استغربنا عندما علمنا بقرار المشير حسين طنطاوى ارسال طائرة محملة بالسلع التموينية إلى محافظة بورسعيد بعد أيام قليلة من المجزرة التى تعرض لها مشجعو فريق النادى الأهلى فى استاد بورسعيد. وبعدها تبين أن هناك «حالة حصار» غير معلنة على المدينة من بعض التجار والمواطنين الغاضبين.. الأمر بدأ يتضح أكثر مع دعوات هيئات وجمعيات وأحزاب لإرسال قوافل مساعدات مادية ومعنوية إلى المدينة لكسر الحصار ثم شهدنا مؤخرا مسيرات ترفع شعار «بورسعيد بريئة من المؤامرة الدنيئة».
سألت بعض مواطنى المدينة فقالوا إن حالة الحصار موجودة وإن بعض مواطنى بورسعيد فضل عدم الخروج من مدينته خوفا من انفعال هنا أو هناك قد يكلفه حياته لمجرد أنه بورسعيدى.
إذن هناك مشكلة حقيقية، لا ينفع معها الإنكار، مثلما نفعل مع قضايا الفتنة الطائفية والاكتفاء بعناق الشيخ والقسيس وكأن شيئا لم يكن.
المشكلة واضحة والامر المؤكد أن بعض مواطنى بورسعيد شاركوا فى المجزرة وتنظيم مليون مسيرة لن يمحو ذلك.
لجنة تقصى الحقائق التى شكلها مجلس الشعب ألقت فى تقريرها المبدئى بالمسئولية على جمهور المصرى وأجهزة الأمن وهيئة استاد بورسعيد والشحن الإعلامى.
ما تسرب من تقديرات بعض أعضاء اللجنة ولم ينشر هو انه وحتى هذه اللحظة فإن بعض جمهور النادى المصرى هو المتهم الرئيسى ثم جهاز الأمن والأخير هناك انقسام بشأن حجم دوره: هل كان الأمر تقصيرا أدى إلى الكارثة أم تواطؤا ومشاركة كاملة؟!.
بعض التسريبات منقسمة أيضا حول دور بعض الجمهور المتطرف: هل كان الأمر مجرد «علقة ساخنة» لجمهور الأهلى وخرج الأمر عن السيطرة فتمت المذبحة، أم أن هناك حالة من «سبق الاصرار والترصد»؟.
بعض أعضاء لجنة تقصى الحقائق واثق من وجود دور لما يطلق عليهم «الفلول» لكنهم لم يتمكنوا من ربطهم بدليل محدد حتى هذه اللحظة.
اذن السؤال هل الذين ارتكبوا الجريمة «كائنات فضائية» هبطت على بورسعيد دون أن يراهم أحد؟!.
طبعا ذلك غير صحيح، وهناك متهمون محددون بالاسم، وبعضهم تفاخر بدوره بعد الكارثة مباشرة.
إذن ما هو العمل للخروج من هذه المعضلة بأقل الخسائر الممكنة لكل مصر؟!.
الحل بسيط وهو أن نتحلى بالشجاعة ونواجه المشكلة بحسم..
تستطيع السلطات المختصة الضغط على كل أجهزتها لتقدم ما لديها من معلومات لجهات التحقيق، وأن يتم توقيع أقصى العقوبات على المتهمين الذين نفذوا الجريمة بأيديهم أو الذين قصروا عن أداء الواجب.. إذا حدث ذلك فإن ذوى الشهداء والمصابين سوف يشعرون بأن جزءا من القصاص قد تم وبعدها نحاول أن نصل إلى الجناة الكبار.
اما الكارثة الكبرى فهى التعامل مع كل أهل بورسعيد باعتبارهم مشاركين فى المجزرة، وبالتالى فإن من يفعل ذلك يشارك فى جريمة أكبر هى التشجيع على حرب أهلية بين المدينة وكل مصر.
فى بورسعيد مثل كل المحافظات هناك أناس محترمون جدا وقلة من المتطرفين والمتعصبين، ينبغى أن تنال العقاب المشدد إذا ثبت تورطها.
لنضرب بشدة على المتورطين ليس فقط ليكونوا عبرة لغيرهم، لكن وهذا هو الأهم لكى نمنع جريمة أكبر ستقع فى المستقبل.
عدم المحاسبة للجناة ستجعل كل أب أو قريب لشهيد يتعامل مع الأمر باعتباره ثأرا شخصيا سيتحين الفرصة لينتقم من كل ما هو بورسعيدى.
كل تأخير عن التحقيق الجاد وكشف المتورطين والمحرضين والمنفذين هو أفضل خدمة يمكن تقديمها للفلول. علينا أن نبذل كل جهد لعدم خسارة بورسعيد ثم نفأجا بأنها تحولت الى سيناء جديدة.