العربية: إلغاء مشاركة نتنياهو في قمة شرم الشيخ    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات محلية    محافظ المنوفية يترأس اجتماعا موسعا لمناقشة موقف مشروعات الخطة الاستثمارية    رئيس الوزراء يُتابع جهود تنفيذ إجراءات خفض الانبعاثات والتحول الأخضر المُستدام    تراجع سعر اليورو اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 بمنتصف التعاملات بالبنوك    استقلا الوحش.. نتنياهو وزوجته يخترقان بروتوكول زيارة ترامب "فيديو"    كلمة ترامب أمام الكنيست: حان الوقت لتترجم إسرائيل انتصاراتها إلى السلام    "من أنت".. ترامب يهاجم مراسلة بولتيكو ويتهم الصحيفة بنشر أخبار كاذبة    «حسام زكي»: الموقف المصري كان له بالغ الأثر في تغيير دفة الحوار السياسي    وزير الرياضة يلتقي إنفانتينو على هامش مؤتمر السلام بشرم الشيخ    تأكيدا لليوم السابع.. الزمالك يعتذر رسميا عن المشاركة فى البطولة العربية لسيدات الطائرة    إصابة 8 أشخاص فى حادث تصادم بالطريق الزراعى فى البحيرة    محافظ قنا يوجه بتقديم كافة الرعاية الطبية لمصابى حادث أتوبيس الألومنيوم    ضبط متهم تحرش بعاملة داخل صيدلية في سوهاج بعد انتشار فيديو فاضح.. فيديو    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    الرئيس الأمريكى ترامب يلقى خطابا أمام الكنيست وسط تحية كبيرة من الحضور    مسلسل لينك الحلقة 2.. تحالف غير متوقع بين بكر وأسما لكشف سرقة أموالهما    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    فحص 1256 مواطنا وإحالة 10 مرضى لاستكمال الفحوصات بقافلة طبية فى مطوبس    وكيل صحة سوهاج فى زيارة مستشفى جرجا : لا تهاون مع أى تقصير فى خدمة المواطن    هل يمكن حصول السيدات الحوامل على لقاح الأنفلونزا ؟ فاكسيرا تجيب    شراكة بين أورنچ مصر وسامسونج إلكترونيكس لتجربة الأجهزة المتعددة المدعومة بالذكاء الاصطناعي    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    بتواجد أبو جريشة.. الكشف عن الجهاز الفني المساعد ل عماد النحاس في الزوراء العراقي    ب 35 لجنة.. بدء التسجيل ب «عمومية أصحاب الجياد» في الإسكندرية    اليوم.. بدء استيفاء نموذج الطلب الإلكتروني للمواطنين المخاطبين بقانون «الإيجار القديم» (تفاصيل)    الغرف السياحية: قمة شرم الشيخ السلام رسالة قوية للعالم بالريادة المصرية    ارتفاع أسعار النفط مع بوادر تراجع حدة التوتر التجاري بين الصين وأمريكا    جامعة بنها: فحص 4705 شكاوى بالمنظومة الموحدة.. تفعيل نقطة اتصال جديدة لخدمة المواطنين    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    إخماد ذاتي لحريق داخل محطة كهرباء ببولاق دون وقوع إصابات    لحضور أولى جلسات الاستئناف.. وصول أسرة المتهم الثاني في قضية الدارك ويب لمحكمة جنايات شبرا    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    وزيرا ري مصر والأردن يفتتحان الاجتماع ال38 للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    وزير السياحة يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية    مبيعرفوش يمسكوا لسانهم.. أبراج تفتش الأسرار في أوقات غير مناسبة    أحمد فهمي الأعلى مشاهدة ب «ابن النادي»    بورسعيد أرض المواهب.. إطلاق مسابقة فنية لاكتشاف المبدعين    الليلة بمسرح السامر.. قصور الثقافة تطلق ملتقى شباب المخرجين في دورته الرابعة    آداب القاهرة تحتفل بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس قسم الدراسات اليونانية واللاتينية    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    هل الغسل يغني عن الوضوء؟ أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي بالتفصيل    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    "هتفضل عايش في قلوبنا".. ريهام حجاج تنعى الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي    مصادر تكشف مصير 4 أعضاء ب«النواب» تم تعيينهم في «الشيوخ»    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    مباحثات مصرية - ألمانية لتعزيز التعاون وفرص الاستثمار في القطاع الصحي    نتنياهو يصف الإفراج المتوقع عن الرهائن بأنه حدث تاريخي    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    فاروق جعفر: هدفنا الوصول إلى كأس العالم ونسعى لإعداد قوي للمرحلة المقبلة    عراقجي: إيران لن تحضر القمة في مصر بشأن غزة.. ما السبب؟    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    صلاح وزوجته يحتفلان بالتأهل في أرضية ستاد القاهرة    البطاقة 21.. غانا تتأهل لكأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلفية والرجعية مترادفان
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 06 - 2011

كان جمال عبدالناصر طوال فترة تزعمه للحركة الثورية العربية أكثر الزعماء العرب استخداما لمصطلح الرجعية. كان يستخدمه فى المجالات السياسية الداخلية والعربية والعالمية. ووقتها لم يكن المصطلح بحاجة الى تعريف. كان مفهوما بوضوح ما يعنيه الزعيم حين يتحدث عن الرجعية فكان يثير فى الأذهان صورا محددة للقوى الداخلية المعادية للثورة المصرية من منطلقات دينية أو غير دينية على طريق الاشتراكية، والنظم العربية الملكية وغير الملكية المناوئة للقومية العربية ومفهوم الوحدة، وكذلك للقوى العالمية المتمثلة فى الاستعمار البريطانى والفرنسى والأمريكى بعد ذلك.
رحل جمال عبدالناصر عن هذا العالم واختفى من قاموس الزعامة المصرية بعده هذا المصطلح بصورة تكاد تكون تامة. لم يكن ذلك لأن مصطلح الرجعية كان يخص عبدالناصر ولغته الخطابية، إنما لأن الزعامة التى تولت بعده الرئاسة المصرية اختارت طريقا آخر جعل منها حليفا للرجعيات المحلية والعربية والعالمية. ومع مضى السنين لم تعد الملكيات العتيقة المناوئة للاشتراكية والحرية والوحدة منبوذة أو معادية، ولم تلبث هذه السياسات بعد الناصرية أن تحولت إلى الصلح المنفرد مع اسرائيل والصداقة والتبعية للامبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية متمثلة فى إسرائيل. وعلى امتداد ثلاثين عاما من حكم حسنى مبارك كان تأثير مصر منحصرا فى السير وراءها نحو التصالح مع اسرائيل واستمرار العلاقات الخاصة بين النظم «الرجعية» العربية والولايات المتحدة. وكان من الطبيعى أن يتأكد هذا المسار المصرى والعربى بعد تفكك الاتحاد السوفييتى وما كان يعرف بالمنظومة الاشتراكية وظهور الرأسمالية العالمية فى دور القوة الأكبر التى انهت التاريخ حسب زعم بعض مفكريها بانتصار نهائى على المعسكر الآخر.
ظل تعبير الرجعية مختفيا حتى وقت قريب للغاية عندما حل محله تعبير آخر له الدلالة نفسها على القوى التى تريد الرجوع باسم الدين إلى أفكار السلف فى عهد الخلفاء الراشدين، أى قبل أكثر من 1400 عام.
كما اختفى مصطلح الرجعية فجأة ظهر فجأة مصطلح السلفية. ظهر وكثر استخدامه مكتسبا معنى دينيا على الرغم من أنه يستخدم لتبرير سلوكيات واحكام تتعلق بالحياة العامة فى هذا الزمان. وما كان يمكن أن يحل مصطلح السلفية محل مصطلح الرجعية إلا لأن كليهما يدل على معنى واحد. وقد حدث هذا وسط تيار يكتسى أردية الدين بنوع خاص على الرغم من أن سيرة السلفية فى الدين بالتحديد فى القرآن الكريم لا ترد الا فى مواضع الذم. ولا يسمح المجال بأكثر من مثل. فى سورة لقمان الآية 21 «وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا..». ومثل آخر على سبيل التأكيد فى سورة الشعراء، الآيات من 68 إلى 74: «واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون».
والملاحظ أن السلفيين الذين عادوا الى مصر من بلدان تحكمها نظم رجعية بالمعنى القديم الذى كان مستخدما فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى لم يضيفوا الى الفكر الدينى أو السياسى أفكارا جديدة، إنما توقفوا عند ضرب الأمثلة من المذاهب السائدة فى البلدان التى أقاموا فيها زمنا. توقف إسهامهم الفكرى سواء بالمعنى الدينى أو بالمعنى السياسى عند حدود الامثلة التى تستمد من أفكار وسلوكيات السلف فى زمان سابق كثيرا على زماننا الراهن بتحدياته وقضاياه. والنتيجة أن كل تراثهم سلبى من نوع هدم الأضرحة تحت زعم بأن السلف الصالح لم يسمح أصلا ببنائها إلا فى حدود انتهت بعد وقت قصير من وفاة الرسول الكريم محمد. وبالمثل عادات حف الشارب وإطلاق اللحية، وبالمثل ارتداء ألبسة تشبه اكثر ما تشبه اردية الباكستانيين والأفغان.
هكذا فإن دعوات السلفيين تشغل الإنسان المعاصر عن تحديات زمانه بامور انتقائية تشبها بأسلاف ليس هناك من شبه بين عالمهم القديم وعالمنا الاكثر تعقيدا فى جميع نواحى الحياة. وفيما عدا ذلك فليس فى فكرهم إذا جاز الحديث عن شىء من هذا القبيل ما يشير الى محاولة لتطوير اساليب مواجهة المصاعب والتحديات فى الحياة المعاصرة. ولا شىء يقال مثلا عن هدم الاضرحة سوى انه لم يكن مقبولا ان تقام فى زمن الأسلاف، ولا شىء عن أى نفع أو فائدة تعود من وراء هدمها والتوقف عن بنائها. هل ثمة ما يفيد الاقتصاد المصرى فى أزمته الراهنة؟ وهل ثمة ما ينفع العرب والمسلمين فى المواجهة مع العدو الإسرائيلى إذا التزمنا بهذا وذاك؟
الواقع أن السلفية تسمية ناقصة لابد ان تكون السلفية الدينية، فأهلها قد حصروا أنفسهم وفكرهم فى النوع الدينى من السلفية فى حين أن لنا مسلمين وغير مسلمين أسلافا فى المجالات المختلفة السياسية والثقافية والتاريخية والنضالية، وطبعا الثورية. وقد حصر السلفيون كما نعرفهم اليوم أنفسهم فى أفكار وسلوكيات السلف البعيد البعيد، وإن كان إعجابنا بأولئك وبسلوكياتهم أمرا لا يقترب منه الشك فإنه ليس قريبا من حياتنا إلى الحد الذى يجعله نموذجا يمكن تقليده أو الأخذ عنه.
والغريب فعلا الآن إنه كان من حقنا فى بدايات نضال هذا الشعب فى حقبته الحديثة أن ننتقد الرجعية وان نتصدى لها بل أن نحاربها.. أما الآن فلا يبدو إنه مسموح لنا بأن نمارس هذه المعارضة بأى من أشكالها ضد السلفية. فالسلفيون يقدمون أنفسهم باعتبارهم ورثة الاسلام الحقيقيين ولا أحد غيرهم. وهم يخوضون فى الشئون الدينية ولا يقفون عند هذه الحدود، انما يخوضون فى شئون الحكم والسياسة ويصدرون أحكاما على العلوم والفنون بأشكالها ومستوياتها المختلفة غير عابئين بأناس اكتسبوا الخبرات فى هذه المجالات عبر دراسات استغرقت سنوات من أعمارهم وربما أخذتهم بعيدا عن الأوطان ليحصلوا من العلوم والمعرفة ما يجعلهم مهيئين لأن يتعاملوا مع هذه الشئون بمعرفة على قدر كاف من الثقة.
المعركة مع السلفية وأفكارها وطروحاتها لم تعد كما كان الحال وقت التعامل مع الرجعية بالتحدى والمناوأة. أن السلفية تتحدانا فى عقر دارنا معتمدة على تأييد ودعم، لا سبيل لنا لمعرفة مداه وتفاصيله، من النظم التى تدعى الالتزام بالسلفية وهى فى حقيقة الامر تستسلم بصورة تكاد تكون تامة فى السياسة والاستراتيجية والثقافة والاقتصاد لسادة النظام الراسمالى الذى تحمله قوانين العولمة الامبريالية.
إن السلفية تشهر فى وجوهنا الأحرى أن نقول فى وجوه معارضيها جميعا سيف الدفاع عن الدين بصورة لم تستطع ان تلجأ إليها نظم الرجعية فى زمان مضى. مع ذلك تبقى الحقيقة الواضحة التى لا تقبل تحديا أن السلفية والرجعية مترادفان فى المعنى والمدلول وان لم تكونا مترادفين فى المضمون. لقد حاولت الرجعية فى السابق ان تدعى الدفاع عن الدين فى مواجهتها للنضال السياسى والفكرى وأخفقت إخفاقا ذريعا فى ذلك.
وتحاول السلفية اليوم ان تصور نفسها على انها ذات مضمون دينى بحت فى مواجهة من يخاصمها فى الفكر والممارسة. وينبغى ألا يسمح لها بذلك لأنها تعرقل مسيرة الثورة مع باقى قوى الثورة المضادة محتمية بهذا الادعاء الدينى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.