وزير العدل يتفقد أعمال تطوير محكمة جنوب الجيزة الابتدائية (صور)    نقيب المحامين يحذر من القرارات الفردية في التصعيد بشأن أزمة الرسوم القضائية    مصرع مسجل خطر في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بقرية «حمرة دوم» في قنا    جولة تفقدية لوزير السياحة والآثار بدير أبومينا ومارمينا بالإسكندرية    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب (فيديو)    وزير الصحة من جنيف: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي لبناء مستقبل صحي لأفريقيا    توقيع بروتوكول تعاون لتشغيل مبنى السلطان حسين بالإسكندرية وتحويله إلى مركز للعرض المتحفي والفني    أسرة عبد الحليم حافظ تصدر بيانا لإنهاء جدل زواجه من سعاد حسني وتطالب عائلة السندريلا بتقديم أصل عقد الزواج العرفي    بسمة نبيل تنضم إلى فريق عمل فيلم بنات فاتن    الأسهم الأمريكية تتجه نحو تسجيل أول تراجع منذ 7 أيام    الشيباني: قرار رفع العقوبات الأوروبية يعزز الأمن والاستقرار والازدهار في سوريا    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة للمنطقة الغربية    الجامعة العربية ترحب بتعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان    تقارير: برشلونة يستهدف التعاقد مع لويس دياز من ليفربول مقابل 85 مليون يورو    القباني: معسكر الإسماعيلية أفاد الزمالك.. ولا نفكر سوى في مباراة بتروجيت    محافظ الإسكندرية: السيسي وجّه بإحياء «أبومينا».. والتطوير يشهد إشادة من اليونسكو    الخطيب يقود حملة لإزالة التعديات على أملاك الدولة بالقليوبية    هربوا من الحر فاحتضنتهم الترعة.. نهاية مأساوية لثلاثة أطفال غرقوا بقرية درين في نبروه بالدقهلية    وزير الصحة: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي للمنتجات الصحية من أجل مستقبل أفضل    الإسكان: تفاصيل طرح سكن لكل المصريين 7 غدا ومميزات المبادرة    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    اتحاد الكرة يستقر على تغيير ملعب نهائي كأس مصر للسيدات    القائم بأعمال سفير الهند: هجوم «بهالجام» عمل وحشي.. وعملية «سيندور» استهدفت الإرهابيين    أول رد من بيراميدز على تصريحات سويلم بشأن التلويح بخصم 6 نقاط    غدا.. طرح الجزء الجديد من فيلم "مهمة مستحيلة" في دور العرض المصرية    بآلة حادّة.. شاب يقتل والدته جنوبي قنا    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    لابورتا: لامين يامال مشروع نجم مختلف عن ميسي    بعد 9 سنوات.. تطوير ملاعب الناشئين في نادي الزمالك    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    رئيس الوزراء يعرب عن تقديره لدور «السعودية» الداعم للقضايا العربية    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    مشاهدة مباراة الأهلي والزمالك بث مباشر اليوم في نصف نهائي دوري سوبر السلة    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    الصور الأولى من كواليس فيلم «بنات فاتن» بطولة يسرا وباسم سمرة    مهرجان كان يمنح دينزل واشنطن السعفة الذهبية بشكل مفاجئ |صور    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    حكومة بلجيكا تتفق على موقفها بشأن الوضع في قطاع غزة    جامعة سوهاج تعلن انطلاق الدورة الرابعة لجائزة التميز الحكومى العربى 2025    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا نحتاج من الدستور المقبل؟
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 05 - 2012

بناء نظم حكم جديد ليس مجرد عملية نقل من الآخرين أو اختيار نظام من بين أنظمة الحكم المعروفة. فالعملية أعقد من هذا، وهى تبدأ من واقع المجتمع وأولوياته فى لحظة تاريخية معينة، وتمر بتجارب الدول الأخرى للاستفادة وأخذ العبر والدروس، وتنتهى بترجمة مطالب الشعب إلى ترتيبات مؤسسية وأطر قانونية ودستورية وسياسية تشكل معا ملامح النظام المنشود. ويتوقف نجاح هذه العملية على وعى وسلوك الفاعلين السياسيين الرئيسيين من نخب وقوى سياسية وعلى نجاحهم (فى أثناء وضع الدستور وبناء مؤسسات النظام الجديد) فى وضع آليات وضمانات وحوافز محددة لفاعلية مؤسسات الدولة.

ولهذا فالدول التى شهدت انتقالا ديمقراطيا حقيقيا وضعت دساتير ديمقراطية تقوم بوظيفتين محوريتين؛ الأولى: وضع أسس الدولة الحديثة والنظام الديمقراطى الجديد من حيث المرجعية العليا ومن حيث مؤسسات الحكم والدولة وطبيعة العلاقات بين هذه المؤسسات، ومن حيث ضمانات حماية الحقوق والحريات للأغلبية وللأقليات وضمانات فاعلية قنوات المشاركة السياسية. والثانية: وضع أسس لفك عُرى الاستبداد وحماية البلاد من أى انتكاسة تعود بها إلى الوراء.

●●●

فى الحالة المصرية، هناك أولويتان أساسيتان تحتاجان إلى آليات وحوافز محددة..

الأولى: حكم القانون وتقيد الجميع بالدستور والقانون وإلغاء كل الاستثناءات. هذه الأولوية هى الأساس الأول لدولة المؤسسات الديمقراطية. وهنا نحتاج من الدستور المقبل وضع حوافز ترفع تكلفة اختراق أى فرد أو جماعة أو مؤسسة للدستور والقانون، وحوافز تدفع كل الفاعلين السياسيين إلى التقيد بأسس وقيم الديمقراطية وتشجعهم على التعاون والحلول الوسط، ونحتاج إلى وضع عقوبات محددة على مخترقى القانون مع تغليظها للمسئولين. بجانب وضع كل الضمانات والآليات الكفيلة باستقلال القضاء، وتفعيل كل أشكال الرقابة القضائية فى القضاء الإدارى وفى المحكمة الدستورية العليا، وإلغاء كل المحاكم الاستثنائية.

كما نحتاج إلى دستور يضمن أن تكون أفعال كل المسئولين المنتخبين قانونية ويكفل أن يخضع هؤلاء لمراقبة مؤسسات رقابة متعددة (المحاسبة الأفقية)، ويضمن أيضا محاسبة المسئولين من قبل الناخبين (المحاسبة الرأسية) عن طريق تبنى بعض أوجه الديمقراطية شبه المباشرة كحق المواطنين فى إقالة المسئولين المنتخبين أو اقتراح مشاريع قوانين أو الاعتراض على القوانين الصادرة عن مجلس الشعب.

ونحتاج من الدستور التذكير دوما بعدم خضوع المؤسسات المدنية المنتخبة (البرلمان والرئيس والوزارة) إلى أى مؤسسة أو جهة غير منتخبة كالمؤسسة الدينية أو المؤسسات العسكرية والأمنية، ووضع كل الآليات التى تضمن هذا.

وهنا لا يجب أن يقنن الدستور أى وضع استثنائى للمؤسسات العسكرية والأمنية، بل على العكس تماما لابد من العمل على توفير حوافز محددة لزرع القيم الديمقراطية لدى أفراد المؤسسات العسكرية والأمنية والمخابراتية، وعلى رأسها احترام الدستور والقانون والخضوع لهما وتبعية وطاعة هؤلاء للمؤسسات المنتخبة من الشعب، وذلك كما فى دساتير أمريكا وألمانيا والهند وغيرها. مع تفعيل كافة سبل الرقابة على هذه المؤسسات من قبل البرلمان وأجهزة الرقابة المالية والمحاسبية والقضائية ومكتب النائب العام ومفوضيات حقوق الإنسان ومكافحة الفساد وغيرها، ومن قبل أجهزة الرقابة الداخلية أيضا.

وسيستلزم هذا تغييرات أخرى تدريجية فى القوانين المنظمة لهذه المؤسسات وفى مناهج التعليم المعتمدة داخلها، بل وفى القَسَم التى يتلوه أعضاؤها، والذى أقترح أن يتضمن طاعة الدستور والمؤسسات السياسية المنتخبة ديمقراطيا كبديل للنص الحالى الذى يقسم فيه العسكرى على أنه سيكون «مخلصا لرئيس الجمهورية»، ولتضاف العبارة المقترحة إلى النص الحالى الذى يشير إلى الأوامر العسكرية وأوامر القادة.

ولمواجهة الإرث الاستبدادى وتقديس الزعيم يجب، على صعيد المؤسسات السياسية، تبنى النظام المختلط مع وضع أطر دستورية وقانونية لضمان توزيع وظائف السلطة التنفيذية على الرئيس والوزارة، وضمان التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لتقليل الصراع بينهما وضمان استقرار الوزارات، أى حق الرئيس ورئيس الوزراء معا فى حل مجلس الشعب مقابل حق البرلمان فى مساءلة الوزارة وسحب الثقة منها.

●●●

الأولوية الثانية: دعم تعاون وتقارب الأطراف المختلفة داخل كل المؤسسات السياسية الرسمية وغير الرسمية. ففى البرلمان يمكن تبنى نظام المجلسين، على أن يتم تمثيل فئات المجتمع المختلفة وكل الكفاءات داخل مجلس الشورى بطريقة الانتخابات غير المباشرة، وإسناد مهام تشريعية ورقابية حقيقية له.

بجانب وضع حوافز لتعاون الأحزاب وتقاربها داخل البرلمان كنظام اللجان الذى يقوم على إسناد رئاسة عدد من اللجان إلى أحزاب المعارضة (الأقلية) أو اشتراط موافقة كل الأعضاء باللجان، وتبنى نظام لإدارة الجلسات وتوزيع وقت المناقشات بشكل يتيح لأحزاب المعارضة الوقت الكافى، وتبنى ترتيبات لمنع ابتزاز الأحزاب الصغيرة عند تشكيل الائتلافات الحكومية كاشتراط أنه لا يمكن إسقاط الحكومة بسحب الثقة منها إلا إذا كان هناك بديل حكومى جاهز، واشتراط حد أدنى من المقاعد للمشاركة فى الحكومات الائتلافية لتشجيع تحالف الأحزاب والحد من ابتزاز الأحزاب الصغيرة، أو اشتراط أن تكون أول حكومة بعد الدستور حكومة وحدة وطنية، وغير ذلك.

ونحتاج أيضا إلى تبنى نظام انتخابى يرفع تكلفة الانقسامات الحزبية ويشجع اندماج الأحزاب ودمج الشباب والمرأة والأقليات، ووضع ترتيبات مؤسسية ودستورية تشجع توافق الأحزاب وتقاربها قبل الانتخابات وداخل البرلمانات كنظام القوائم غير المشروطة التى تسمح بتحالف الأحزاب وبدخول مستقلين، وكرفع نسبة الحسم لدخول البرلمان تشجيعا للتحالفات الانتخابية، أو منح اعتمادات مالية من موازنة الدولة للأحزاب التى تحصل على عدد محدد من المقاعد وربط حجم هذه الاعتمادات تصاعديا بعدد المقاعد.

ومن الأهمية تبنى نظام حزبى يتضمن حوافز تدفع نحو ديمقراطية الأحزاب من الداخل كاشتراط إجراء انتخابات داخلية لاختيار القيادات والمرشحين للانتخابات، وآليات لفض النزاعات داخلها، وضمانات لشفافية تمويل الأحزاب والحملات الانتخابية، وللطابع الاندماجى لكل حزب لضمان تمثيل كل الفئات داخل هيئاته العليا، بجانب ضمانات إعلاء المصلحة العامة فى برنامج الحزب، وسلمية وسائله.

●●●

وفى النهاية يجب القول أن الدستور الديمقراطى هو تعاقد مجتمعى متجدد، يوضع بالتوافق بين القوى السياسية والمجتمعية ويظهر كحل وسط تاريخى، وهو لا يحقق مطالب كل الأطراف، وإنما بعضا من مطالب كل طرف، وهو قابل دوما للتعديل داخل البرلمان بأغلبية معينة واستفتاء شعبى (الدستور البرازيلى عدل 76 مرة منذ وضعه فى 1988 ودستور جنوب أفريقيا عدل 16 مرة منذ 1994).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.