«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورتنا بريئة من انكماش اقتصادنا

فرحنا بثورتنا العظيمة وافتخر بها العالم وأزحنا النظام السابق مطالبين بالحرية والعدالة والكرامة وعدنا إلى بيوتنا فى 12 فبراير تاركين المسئولية لأولى الأمر الذين وثقنا بهم وحملناهم المسئولية لتحقيق مطالبنا. ويا فرحة ما تمت، فمنذ أن تركنا الميادين انهالت علينا تصريحات ومقالات وتحقيقات وأرقام من المسئولين تخيفنا من توقف عجلة الإنتاج، وتناقص الاحتياطى النقدى بالعملة الأجنبية، وانهيار البورصة، وارتفاع الدين العام وعجز الموازنة، وانكماش الاقتصاد بشكل عام، وكل هذا بسبب الثورة والمطالب الفئوية.

وبالتأكيد تسببت كل هذه التصريحات فى إحباط عزيمة الثوار الحقيقيين فى بعض الأحيان وأيضا زعزعة الثقة فى الأغلبية الصامتة الشريفة تجاه الثورة والثوار والمتظاهرين. إلا أننا جميعا ندرك أن الأسباب الحقيقية وراء كل هذا كانت نتيجة المؤامرة على الثورة من بعض المسئولين والفلول والجهات الأمنية، وغياب الأمن، وفزاعة التطرف الإسلامى، وتوحش الفساد، وافتعال الغلاء، وإطلاق البلطجية على المجتمع، وتجاهل المطالب والتنصل من الوعود، وفوق كل هذا تراخى وجهل معظم المسئولين تجاه شئون اقتصادنا وتجاه إدارة الأزمة.

وبالرغم من هذه المحنة وددت أن أكتب إليك عزيزى القارئ تحليلا شاملا عن الأداء الحقيقى لاقتصادنا منذ الثورة (الذى أغفل المسئولون عرضه على المواطنين بأمانة وشفافية) معتمدا على بيانات البنك المركزى ووزارة المالية لكى تتضح لنا جميعا الأسباب الحقيقية ونتحمل مسئولية ما يخصنا.


تناقص الاحتياطى لا يعكس تراجع الاقتصاد

إذا بدأنا بالاحتياطى الدولى للعملة الأجنبية كما هو موضح فى جدول (1)، فلك أن تعرف أن البنك المركزى لديه رصيدان من الاحتياطات الدولية بالعملة الأجنبية. الأول يسمى بالرسمى والثانى وهو غير معلن ويكون فى حدود 20% من الاحتياطى الرسمى، ويستخدم لمواجهة أية تقلبات أو ظروف طارئة. فالملاحظ فى الجدول الأول انخفاض إجمالى الاحتياطى الدولى من 43 مليار دولار فى نهاية يناير إلى 28.7 مليار دولار فى نهايه يوليو أى بواقع 14.3 مليار دولار فى فترة ستة شهور.



وقبل أن يصيبك الفزع عزيزى القارئ دعنا نقرأ ما هى الأسباب الحقيقية من هذا الانخفاض السريع. فكما يعرف البعض منكم أن رصيد الاحتياطات الدولية يزيد ويتناقص بميزان المعاملات الخارجية لاقتصادنا، أى بمعنى آخر كل معاملات الدولة بالعملة الأجنبية وفى بعض الأحيان يسمى بالاقتصاد الخارجى. ففى حالة أن صافى المعاملات جاء بالفائض زاد الاحتياطى الدولى لمصر، والعكس تماما ففى حالة أن جاء صافى المعاملات بالناقص تآكل الاحتياطى الدولى لمصر. وطبقا لحالتنا الآنية تناقص الاحتياطى الدولى لمصر نتيجة العجز. فلنفحص معا ما هى العناصر فى ميزان المعاملات الخارجية التى سببت فى التآكل.


فكما يوضح الجدول (2) ارتفعت صادراتنا بنسبة 13% فى الأشهر الستة الأولى من السنة (ذروة اضطرابات الثورة وتفجيرات خطوط الغاز) فى حين انخفضت وارداتنا بنسبة 5% نتج عنه تحسن العجز فى الميزان التجارى بمبلغ 2.86 مليار دولار. وبالرغم من زيادة عجز صافى ميزان الخدمات بنحو 2.2 مليار إلا أن الملاحظ أن موارد السياحة لم تتلاش بالرغم من الانفلات الأمنى وانخفضت تقريبا بنسبة 50% فقط فى النصف الثانى مقارنة بالنصف الأول. ومع زيادة تحويلات العاملين بالخارج فى فترة الثورة جاء العجز فى ميزان المعاملات الجارية فى النصف الثانى تقريبا مماثلا بالنصف الأول مشيرا إلى عدم تأثره بالحدة التى نقلها المسئولين. إلا أنه جاءت الضربة القاسية فى الحساب الرأسمالى بقيمة 10.5 مليار دولار نتيجة انخفاض حاد فى استثمارات المحافظ فى البورصة المصرية فى النصف الثانى مقارنة بالنصف الأول مما يعنى خروج المستثمرين العرب والأجانب من البورصة بقيمة 7.1 مليار دولار. بالإضافة إلى عدم دخول مصر أى استثمارات مباشرة فى النصف الثانى مقارنة ب2.25 مليار دولار فى النصف الأول.


الانفلات الأمنى والأذون أضلاع فى الأزمة

ونستنتج هنا عزيزى القارئ أنه على مستوى الإنتاج والتصدير وميزان الخدمات وبالرغم من انخفاض إيرادات السياحة أثناء الشهور الستة للثورة جاء ميزان المعاملات الجارية شبيها بالنصف الأول قبل الثورة. والمشكلة الحقيقية هى بيع الأجانب والعرب فى البورصة وعزوف أى استثمارات مباشرة.

طبعا بالتأكيد قد يحاول البعض منكم ويعلل هروب الأموال الأجنبية والعربية من البورصة نتيجة الثورة. وهنا أرد عليهم وأقول لهم: كيف يمكن لاقتصاد دولة أن يعتمد على تعظيم الاحتياطى الدولى فى الأموال الساخنة فى بالبورصة. فالاستثمارات بالبورصة تعتبر أموالا قصيرة الأجل مرتعشة لأى تقلبات وبالتالى لا يمكن الاعتماد عليها فى نمو الاحتياطى الدولى لمصر. والدليل أنها كانت السبب الرئيسى بانخفاضه بنسبة 50% من قيمة ما فقدناه من إجمالى الاحتياطى المعلن وغير المعلن.

أود أن ألخص هنا أن الثورة والثوار والمتظاهرين ليس لهم ذنب فى انخفاض عائد السياحة ولا بيع المستثمرين بالبورصة بل السبب الحقيقى هو انفلات الحالة الأمنية وفزاعة التطرف الإسلامى الذى يرهب ويعطل الوفود الأجنبية والعربية. ولكن علينا أن نتحمل مسئوليتنا فى انخفاض الاستثمارات المباشرة نتيجة الثورة ولكنها ليست هروبا إلى الأبد بل هى حالة ترقب لا غير وستأتى فور تحقيق الديمقراطية ودولة القانون.


ثم يأتى السبب الثانى الرئيسى فى انخفاض الاحتياطى الدولى كما هو موضح فى جدول (3) وهو استثمار الأجانب فى أذون الخزانة المصرية لمدد أقل من عام. فكما يوضح البيان فى نهاية يناير 2011 كان الرصيد القائم لأذون الخزانة (التى تقترض بها الدولة كأداة قصيرة الأجل) 291.8 مليار جنيه منها 57.7 مليار جنيه ملك للأجانب. وفى يوليو أظهر البيان انخفاضا ملكية الأجانب إلى 23.2 مليار جنيه من إجمالى 352.6 مليار جنيه مما يعكس تخارج الأجانب من الاستثمار فى أذون الخزانة بقيمة 34.5 مليار جنيه (57.7 23.2) أى ما يعادل 6 مليارات دولار تقريبا، الأمر الذى سبب انخفاض الاحتياطى الدولى. وطبعا سيتعلل بعض القراء بأنه لولا الثورة لما تخارج الأجانب من أذون الخزانة وهنا أرد عليهم بذات الرد السالف ذكره بأنه لا يصح الاعتماد على استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة القصيرة الأجل فى تعظيم رصيد الاحتياطى الدولى من العملة الأجنبية. فهى أموال أتت لمصر فى ظل استقرار سعر الصرف نتيجة الفارق الشاسع بين أسعار الفائدة على عملاتهم الأجنبية وبين الفائدة السائدة على الجنيه المصرى. ولكن لا تتحسروا كثيرا فلو لم تقم ثورة لدينا كانوا سيتخارجون هذه الأيام مع الاضطرابات بالأسواق العالمية لأنها أموال قصيرة المدى ولا يمكن الاعتماد عليها.

إلى هذا الجزء عزيزى القارئ أرجو أن أكون أوضحت أن العنصرين الرئيسيين لانخفاض رصيد الاحتياطى الدولى بمبلغ 14 مليار دولار تقريبا من يناير إلى يوليو هما خروج أموال الأجانب من البورصة المصرية بقيمة 7 مليارات دولار تقريبا وخروج أموال الأجانب من أذون الخزانة بقيمة 6 مليارات دولار تقريبا من يناير إلى يوليو 2011 أى بإجمالى 13 مليار من أصل انخفاض 14 مليارا.

وعلى جانب آخر كما يوضح جدول (3) استطاعت الحكومة أن تستبدل تمويل أذون الخزانة من البنوك المحلية وقطاعات اقتصادية أخرى بديل نمو رصيد أذون الخزانة نتيجة زيادة الإنفاق فى موازنة الدولة وزيادة قيمة العجز فى الموازنة.
ومن هنا انتقل إلى قصة زيادة إنفاق الدولة والعجز والموارد المحلية على التوالى.


علاج العجز فى وقف هدر الإنفاق

وأود أن أوضح ببساطة للقارئ أن البنك المركزى يطبع أموالا محلية قدر إجمالى الأصول الأجنبية (الاحتياطى الدولى) والمحلية فى الدولة. فبعد خروج 14 مليار دولار من الاحتياطى الدولى تناقصت السيولة المحلية بما يعادلها 82 مليار جنيه. ونظرا للسياسة الرشيدة للقائمين على البنك المركزى فلم يتم طبع نقود بدون مقابل وإلا كان ذلك سبب فى انخفاض قيمة الجنيه واندلاع التضخم.

ونتيجة لهذه السياسة الحكيمة نستطيع أن نستنتج أن السيولة تناقصت بمبلغ 82 مليار جنيه بسبب بيع الأجانب للجنيه المصرى ورده للبنك المركزى من خلال البنوك المحلية وأخذ دولار فى مقابله أو ما يعادله من عملات أجنبية أخرى وتحويلها إلى حساباتهم الرئيسية بالخارج.


وللتأكيد على هذا التوضيح جدول (4) يشرح نفسه حيث بلغت قيمة السيولة المحلية فى إقتصادنا 1019 مليار جنيه بزيادة 5% فى يوليو مقارنة بيناير. إلا أنه يلاحظ انخفاض الأصول المقابلة بالعملة الأجنبية بنسبة 11 % تعادل 30 مليار جنيه فقط وعلى الجانب الآخر زيادة الأصول المحلية بنسبة 12 % وهى ما تعادل 82 مليار جنيه.


ونعود مرة أخرى إلى قصة العجز وأسباب زيادته. فكما يوضح جدول (5) فملخص القضية أنه منذ أن جاء سمير رضوان ومن بعده الدكتور ببلاوى لم يستطع أحد منهم السيطرة على الإنفاق والإهدار والإنفلات فى هيئات وأجهزة الدولة ولم يحصروا الأسباب التى تسببت فى زيادة مجمل الإنفاق بشكل ملحوظ. فبالرغم أن موارد الدولة انخفضت بنسبة 3% فى يونيو 2011 مقارنة بيونيو 2010، زاد الإنفاق فى حدود 26.5 مليار عن العام السابق مما أدى إلى زيادة العجز بنحو 35 مليار جنيه نتيجة ارتفاع تكلفة دعم المواد البترولية التى ارتفعت أسعارها عالميا بنسبة 25 % تقريبا فى المتوسط ولكن الثورة والشعب والمتظاهرين ليس لهم ذنب فيه.

وأود أن أطرح تساؤلات؛ هل حصل أى مواطن على أى ميزة إضافية من الحكومة منذ الثورة إلى الآن؟ وأتساءل أيضا: هل تم رفع الأجور الذى لو تم ممكن أن نلقى عليه العبء من زيادة العجز؟ هل الشعب تسبب فى زيادة الطلب أو الاستهلاك لأى سلع استراتيجية أو بترولية مدعومة سببت فى زيادة الإنفاق والعجز؟ أبدا لم يتم أى شىء من هذا القبيل فالناس تعيش بالكاد ومازالت تطالب بالوعود.


أما عن حقيقة الدين العام فجدول (6) يوضح ارتفاعه بنسبة 8% أو ما يعادل 82 مليار جنيه فى يونيو مقارنة بديسمبر فى حين وصل صافى الدين العام إلى 808 مليارات جنيه فى يونيو مقارنة ب739 مليار فى ديسمبر أى زيادة بواقع 69 مليار جنيه، أما عن الدين الخارجى فيبقى ثابتا عند 35 مليار دولار أى ما يعادل 208 مليارات جنيه.

ولذلك كنت ومازلت من أول المعترضين على زيادة الاقتراض للحكومة قبل أن يحصروا الأموال المنهوبة والمهدرة حتى نضع يدنا على حقيقة الأمور. وبالرغم من غياب رقيب وسلطة لم تواجه الحكومة نقص فى موارد التمويل كما يزعمون. ولكننى أشجع الاقتراض من الخارج لمشاريع تنمية صناعية بعينها تخلق فرص عمل وتنمى صادرتنا.


فجدول (7) يوضح أن إجمالى السيولة بالجهاز المصرفى باستثناء البنك المركزى حافظت على مستواها ويلاحظ انخفاض أرصدة لدى بنوك فى مصر بمبلغ 73.1 مليار جنيه فى حين زادت الاستثمارات فى أذون الخزانة بمبلغ 77 مليار جنيه وهذا نتيجة اقتناص البنوك فرصة توظيف أموالهم السائلة فى أذون الخزانة بعد ارتفاع أسعار الفائدة عليها بعد أن وصلت إلى 11% تقريبا بعد الضريبة مقارنة ب 9.5% بعد الضريبة قبل الثورة. كل هذا لا يعنى على الإطلاق أن هناك نقصا فى السيولة أو أزمة فى الموارد لتمويل عجز الموازنة أو الدين العام.

فالمشكلة الحقيقية أن بعد أن عجزت حكومة شرف والدكتور ببلاوى فى السيطرة على الإنفاق الحكومى ابتدعوا فكرة الاقتراض من الخارج بتكلفة 1.5% على الدولار بدلا من أن يدفعوا 12% تكلفة الاقتراض المحلى. وكما تعلمون أن 25% من الإنفاق الحكومى عبارة عن فوائد للدين العام. بالله عليكم هل هذا منطق؟ يريدون أن نقترض بشروط لا حصر لها نظرا لعلتهم فى مطاردة السرقة والنهب والسيطرة على الإنفاق. فلو حصروا أموال الصناديق الخاصة ووضعوا يدهم عليها فقد تعود على موازنة الدولة بالنفع وتقلل العبء.


سياسة الفائدة والدولرة

أما السبب الثانى وراء إصرارهم على الاقتراض هو أنهم فى حالة الاقتراض من الخارج سيزيد رصيد الاحتياطى الدولى من العملة الأجنبية للدولة مما يتيح للبنك المركزى أن يطبع نقودا مصرية مقابلة للمبلغ ليضخها فى الجهاز المصرفى عن طريق تسديد جزء من مديونية الدولة وتخفيف العبء. ولكن أرقام السيولة بالجهاز المصرفى لا تنذر بنقص السيولة بعد.

إلا أنه الحقيقة التى لم يقدرونها أن رفع سعر الفائدة على الجنيه المصرى (التى سببته من زيادة تكلفة خدمة الدين) هى سبب سياسة نقدية اتبعها البنك المركزى لكبح عملية الدولرة. فحين يستشعر المواطن أن سعر الفائدة على الجنيه ارتفع فقد يتخلى عن شراء الدولار التى لا تتعدى فائدته نصف بالمائة مقابل أن تدر عليه عوائد الجنيه المصرى مبلغا يعينه على الحياة.

والبديل لهذه السياسة هو تخفيض الجنيه المصرى وهو ما كان سيؤدى إلى ارتفاع سعر الدولار للجنيه وترتفع أسعار المواد التى نستوردها وخصوصا الاستراتيجية منها وبالطبع كان سيزيد عجز الموازنة نظرا لارتفاع تكلفة الدعم. فبالتأكيد أن الخيار الأول الذى اتخذه البنك المركزى فى رفع سعر الفائدة على الجنيه هو الأصلح فى هذه الظروف وأقل حدة من ناحية الأثر. فلو حسبناها معا عزيزى القارئ أن زيادة التكلفة بنسبة 2% على رصيد أذون الخزانة القائم وهو 356 مليار جنيه تمثل فقط 7 مليارات جنيه. ولكن للأسف الحكومة والمسئولون لا يعقلون.

أما عن التظاهر والاعتصامات والمطالبة الفئوية العمالية (باستثناء الوزارات) فى المصانع والقطاعات الاقتصادية، فلك أن تعرف عزيزى القارئ أن إجمالى عدد المنشآت الصناعية فى مصر وصل إلى 42 ألف مصنع أما عن الاضطرابات العمالية فلم تتعدى 500 مصنع أى بواقع 1% تقريبا. إلا أنه هناك قرابة 1500 مصنع مغذى مغلقين تقريبا نتيجة انخفاض الطلب وهذا لنا فيه بالتأكيد نتيجة انكماش الاقتصاد وقلة انفاقنا الاستهلاكى.

وفى الختام أؤكد لشركائى فى الوطن أن الثورة والتظاهر والمطالب ليست السبب الجوهرى وراء انكماش اقتصادنا. فالبرغم من كل ما أصابنا فهو ثمن رخيص مقابل ثورتنا وحريتنا وكرامتنا وطموحنا من أجل مستقبل أفضل واقتصاد صناعى زراعى خدمى أعمق.

فإن خروج 14 مليار دولار من البلد كان سببها المستثمرين الأجانب فى البورصة وأذون الخزانة المصرية. أما عن السياحة كونها انخفضت بنسبة 50% فهذا مؤشر إيجابى نظرا لاستمرار الطلب على السياحة فى مصر مهما كانت المخاوف. فتخيلوا لو كان الأمن متواجدا منذ أول يوم بعد الثورة وتم القبض على المتآمرين فلكانت زاد تدفق السياحة وكنا سنرى وفود تزور ميدان التحرير والسويس والإسكندرية لنحكى لهم عن هذه المواقع كإحدى المزارات الجديدة. وأيضا لو كان لدينا حكومة قوية ولها رؤية كان من الممكن أن تزيد الاستثمارات المباشرة وإيجاد فرص العمل.

إذا المشكلة تتلخص فى: (1) إنعدام كفاءة المسئولين بالحكومة (2) غياب الأمن (3) تفشى الإهدار والنهب والسرقة لموارد الدولة منذ 12 فبراير بأحجام أضعاف ما كانت عليه قبل الثورة. (4) محاولة سرقة الثورة ونظام الدولة الديمقراطية المستقرة.

وأختم بالتأكيد أن هناك حلولا داخلية متاحة حين نحتاج إلى الاقتراض بالعملة الأجنبية!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.