منذ سقوط الرئيس المصرى، حسنى مبارك، فى فبراير 2011، يرى الإعلام ومراكز الأبحاث الأمريكية قريبة الصلة بإسرائيل أن مظاهر الانفلات الأمنى داخل سيناء وصلت لدرجات خطيرة. فمن هجمات إرهابية متكررة ضد القوات المصرية ذات التسليح الخفيف، إلى تفجير خطوط الغاز المصرية مرارا قبل وقف ضخ الغاز نهائيا، فضلا عن حوادث اختطاف القبائل البدوية، المستاءة من السلطات، لسائحين أجانب وأفراد من قوات حفظ السلام. وقد استغل تجار المخدرات والبشر الفرصة، فضاعفوا نشاطهم الإجرامى، وباتوا أكثر عنفا. وشجع ضعف الدولة بسيناء بعض الإسلاميين على إقامة محاكم إسلامية للفصل بين الناس بدلا من محاكم الدولة. وبعد اختطاف سائحين أمريكيين والإفراج عنهم الشهر الماضى، نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريرا رأت فيه أن سيناء أصبحت خارج سيطرة الحكومة المصرية منذ شهور؛ ما أتاح فرصا نادرة لخلايا صغيرة من الإسلاميين المتطرفين بالعمل شبه العلنى فى أرجاء سيناء.
ورأت أن التطورات السياسية الدرامية بالقاهرة صرفت الأنظار عن خطر هذه الجماعات، التى تتغذى على سخط قبائل سيناء من سياسات الحكومات المتعاقبة «القاسية» ضد أهل سيناء. وقدرت مصادر أن نحو 150 جهاديا تجمعوا بمراكز تدريب قرب الحدود الإسرائيلية، بعضهم شارك فى القتال بأفغانستان وباكستان، وآخرون أفرج عنهم مؤخرا أو فروا من السجون مع بداية الثورة.
وفى محاضرة بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، المعروف بقربه من اللوبى اليهودى، قال اللواء الإسرائيلى المتقاعد، يو آف جالانت، إن «الوضع بسيناء أصبح ينطوى على مشاكل كبيرة بشكل متزايد، لاسيما بسبب البدو الذين فقدوا ممتلكاتهم ومصادر عيشهم ومن ثم اتجهوا للتهريب».
ومضى قائلا إنه «ليس لدى البدو أى شعور بالحقوق أو الالتزامات تجاه الحكومة، ولم تفعل القاهرة شيئا سوى زيادة المشكلة تعقيدا»، معربا عن إيمان إسرائيل بأن «الجيش المصرى قادر على التعامل مع سيناء بمفرده».
وفى محاضرة أخرى، رأى معلق شئون الشرق الأوسط بالقناة الثانية فى التليفزيون الإسرائيلى، يهود يعارى، أن «سيناء تتحول إلى فوضى؛ مما يعرض السلام المصرى الإسرائيلى الهش لمخاطر فعلية.. إذ تتحول لمنطقة شبه مستقلة تسكنها شبكات إرهابية آخذة فى التوسع»، مضيفا أن «قبائل البدو فى المناطق الوسطى والشمالية تحولت لميليشيات مسلحة تعمل بتهريب المخدرات والاتجار بالبشر وصفقات الأسلحة».
وأضاف يعارى أن «ظاهرة جديدة برزت منذ الثورة، وهى انتشار الحركات الجهادية السلفية بين السكان البدو». وأشار إلى أنه «رغم تعهد الرئيس الراحل، أنور السادات، بتوطين 2.9 مليون مصرى فى سيناء بحلول عام 2018 (لينضموا إلى السكان الأصليين البالغ عددهم 500 ألف) إلا أن هذا البرنامج لم يخرج للنور، كما عزمت كل الحكومات المصرية على تدشين برنامج كبير لتنمية سيناء، لكن لم يحدث».
ويرى ديفيد شانكر، من معهد واشنطن، أنه منذ اندلاع انتفاضات الربيع العربى صاحب الاضطرابات السياسية فى مصر ظهور جيل جديد من المتطرفين يستلهمون أفكار القاعدة تحت اسم «تنظيم القاعدة فى شبه جزيرة سيناء».
ومع هذه النظرة لسيناء من قبل الحليفين الأمريكى والإسرائيلى، تتضمن تفاصيل تعديلات مشروع الميزانية الفيدرالية الأمريكية الخاصة بالعام المالى 2012 2013، والذى يبدأ مطلع أكتوبر القادم وينتهى فى 30 سبتمبر 2013، شروطا بينها أن تهدف المساعدات العسكرية السنوية المقدمة لمصر إلى المساعدة فى حماية أمن الحدود فى شبه جزيرة سيناء، ودعم برامج قوات حفظ السلام فى المنطقة، وفى العلن تبدى إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما رفضا لتقييد المساعدات الأمريكية لمصر.