سعر الدولار في البنوك المصرية ببداية تعاملات اليوم الخميس 18-9-2025    أسعار الفراخ اليوم في النازل والبيض نار.. اعرف الجديد    عاجل- الرئيس السيسي يوافق على بروتوكول لتجنب الازدواج الضريبي مع الإمارات    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجهين البحري والقبلي    مصر وإسبانيا توقعان اتفاقية الشراكة من أجل التنمية.. تساهم في مكافحة التغيرات المناخية والأمن الغذائي.. والمشاط: تضع أساسًا للتعاون المستدام بين البلدين    14 شهيدًا في غارات الاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم    14 شهيدا في غارات الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم    لأول مرة.. السعودية توقع اتفاقية دفاع مشترك مع باكستان    لقاء السيسي وزيارة الأهرامات، حصاد اليوم الأول من زيارة ملك إسبانيا لمصر (فيديو وصور)    القناة 12 العبرية: لقاء ويتكوف وديرمر في لندن محاولة أخيرة لإحياء مفاوضات غزة    الكرة الطائرة، منتخب مصر يخسر أمام تونس ويودع بطولة العالم مبكرا    قبل نهاية الصيف| بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    تجديد حبس تشكيل عصابي بتهمة استدراج الشباب لسرقتهم في القاهرة    إحالة سائق توك للجنايات بتهمة تعاطي المخدرات    الضيقة وبداية الطريق    القائمة الكاملة لأفلام مهرجان الجونة السينمائي 2025 (صور)    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    جامعة حلوان تختتم فعاليات هاكاثون الأمن السيبراني Helwan Cyber Arena 2025    الرئيس السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة.. تعرف عليها    النشرة المرورية اليوم الخميس بمحاور القاهرة والجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    الرقابة الصحية: إطلاق الدليل القومي للتجهيزات الطبية للمستشفيات لتوحيد معايير الشراء    إطلاق فعاليات مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة في مؤتمر صحفي بالقاهرة    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين حسب أجندة العطلات الرسمية للرئاسة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الخميس 18 سبتمبر 2025    موقف نسائي محرج خلال زيارة دونالد ترامب وزوجته ميلانيا إلى بريطانيا    إعلام عبرى: "حكومة الدماء" تسعى لتحويل إسرائيل إلى أوتوقراطية دينية متطرفة    كامبرباتش يتلو قصيدة محمود درويش أمام آلاف البريطانيين.. و69 فنانًا يهتفون لفلسطين    غزل المحلة يحتج على حكم مباراته أمام المصري: لن نخوض مواجهة حكمها محمود بسيوني    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/9/2025 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    التاريخ يكرر نفسه.. تورام يعيد ما فعله كريسبو منذ 23 عاما ويقود إنتر للتفوق على أياكس    مورينيو: من المدرب الذي سيقول لا لبنفيكا    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    محمود وفا حكما لمباراة الأهلي وسيراميكا.. وطارق مجدي للفيديو    بعد تعرضه لوعكة صحية.. محافظ الإسماعيلية يزور رئيس مركز ومدينة القصاصين الجديدة    جمال شعبان ل إمام عاشور: الأعراض صعبة والاستجابة سريعة.. و«بطل أكل الشارع»    وزارة العمل: 50 فرصة عمل لسائقين بمرتبات 10 آلاف جنيه    مسلسل حلم أشرف الموسم الثاني.. موعد عرض الحلقة الثانية والقنوات الناقلة    محافظ شمال سيناء يتفقد أعمال تطوير بوابة العريش وبفتتح مقراة الصالحين لتحفيظ القران الكريم (صور)    فائدة 100% للمرة الأولى.. أفضل شهادة إدخار بأعلى عائد تراكمي في البنوك اليوم بعد قرار المركزي    إصابة سيدة فى انهيار شرفة عقار بمنطقة مينا البصل في الإسكندرية    مكافحة الإدمان: علاج 100 ألف مدمن خلال 8 أشهر    قبل أيام من انطلاق المدارس.. تحويلات الطلاب مهمة مستحيلة!    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    صراع شرس لحسم المرشحين والتحالفات| الأحزاب على خط النار استعدادًا ل«سباق البرلمان»    الشاعر الغنائي فلبينو عن تجربته مع أحمد سعد: "حبيت التجربة وهو بيحكيلي عليها"    لأول مرة، الأعلى للشؤون الإسلامية ينتج فيلما وثائقيا عن الشيخ محمود خليل الحصري    ب 3 طرق مش هتسود منك.. اكتشفي سر تخزين البامية ل عام كامل    هتتفاقم السنوات القادمة، الصحة تكشف أسباب أزمة نقص الأطباء    «الأرصاد» تُطلق إنذارًا بحريًا بشأن حالة الطقس اليوم في 8 محافظات: «توخوا الحذر»    رئيس جامعة طنطا يشهد حفل تخريج الدفعة ال30 من كلية الهندسة    حكم مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    "بعد هدف فان دايك".. 5 صور لمشادة سيميوني ومشجع ليفربول بعد نهاية المباراة    الشرع: السلام والتطبيع مع إسرائيل ليسا على الطاولة في الوقت الراهن    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    «يورتشيتش» يعلن قائمة بيراميدز لمواجهة زد في دوري نايل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة يناير وحصاد عام مضى
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 01 - 2012

فى مثل هذا الوقت من العام الماضى عاشت مصر أياما من أمجد أيام تاريخها الممتد، إذ نجحت طليعة من الشباب فى تفجير الثورة التى احتضنها الشعب، ثم انحاز لها الجيش فى مشهد نادر من مشاهد توحد الشعب المصرى ضد الطغيان. أدى ذلك إلى أول نجاح للثورة وهو إجبار رئيس الجمهورية على التخلى عن منصبه، وساد الأمل بعد هذا النجاح اللافت فى التقدم نحو بناء مصر جديدة بعد أن ضيَّع النظام السابق عقودا من عمرها بلا طائل، لكن الأمور بعد ذلك سارت عكس ما كان متوقعا.

●●●

انقسمت قوى الثورة على نفسها تنظيميا على نحو غير متوقع، وأصبح من السهولة بمكان الحديث عن قرابة مائتى ائتلاف وحزب، وسهَّلَ هذا كثيرا من ألا تكون لهذه القوى قدرة على تولى السلطة، كما يسَّرَ أيضا عملية استيلاء أية جماعة منظمة على النصيب الأوفر من ثمار الحدث الثورى. من ناحية ثانية تاهت القوى الثورية الحقيقية ما بين متطلبات هدم النظام القديم ومقتضيات بناء مصر الثورة، وفى هدم القديم أسرفت فى تنظيم مليونيات كان بعضها على الأقل دون جدوى، وفى الأخير أصبحت نتائجها عكسية نتيجة هزال عدد المشاركين فيها بعد المشهد الثورى العظيم فى يناير/فبراير 2011. وفى بناء الجديد لم تتمكن القوى الثورية من الارتقاء إلى «الحالة المؤسسية»، ودفعت ثمنا فادحا لذلك بغيابها عن ساحة الانتخابات التشريعية. صحيح أن ضآلة الخبرة وغياب الموارد كانا عاملين أساسيين فيما جرى، لكن النفر القليل من شباب الثورة الذى شق طريقه إلى البرلمان بعد معارك مضنية يثبت أن الحضور القوى فى المشهد الانتخابى كان ممكنا. وتبلور فى السياق السابق تناقض بين إصرار الفئة المتشددة ثوريا على تسليم السلطة للمدنيين فورا وبين موقفها من الانتخابات التشريعية التى تعد خطوة أولى فى هذا الصدد. وبطبيعة الحال فإن من حق كل ثورى أن يخالف النهج المتبع فى إدارة المرحلة الانتقالية، لكن المسألة فى النهاية سياسة وموازين قوى، وقد خان ميزان القوى الثوار فى الآونة الأخيرة.

●●●

قامت القوات المسلحة بدور تاريخى فى حسم نتيجة الفعل الثورى، وبقدر ما أصابنا الامتعاض من زيارة مبارك ونخبته القيادة العامة للقوات المسلحة عقب تفجر الثورة وهى رسالة مفادها أن الجيش يدعم النظام، بقدر ما فتحت أبواب الأمل أمام الثوار عندما بدأ المجلس الأعلى للقوات المسلحة يجتمع دون قيادته العليا أى مبارك وصولا إلى الانحياز للثورة وحسمها وتأمينها امتدادا للدور الوطنى للجيش المصرى عبر العهود. لكن المجلس العسكرى ربما يكون قد استمع لمشورة غير صائبة أدت إلى خلل فى خطوات بناء المستقبل، فكان البدء بالانتخابات التشريعية حيث يوكل إلى الأعضاء المنتخبين فى مجلسى الشعب والشورى اختيار الجمعية التى ستضع الدستور الجديد تمهيدا للحوار حوله والاستفتاء عليه، وقد يغير الدستور الجديد قواعد تشكيل مجلس الشعب أو يلغى مجلس الشورى، ومن ثم تعاد الانتخابات التشريعية بتكلفة باهظة فى كافة أبعادها، وإن كنت أتصور أن واضعى الدستور قد يحرصون على تضمينه مادة انتقالية تجيز استكمال مجلس الشعب مدته الدستورية، على أن تطبق القواعد الجديدة بدءا من الانتخابات القادمة، وبعد إقرار الدستور تجرى الانتخابات الرئاسية التى قد تصبح بلا لزوم إن تبنى الدستور نظاما برلمانيا صرفا يختار فيه البرلمان رئيس الجمهورية الذى سيصبح بلا حول ولا قوة. من ناحية أخرى وأعتقد أن ذلك قد وقع بسبب محدودية الخبرة السياسية نجم عن ممارسات المجلس العسكرى قدر وفير من الأخطاء التى لا يمكن قبولها وبالذات فى مجال حقوق الإنسان، الأمر الذى مس صورة الجيش ولو جزئيا، وهو أمر جد خطير بالنظر إلى أن الجيش هو المؤسسة الأولى التى يجب أن تحظى بإجماع وطنى. ومؤخرا شكَّلَ المجلس العسكرى مجلسا استشاريا مدنيا، وهى فكرة طيبة بحد ذاتها، ناهيك عما يضمه المجلس من كفاءات مشهود لها، لكن أحدا لم يلمس لها نتائج مهمة محددة حتى الآن.

●●●

خلقت الثورة موقفا جديدا تجرأت فيه الأحزاب التى كانت قائمة فى العهد السابق فلبست ثوب الثورة، وبدأ بعضها يطالب أحيانا ويزايد أحيانا أخرى علما بأنه كان جزءا لا يتجزأ من المشهد السياسى قبل سقوط مبارك. أما الشعب المصرى العظيم الذى مثَّلَ قاعدة القوة للثورة فقد بدا حينا وكأنما أصاب مس من الجنون قطاعات واسعة فيه: مطالبات فئوية ووقفات احتجاجية لا تنتهى، وعلى الرغم من أن معظمها مشروع إلا أنه أصاب الوضع السياسى وكذلك الاقتصادى بحالة من الارتباك، وأحد أسباب ذلك هو اهتراء التنظيمات النقابية والمهنية قبل الثورة، كما ساعد على تفاقم الوضع أن تلك المطالبات إما أنها قد استجيب إليها تحت ضغط الخسائر المتزايدة المترتبة على التوقف عن العمل بغض النظر عن اقتناع المسئولين بمشروعيتها الأمر الذى ساعد على إذكاء المزيد منها، وإما أن السلطات المسئولة لم تقدم استجابة شافية ومقنعة لهذه المطالبات. من ناحية أخرى بدأت ظاهرة مؤلمة تسرى فى أوساط عديد من القطاعات العاملة. ربما كان مشروع «التوريث» أحد الأسباب الأساسية التى مهدت للثورة، لكن قطاعات عاملة مهمة أصرت فى عدد من المؤسسات على «توريث الأبناء»، وإذا بالاستجابة تتم لهذا المطلب غير العادل الذى يخل بمبدأ تكافؤ الفرص خوفا من ردود الأفعال الغاضبة من قبل المطالبين.

●●●

أما الدولة فقد عاب البطء وغياب الرؤية حكومة الثورة الأولى، وازدهر فى شتى بقاعها الانفلات الأمنى الذى تسبب فيه أركان النظام السابق، وأصبح المواطن المصرى لأول مرة فى تاريخه المعاصر غير آمن على نفسه وأسرته، وتراجعت السياحة بسبب ذلك الانفلات دون تحرك يذكر من وزارة الداخلية إلى أن تولى أمرها الوزير الحالى، فبدأ المواطنون يشعرون أن الأوضاع الأمنية تتقدم نحو الأفضل، غير أن الانفلات الأمنى لم يكن من قبل البلطجية فحسب وإنما من فئات وجماعات عديدة من الشعب أدمنت قطع الطرق لأوهى الأسباب وأغربها دون قدرة من قبل الدولة على مواجهة هذه الظاهرة سياسيا وأمنيا، فزادت معاناة المواطنين، ووقع المزيد من الخسائر الاقتصادية.

يبقى أن القضاء الذى نجله ونحترمه أصبح بدوره موضعا للنقد، فثمة بطء فى معالجة القضايا المتهم فيها رموز النظام السابق، وقد يُبرَر هذا بطبيعة الإجراءات القانونية، وثمة أحكام بالبراءة تتوالى على المتهمين بقتل الثوار، صحيح أن احتمال البراءة وارد دائما، ولكن المقدمات كانت تشير بوضوح إلى الإدانة، وربما كان تعجل النيابة العامة فى إعداد ملفات تلك القضايا استجابة لضغوط الرأى العام سببا فى ذلك، وقد تُعدَل هذه الأحكام فى محاكم الاستئناف والنقض، لكن الظاهرة تبدو مربكة للجميع، خاصة أن القضاء لعب دورا شامخا فى التصدى للممارسات غير القانونية للنظام السابق.

●●●

وربما كانت نقطة الضوء الوحيدة هى الإقبال الشعبى غير المسبوق على المشاركة فى الانتخابات التشريعية، وإن كانت ثمة طعون جادة فيها تنتظر أحكام القضاء، ومع ذلك فإن التوقعات السائدة أن ذلك لن يغير جذريا فى بنية المجلس الحالى، وبما أن الإخوان والسلفيين قد حصلوا على نصيب الأسد فى هذه الانتخابات فإن نجاح التجربة يتوقف أساسا عليهم، وعلى الإخوان بالذات، وتسير الأمور حتى الآن على نحو مُرضٍ يطمئن الناس إلى أن «الحرية والعدالة» لن يكون «حزبا وطنيا» جديدا يكرر أخطاءه الفادحة، ويسعى إلى احتكار السلطة، ويساعد على ذلك أن قوى المعارضة فى البرلمان رغم أنها تمثل الأقلية قوى حية بمقدورها أن تتصدى لأية ممارسات خاطئة، وتكشف زيفها للرأى العام، كما يساعد أيضا أنه من الصعوبة بمكان أن يعود الشعب المصرى إلى القمقم فيرضى بأى شىء وكل شىء.

●●●

يبدو إذا أن إنجازات الثورة فى عام لا تتجاوز الإطاحة بمبارك وإجراء الانتخابات التشريعية، وهى إنجازات غير كافية بالتأكيد لتحقيق أهداف الثورة، ومن هنا تولدت الدعوة إلى ثورة ثانية فى 25 يناير القادم، وهى دعوة يأمل المرء من أصحابها أن يعيدوا النظر فيها، لأن القوى السياسية منقسمة الآن بين راضٍ عما جرى وساخط على ضآلة الإنجاز الثورى، ولهذا فإن الحالة الثورية فى 25 يناير 2012 ستكون مغايرة من حيث طبيعتها لمثيلتها فى 2011، ولذلك فإن المطلوب هو التفكير فى صيغة فاعلة لدفع العمل الثورى فى مصر لا يترتب عليها انقسام فادح بين القوى السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.