نجح زعيم حزب كاديما فى احباط محاولة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، شق صفوف الكتلة الأكبر المعارضة، وذلك من خلال تشجيع عدد من أعضاء الكتله على الانتقال إلى الليكود مقابل حصولهم على مناصب وزارية هامشية. ولقد أحرجت هذه المحاولة زعيمى الحزبين وألحقت الضرر بهما. بيد أن كل هذا بات عديم الأهمية، لأن حزب كاديما، الذى كان فى الماضى حزب السلطة، انتهى دوره السياسى، وهو يسير اليوم نحو حتفه، مثلما حدث لأحزاب سابقة مثل حزب داش، وتسومت، وحزب الوسط شينوى. لقد فشل حزب كاديما فى طرح حل سياسى يسمح بإخلاء أغلبية المستوطنات فى الضفة
الغربية، وبذلك فشل فى تحقيق رؤية مؤسسة «أريئيل شارون»، ولم ينجح الذين تولوا زعامة الحزب بعد شارون فى دفع التسوية مع الفلسطينيين إلى الأمام،
كما لم يقدموا طرحا فكريا بديلا عن طرح الليكود. لذا، ففى غياب موقف واضح، ومع النتائج السلبية للحزب فى استطلاعات الرأى، لم يعد هناك جدوى من وجوده.
مما لاشك فيه أن تفكك كاديما سيخلق فراغا إيديولوجيا فى قلب الخريطة السياسية. فالحزبان اللذان سيتنافسان على أصوات ناخبى كاديما، سواء حزب العمل برئاسة شيلى يحيموفيتس أو حزب «يوجد مستقبل» برئاسة يائير لبيد، هما حزبان مرشحان لأن يصبحا شريكين لنتنياهو، ولا يحاول هذان
الحزبان تحدى سياسة حكومة اليمين الداعمة للاستيطان والتى تقمع الديمقراطية. أما حركة ميريتس برئاسة زهافا غال أون التى تتمسك بمواقف صحيحة، فلا يمكنها أن تشكل حزبا يمكن أن يتولى السلطة.
من هنا تحتاج إسرائيل إلى تنظيم سياسى يشكل بديلا فكريا وعمليا للسياسة المدمرة التى ينتهجها نتنياهو وائتلاف اليمين والحريديم. وتدل المحاولات المتكررة لرئيس الحكومة من أجل كسب المزيد من الوقت للبقاء فى السلطة، بواسطة الصفقات الائتلافية المريبة، على خوفه من خسارة تأييد الجمهور له رغم وضعه الجيد فى استطلاعات الرأى العام. من هنا نحن أمام فرصة لملء الفراغ الناشئ جراء اختفاء كاديما من الساحة السياسية.