سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
من فتح باب مدرج جماهير النادى الأهلى يوم مجزرة بورسعيد؟ الحاكم العسكرى ينسبه إلى نفسه وقواته.. وشهادات الألتراس وتقصى حقائق «الشعب» تؤكد: الشهيد يوسف حمادة كسر الباب بمفرده
أكثر من 5 شهور مرت على مجزرة استاد بورسعيد ولازال الكثيرون يتذكرون تفاصيل مباراة يوم 1 فبراير الماضى المشئوم بين النادى الأهلى والمصرى البورسعيدى، والتى راح ضحيتها 74 مشجعا من ألتراس أهلاوى. أبرز تلك التفاصيل هى واقعة إغلاق باب مدرج جماهير الأهلى بالجنزير واختفاء الضابط المكلف بحراستهم ومعه المفاتيح مما تسبب فى حبسهم داخل المدرج وتكدسهم أمام الباب للخروج.
من فتح باب مدرج جماهير الأهلى؟ سؤال معروفة إجابته منذ وقوع المجزرة من شهادات الألتراس ومصابى المجزرة وتقرير تقصى الحقائق الذى أعده مجلس الشعب حول المجزرة وهو أن الشهيد يوسف حمادة هو من فتح باب المدرج.
وطوال الخمسة شهور الماضية لم يخالف أحد هذه الحقيقة سوى الحاكم العسكرى السابق لمنطقة بورسعيد، اللواء عادل الغضبان، الذى قال فى شهادته أمام المحكمة أمس الأول، إنه بعد المباراة فوجئ باستغاثات جماهير الأهلى المحتجزة بسبب غلق بوابة المدرج عليهم وعدم قدرتهم على الخروج، فتوجه بصحبة بعض القوات العسكرية إلى البواب عقب المباراة واكتشف أن الأبواب مغلقة بالقفل الحديدى وتفتح من الداخل فقط، وظل يصرخ «فين المفاتيح.. فين المفاتيح»، لكن دون جدوى فأعطى تعليماته للقوات بكسر الباب أو خلعه، وأنه شخصيا حاول ذلك لكنه فشل بمفرده وساعده الأفراد ثم تمكنوا من إسقاط البوابة إلى الخارج عكس اتجاه فتحها فاندفعت جماهير الأهلى للخارج.
وأضاف الغضبان أنه قام بتحريك القوات بالقرب من مدرجات الأهلى من الخارج للتدخل فى حال حدوث شغب، وتصدى لعدد من جماهير المصرى الذين حاولوا اقتحام الاستاد عقب المباراة، وعددهم حوالى 200 شخص، مشددا على أنه «لولا تدخل القوات المسلحة لأصبحت الخسائر فادحة».
هذه الشهادة أثارت غضب أهالى الشهداء الذين تواجدوا داخل قاعة المحكمة وهتفوا «المجلس العسكرى هو إللى لسه بيحكم.. يسقط يسقط حكم العسكر.. الحاكم العسكرى عايز يخفى الحقيقة».
شهادة ألتراس أهلاوى وتقرير لجنة تقصى حقائق مجلس الشعب عن مجزرة بورسعيد تنفى جملة وتفصيلا شهادة الحاكم العسكرى، حيث إن فضل فتح باب مدرج الأهلى يعود إلى الشهيد يوسف حمادة محمد يوسف الذى ضحى بحياته لينقذ باقى الجماهير ولولاه لتضاعف عددهم.
ففى تاريخ 12 فبراير الماضى أعلن وكيل مجلس الشعب، ورئيس لجنة تقصى الحقائق فى أحداث بورسعيد، أشرف ثابت، فى جلسة مذاعة على الهواء مباشرة عن التقرير المبدئى للجنة، والذى أكد أن يوسف حمادة هو بطل المذبحة الحقيقى لأنه رفض السلبية والاكتفاء بالمشاهدة وحاول كسر الباب الذى أغلق من الخارج، وأنه نجح فى كسر القفل الذى يغلق الباب ليسقط الباب الحديدى فوقه وتعبر الجماهير فوق جسده ليسقط شهيدا ويكون جسرا أنقذ مئات الأرواح التى اندفعت خلفه.
وذكر وكيل مجلس الشعب حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): «من صنع لكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه»، واصفا يوسف بأنه «بطل أهلاوى كان يستطيع أن ينجو بنفسه ولكنه آثر أن يدفع روحه فداء لبقية الجماهير».
أدرك أن التضحية ليست كلمات تتردد على الألسنة.. أو شعارات تكتب على اللافتات.. أو عبارات رنانة على الفضائيات، يوسف حمادة شخص فى العشرينيات من عمره غامر بروحه دون تفكير، وجازف بحياته ليكون سببا فى إنقاذ حياة المئات من جماهير النادى الأهلى، تاركا خلفه زوجته التى لم يمر على زواجهما سوى شهرين فقط، وتحمل فى أحشائها ثمرة زواجهما الأول وهو يبلغ من العمر شهرا واحدا فقط.
«يوسف بطل حقيقى ولما لقى باب المدرج مقفول مفكرش غير إنه يفتحه وينقذ أرواح المئات»، هكذا بدأت زوجة الشهيد يوسف حمادة تروى ل«الشروق» تفاصيل واقعة فتح زوجها الراحل لباب مدرج الموت.
وأشارت زوجة الشهيد إلى أنه قبل انتهاء المباراة بدقائق، خرج يوسف ومعه اثنان من أصدقائه من المدرج للذهاب إلى دورة المياه وأنهم خرجوا بعد مشادة بينهم وبين الضابط المكلف بحراسة باب المدرج الذى كان رافضا لخروج أى من جماهير الأهلى لكن إصرارهم جعل الضابط يسمح لهم بالخروج، وأثناء عودتهم من دورة المياه انتهت مباراة الأهلى والمصرى وفوجئوا بجماهير بورسعيد تنزل أرض الملعب باتجاه جماهير الأهلى فعاد مسرعا إلى باب المدرج لإنقاذ زوجته لكنه وأصدقاؤه فوجئوا بأن البوابة مغلقة بالقفل، بينما اختفى الضابط الذى كان يحمل مفاتيح المدرج، فتوجه أصدقاؤه اللذان كانا بصحبته كل منهم فى اتجاه بحثا عن الضابط والحصول على مفاتيح المدرج لإنقاذ الجماهير.
وتتابع زوجته أن يوسف وقف أمام باب المدرج للحظات ورأى بعينه جماهير التى تندفع وهى تتلفظ الشهادة نحو الباب للهروب من جحيم جماهير بورسعيد، فوجد بجواره أمين شرطة الذى أخذ منه بندقية وظل يطرق على القفل ليفتح لكن دون جدوى. ثم وقعت عيناه على حجر كبير فقام بحمله وحاول كسر البوابة، وكلما زاد اندفاع جمهور الأهلى وأصوات استغاثاتهم تتعالى؛ زاد إصرار يوسف على كسر الباب وتسارعت معها ضرباته على الباب بأى طريقة دون التفكير فى عواقب الأمور.
انكسرت البوابة وأنقذ يوسف مئات الجماهير من الموت، لكن قلب زوجته انكسر فى ذات اللحظة عندما سقطت البوابة الحديدية على جسد زوجها وفشل فى إنقاذ نفسه ولفظ أنفاسه الأخيرة فداء لأصدقائه.
«يوسف أول شهيد من جمهور النادى الأهلى يوم المجزرة»، تقولها زوجته وهى تحتسبه شهيدا عند الله، مشددة على أن أقوال الحاكم العسكرى غير صادقة ومخالفة للحقيقة باعتبار أن الجيش والشرطة لم يقوما بدورهما فى تأمين الجماهير. وقالت بحزن شديد «مش هتنازل عن حق يوسف، مش كفاية إنه مات وكمان عايزينى أسكت على حق زوجى إللى ما عشتش معاه غير شهر واحد وابنه إللى بطنى هييجى الدنيا وهو يتيم الأب».