقا بالغا وعقبة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية بما لها من أثر على الصحة والسلامة. وأشار إلى وجود قوانين لحماية الملكية الفكرية تتطلب تفعيلها وزيادة الوعى بها من قبل القضاة، شاركه الرأى جمال محرم رئيس الغرفة الأمريكية قائلا إن ثقافة الوعى غائبة، ودلل على ذلك بتجربته السابقة كرئيس لأحد البنوك الأجنبية فى مصر حين طلب شراء حبر لماكينات التصوير من ماركات عالمية شهيرة لضمان جودتها، بينما فضل البعض شراء المنتج الأرخص من شركات أخرى، وقال محرم لقد تصور البعض أن إصرارى على رأيى يعنى أنى قد أحصل على رشوة.