«الاقتصاد المنزلي» يعقد مؤتمره العلمي السنوي ب«نوعية المنوفية»    سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 13-5-2025 مع بداية التعاملات    منظمة الطيران المدني تُحمل روسيا مسؤولية إسقاط طائرة الرحلة "إم إتش 17"    إسرائيل: قصفنا مركز قيادة لحماس داخل مستشفى في غزة    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مواجهات اليوم الثلاثاء    أتربة تغطي المحافظات وأمطار، الأرصاد تحذر من طقس اليوم وتكشف عن سيناريو الصعب    بيان هام من محامية بوسي شلبي بشأن اتهامات خوض الأعراض: إنذار قانوني    تشكيل الأهلي المتوقع أمام سيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    حكام مباريات اليوم في الدوري| "الغندور" للزمالك وبيراميدز و"بسيوني" للأهلي وسيراميكا    قصر في السماء| هدية قطر إلى «ترامب».. هل تصبح بديلة «إير فورس ون»؟    حبس عصابة «حمادة وتوتو» بالسيدة زينب    3 شهداء وإصابات جراء قصف الاحتلال خيمة نازحين في خان يونس    مستشفى سوهاج العام يوفر أحدث المناظير لعلاج حصوات المسالك البولية للأطفال    تراجع أسعار النفط عن أعلى مستوياتها في أسبوعين بعد اتفاق أمريكا والصين    أديب عن انقطاع الكهرباء مع ارتفاع الحرارة: "تخفيف أحمال" أم "حوادث متفرقة"؟    ارتفاع أسعار الأسهم الأمريكية بعد إعلان الهدنة في الحرب التجارية    «الاتصالات» تطلق برنامج التدريب الصيفي لطلاب الجامعات 2025    الأهلي يحصل على توقيع موهبة جديدة 5 سنوات.. إعلامي يكشف التفاصيل    تفاصيل.. مؤتمر الاتحاد المصري لطلاب الصيدلة في نسخته الرابعة    رئيس شركة شمال القاهرة للكهرباء يفصل موظفين لاستغلال الوظيفة والتلاعب بالبيانات    الدولار ب50.45 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 13-5-2025    ترامب: نصدق كلام الحوثيين بشأن التوقف عن استهدافنا    رعب أمام المدارس في الفيوم.. شاب يهدد الطالبات بصاعق كهربائي.. والأهالي يطالبون بتدخل عاجل    «اعترف بتشجيع الزمالك».. نجم الأهلي السابق ينفجر غضبًا ضد حكم مباراة سيراميكا كليوباترا    دي ناس مريضة، مصطفى كامل يرد على اتهامه باقتباس لحن أغنية "هيجي لي موجوع"    مواعيد أهم مباريات اليوم الثلاثاء في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جولة تفقدية لمدير التأمين الصحي بالقليوبية على المنشآت الصحية ببهتيم    بعد مقتله.. من هو غنيوة الككلي؟    بعد اطمئنان السيسي.. من هو صنع الله إبراهيم؟    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية بمحافظة المنيا للفصل الدراسي الثاني 2025    السيطرة على حريق نشب في حشائش كورنيش حدائق حلوان    انفجار أسطوانة غاز السبب.. تفاصيل إصابة أم وطفليها في حريق منزل بكرداسة    ثبات سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن الثلاثاء 13 مايو 2025 (بداية التعاملات)    كيف ردت سوريا على تصريحات ترامب بشأن رفع العقوبات؟    علي صالح موسى: تجاوب عربي مع مقترح دعم خطة الاحتياجات التنموية في اليمن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    محافظ سوهاج: تشكيل لجنة لفحص أعمال وتعاقدات نادي المحليات    قناة السويس تجهز مفاجأة لشركات الشحن العالمية (تفاصيل)    الكشف على 490 مواطناً وتوزيع 308 نظارات طبية خلال قافلة طبية بدمنهور    بعت اللي وراي واللي قدامي، صبحي خليل يتحدث عن معاناة ابنته مع مرض السرطان (فيديو)    يلا كورة يكشف.. التفاصيل المالية في عقد ريفيرو مع الأهلي    تحت شعار «اكتشاف المشهد».. «أسبوع القاهرة للصورة» يواصل فعاليات دورته الرابعة بدعم غزة (صور)    5 أبراج «لو قالوا حاجة بتحصل».. عرّافون بالفطرة ويتنبؤون بالمخاطر    كشف لغز العثور على جثة بالأراضي الزراعية بالغربية    سقوط طفل من مرتفع " بيارة " بنادي المنتزه بالإسماعيلية    إيمان العاصي في "الجيم" ونانسي عجرم بفستان أنيق.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    قبل عرضه على "MBC".. صلاح عبدالله ينشر صورة من كواليس مسلسل "حرب الجبالي"    أميرة سليم تحيي حفلها الأول بدار الأوبرا بمدينة الفنون والثقافة في العاصمة الإدارية    انتحار شقيقي الشاب ضحية بئر الآثار في بسيون بالغربية    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟| الإفتاء تجيب    جامعة القاهرة تحتفل بيوم المرأة العالمي في الرياضيات وتطلق شبكة المرأة العربية- (صور)    منتخب مصر للباراسيكل يكتسح بطولة إفريقيا لمضمار الدراجات ويحصد 29 ميدالية.    جدول امتحانات المواد غير المضافة للمجموع للصف الثاني الثانوي ببورسعيد(متى تبدأ؟)    اعتماد 24 مدرسة من هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد بالوادي الجديد    طفل ينهي حياته داخل منزله بالإسماعيلية    عالم بالأزهر: هذا أجمل دعاء لمواجهة الهموم والأحزان    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلف ثلاثى جديد للحرب على إيران
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 03 - 2012

باختصار... قضِىَ الأمر وافرنقع العرب فإذا بلادهم أرخبيل من الجزر المتباعدة:

انفصل الأغنياء بذهبهم، الأسود منه والأبيض، فى الجزيرة والخليج، وان استخدموا بعضه لتدجين الانتفاضات أو لتغذية حركات التمرد فى الدول العاصية والمارقة فى تقديرهم على الدين الحنيف.

وعادت دول شمال أفريقيا العربية تحاول إحياء الاتحاد المغاربى مع توسيعه ليشمل موريتانيا المنسية، بالانبعاث الإسلامى وقد تم تزيينه بورد الربيع العربى الذى جاءته هويته من خارجه..

أما دول المشرق المحيطة بفلسطين فقد حوصرت فى انتظار أن يتوب أهلها ويرجعوا إلى بيت الطاعة معلنين براءتهم من شبهة العلاقة مع إيران التى حلت محل إسرائيل بوصفها العدو القومى منذ فجر التاريخ، بينما اليهود من أهل الكتاب.. ثم إن أرض الله واسعة تتسع لدولتهم الصغيرة التى يمكن التفاهم معها عبر القيادة العليا فى واشنطن، فضلا عن كونها الحليف الطبيعى فى مواجهة المد الفارسى.

أسقطت الهوية الجامعة، وعادت دول هذه المنطقة التى استولدت على عجل، بعضها على قاعدة طائفية، وبعضها الآخر على قاعدة نفطية، وبعض ثالث من حول قاعدة عسكرية أو حتى على قاعدة من غاز إلى التباعد والمخاصمة... بالسلاح!

فجأة عادت ترتفع شعارات السيادة والاستقلال والقرار الوطنى الحر فى دول كنا نحسب أنها مستقلة وسيدة قرارها ولها مقعدها فى الأمم المتحدة بمنظماتها كافة وفى الجامعة العربية وفى المؤتمر الإسلامى.. إلخ.

وتهاوت جامعة الدول العربية مخلية مكانها أو مسخرة اسمها وتاريخها لنفوذ مؤسسات مستولدة حديثا أو كان لها وجود رمزى وغير فاعل، قبل أن «تجير» صلاحياتها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيها، تحت ضغط «عروض لا يمكن رفضها» جمعت من حولها أكثرية « الأصوات» من دون ترهيب أو إغراء!

صار مجلس التعاون الخليجى، بقدرة قادر ومن غير تمهيد مسبق، مجلس قيادة الربيع العربى. لقد وجد من ينبه أركانه المتكاسلين فوق ثرواتهم الخرافية، إلى أن الذهب يعوض الضآلة ويذهب بالعجز ويؤهل أصحابه لأن يكونوا قيادة سياسية، بل وعسكرية وحتى فكرية لموجة التغيير التى تجتاح المنطقة جميعا.

وهكذا اندفعوا إلى صدارة المسرح صارخين «الأمر لى»! مستفيدين من واقع أن الذهب أقوى تأثيرا من العقائد والأفكار، وأنه يستطيع إذا ما تجلبب بالإسلام أن يفعل ما عجزت عنه القومية والاشتراكية والليبرالية.

بالمقابل ذهب أهل المغرب العربى يعيدون إحياء إطار سياسى ظل بلا روح لعقود، منفصلين عن سائر أشقائهم التائهين الآن فى غياهب انتفاضاتهم، متخذين من الشعار الإسلامى الذى أعيد اليه الاعتبار بالديمقراطية منطلقا جديدا «لبعث» الاتحاد المغاربى.

لا يهم أن يكون السودان قد سقط سهوا فى هوة التشطير، وأن تندثر «دول» مستولدة قيصريا كجيبوتى والصومال وجزر القمر، فلا تستذكر إلا بوصفها أصواتا مرجحة لقرار أهل النفط فى الحرب ضد أشقائهم الفقراء.

من له الحق فى الاعتراض على أن تصبح إسرائيل، والحال هذه، مصدر القرار فى مختلف شئون هذه المنطقة وقضاياها؟! خصوصا أن واشنطن سارعت إلى احتواء الربيع العربى وتدجينه عبر التخلى عن رجلها فى تونس، زين العابدين بن على، وعبر إصدارها الأمر لصديقها فى القاهرة حسنى مبارك بالتنحى، وفتح الخطوط مع «الإسلاميين» كأحزاب وتنظيمات بعد اطمئنانها إلى «اعتدالهم» فى ما يخص القضية الفلسطينية، وبالتالى إلى تخفيف العداء تجاه إسرائيل فى خطابهم السياسى، وتقديم إيران إلى الصدارة بوصفها العدو القومى تاريخيا، وإبراز الاختلاف فى المذهب وكأنه خروج على الإسلام.

●●●

صارت إيران، والحالة هذه، العدو المشترك لكل من « العرب» والإسرائيليين، ومعهم بطبيعة الحال الولايات المتحدة الأمريكية التى كان من السهل على رئيسها أن ينسى تعهداته السابقة، وأن يبتلع وعوده «التاريخية» حول حق الفلسطينيين بدولة على بعض البعض من أرضهم.

وهكذا تجىء زيارة رئيس وزراء دولة العدو الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى موعدها تماما، فاللحظة الانتخابية فى الولايات المتحدة الأمريكية هى موعد متجدد مع الحظ، ويستطيع الصديق الأعز والأوفى أن يحصد من الجوائز فوق ما يتوقع، وأن يطلب فيحصل على ما كان مستحيلا، وأن يبدل فى القرار الأمريكى بالاستناد إلى دعم مفتوح من الكونجرس، توفره المنظمات الصهيونية التى دأبت على استغلال معركة الانتخابات الرئاسية لتغليب المطالب الإسرائيلية على المصالح الوطنية الأمريكية... فسيف الصوت اليهودى قاطع، ولا يملك المرشح للرئاسة إلا الاندفاع فى المزايدة على منافسيه حتى تفقد القدرة على التمييز: أيهم الأكثر تطرفا فى الولاء لإسرائيل من الآخر أو الآخرين من المرشحين؟!

منطقى، والحال هذه، أن يتصرف رئيس حكومة العدو الإسرائيلى نتنياهو فى واشنطن بوصفه «السيد» أو «القائد» لأنه الصوت المرجح فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية باعتباره حامى المصالح الأمريكية العظمى فى المنطقة الأغنى بثرواتها فى العالم.

ثم إنه فى هذه اللحظة المرشح لقيادة معركة القرن الحادى والعشرين التى سيتقرر فيها مصير الكون: الهجوم على إيران لتدميرها قبل أن تنجز مشروعها لإنتاج السلاح النووى.

الجديد أيضا أن نتنياهو سيتحدث الآن من موقع «الحليف الموضوعى» لأهل النفط فى الخليج فى مواجهة الخطر الإيرانى الداهم.. وربما ادعى أنه مفوض منهم ويتحدث باسمهم باعتباره حامى حماهم من النووى الإيرانى.. وهو بهذا إنما يؤدى واجب الحليف الجبار بسيفه الأمريكى الطويل بطول الشرق الأوسط وعرضه.

ومما يسهل على نتنياهو مهمته «التاريخية» أن «الربيع العربى» قد أزهر فأثمر حاملا إلى السلطة رموز الإسلام السياسى، وهم موضوعيا حلفاء بالمصلحة ان لم يكن بالطبيعة، أو فلنقل إنهم أصدقاء مستجدون للإدارة الأمريكية بعدما بذل الجميع جهودا حثيثة لإنهاء «سوء التفاهم» الذى عكر العلاقات لزمن طويل.. وهكذا فقد تم التلاقى مجددا، وهذه المرة على ضرورة مواجهة «الخطر الإيرانى» أو «المد الشيعى».. خصوصا بعدما انكشفت الأغراض وبانت المقاصد الخفية عبر السلوك الوحشى للنظام السورى ذى الهوية الطائفية المعروفة ضد الشعب السورى بأكثريته التى تبرع أهل النفط فى الخليج برعايتها والتقدم لحمايتها، ولو بالسلاح، معززين بتأييد الحكم فى تركيا بهويته الإخوانية المعلنة.

هى الحرب، إذن.. وإذا كان العنوان إسقاط النظام السورى والمقصد تدمير قدرات إيران النووية، فإن الهدف الفعلى هو تكريس التلاقى فى المصالح بين الثلاثى الجديد: الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل والإسلام السياسى الذى أسقط شعارات التحرير وأغفل ذكر فلسطين من أدبياته وهو يتقدم فى اتجاه السلطة.

وذريعة من يقصدون الحكم الآن، فى أكثر من بلد عربى، تحت الشعار الإسلامى: أمهلونا ريثما ننتهى من تصفية تركة نظام الطغيان فى الداخل، وبعد ذلك يمكننا العودة إلى ميدان العمل من أجل فلسطين!

●●●

والحقيقة التى قد تطمسها التطورات أحيانا أن عرب النفط بالذات قد أرعبتهم الثورة الإسلامية فى إيران منذ تفجرها فى فبراير 1979.. وإنهم وتحت الرعاية الأمريكية دائما قد لعبوا الدور الحاسم فى تحريض الرئيس العراقى آنذاك صدام حسين للهجوم على إيران متعهدين بأن يدفعوا كلفة الحرب، ومن بعد الانتصار كلفة إعادة بناء العراق الذى ستلحقه بالتأكيد أضرار فادحة نتيجة مواجهة أكبر دولة فى الإقليم.

ولم يكن صدام حسين بأحلامه الإمبراطورية يحتاج إلى كثير من التحريض، خصوصا وقد ضمن مصادر مؤثرة للدعم، وبات بإمكانه أن يقاتل الثورة الإيرانية وهى بعد وليدة تحت عنوان «القادسية» مستعيدا تاريخ تدمير الإمبراطورية الفارسية بالفتح العربى تحت الشعار الإسلامى.

وحين أقر الخمينى بالهزيمة وقبل قرار وقف إطلاق النار، متجرعا الهزيمة العسكرية المرة، والتفت صدام حسين طالبا مكافآته قال له أهل النفط: ولكننا دفعناها نقدا وسلاحا... فكانت مغامرته الحمقاء بغزو الكويت مما استنفر العرب جميعا فشاركوا تحت القيادة الأمريكية فى الحرب على العراق بذريعة تحرير الكويت، وهى وصمة العار التى ستظل محفورة فى التاريخ العربى الحديث.

●●●

التاريخ يعيد نفسه.. لكن الإعادة، كما المرة الأولى، سيدفع ثمنها العرب من دمائهم ووجود كياناتهم السياسية ومن مستقبلهم فى أرضهم، فحين يكون عدوك هو حليفك ومصدر خلاصك، لا يحق لك أن تعترض على النتيجة الطبيعية: أن ينتصر مشروعه السياسى على مشروعك، وأن تصير تابعا له، بالغة ما بلغت ثروتك. فالثروة وحدها لا تصنع أوطانا ولا تقيم دولا فضلا عن أنها لا تحرر أرضا أو إرادة محتلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.