إن قرار مهاجمة المنشآت النووية فى إيران هو من أصعب القرارات التى قد تتخذ منذ قرار إنشاء ديمونا (محطة الطاقة النووية فى إسرائيل). وفى حال هاجمت إسرائيل إيران قبل الأوان، فإن النتائج المترتبة على ذلك ستكون مأساوية، وستؤدى إلى حرب مع إيران ومع «حماس» وحزب الله، وستتساقط عشرات آلاف الصواريخ على عشرات المدن الإسرائيلية. وفى حال تأخرت إسرائيل فى مهاجمة إيران، فإن النتائج ستهدد جوهر وجود إسرائيل، لأن حصول المسلمين المتشددين على قنبلة نووية من شأنه أن يغير حياتنا من أساسها، وأن يقصر أمدها. لذا، من المهم أن نتخذ القرار بشأن إيران بطريقة موضوعية وعقلانية هادئة بعيدا عن المصالح الشخصية والاعتبارات الخفية والانفعالات، وعلى الحكومة أن تجرى نقاشا عميقا، ضمن آلية منتظمة وبيئة محمية، قبل أن تتخذ القرار الذى سيحدد مصير إسرائيل.
وإذا نظرنا حولنا، فإننا نجد، من جهة، أن النقاش الجارى حاليا لا يمتاز بالعمق ولا بالانتظام ولا بالحماية، وأن هناك معلومات شديدة الخطورة بدأت تتسرب إلى النقاش الداخلى. ومن جهة أخرى، نجد أن رئيس الحكومة ووزير الدفاع غير صادقين مع الشعب، وأن هناك مجموعة من كبار الشخصيات الأمنية تقوم باستغلال مجموعة من كبار الإعلاميين من أجل الدخول فى مهاترات مع رئيس الحكومة ووزير الدفاع، إذ يجرى نشر معلومات تلحق أضرارا بالغة بأمننا القومى.
لا يمكن إدارة شئون الدولة بمثل هذا التهور، ولا يمكن الدفاع عنها بمثل هذه السياسة السطحية. وإذا أرادت إسرائيل البقاء على قيد الحياة، فعليها ألاّ تخلط بين حق الشعب فى معرفة الحقيقة وحق إيران فى معرفتها، كذلك علينا إدارة النقاش بشأن إيران بطريقة مختلفة.
وإذا لم تحدث معجزة دولية أو معجزة إيرانية داخلية، فإننا سنجد أنفسنا أمام مفترق طرق، حيث علينا أن نختار بين أمرين: ضربة وقائية، أو الردع، أى بين الهجوم العسكرى، وبين التخلى عن سياسة الغموض النووى. وفى الحالتين، سيؤدى الأمر إلى نشوب فوضى عارمة فى الشرق الأوسط وفى دولة إسرائيل، وإلى تغير الوضع بصورة كاملة، وبدء حقبة جديدة.
من هنا فالنقاش المطلوب اليوم ليس ما إذا كان علينا إرسال طائراتنا المقاتلة قبل فصل الشتاء، وإنما الرد على الأسئلة التالية: هل نشرت الحكومة الإسرائيلية قبة حديدية سياسية للدفاع عن إسرائيل تستطيع أن تحميها وقت الحاجة؟ وهل استطاعت أن تخفف من حدة النزاع عبر تقليص الاحتلال والمساهمة فى استقرار الحدود؟ وهل استطاعت أن تكسب عطف العالم؟ وهل نجحت فى توحيد الشعب؟ وهل أعدت الجبهة الداخلية كما يجب؟ والأهم، هل حضرت إسرائيل لمواجهة أهم تحد لها منذ سنة 1948؟