يعرض المصور الفلسطيني أسامة السلوادي، في كتابه الجديد (ملكات الحرير)، مجموعة كبيرة من الصور الحديثة للأثواب الفلسطينية التي كانت تتميز بها كل منطقة. وقال السلوادي، الذي أصيب عام 2006 برصاصة طائشة وسط مدينة رام الله أدت إلى إصابته بشلل نصفي جعلته جليس مقعد متحرك: "استغرق العمل في هذا الكتاب سنتين بين الإعداد والبحث والتصوير."
ويضم الكتاب الواقع في 207 صفحات من القطع الكبير صور 26 شابة وسيدة تقوم بارتداء مجموعة واسعة من الأثواب الفلسطينية المطرزة، التي يعود بعضها إلى أكثر من 120 عاما.
وأوضح السلوادي أنه عثر على هذه المجموعة الواسعة من الأثواب من أناس لديهم مجموعات خاصة منها، التي تعكس ألوانها وشكل التطريز عليها المنطقة التي ينتمي إليها من الجليل إلى غزة.
ويضم الكتاب مقالين، الأول للدكتور شريف كناعنة، المتخصص بالتراث الفلسطيني، يقدم فيه شرحا عن الملابس الشعبية ودلالاتها، والمقال الثاني، للدكتورة هنيدة غانم، الباحثة في مجال علم الاجتماع، حمل عنوان (نساء يحيكن بالحرير).
وعمل السلوادي في هذا الكتاب على تقديم الثوب الفلسطيني المطرز بأسلوب يظهر سحره، من خلال استخدامه فنون التصوير الحديثة، واختيار الأماكن التي يرتبط فيها هذا الثوب بمساعدة 26 فتاة وسيدة يقمن بارتداء الثوب الفلسطيني المطرز، بالإضافة إلى مجموعة من الحلى التقليدية.
عمل فني وليس توثيقيا
ويرفض السلوادي أن ينظر إلى عمله على أنه توثيقي، ويقول في تقديمه للكتاب: "هذا الكتاب ليس عملا موسوعيا يعني بالتوثيق فقط، بل هو عمل فني بصري يحاول عرض وإظهار جمال الزي الفلسطيني وعمقه التاريخي وارتباطه بالأجداد القدماء."
ويضيف، "تم تصوير أزياء تلبسها نساء وفتيات فلسطينيات في بيئة فلسطينية تظهر أيضا جمال الإنسان الفلسطيني وجمال الطبيعة"، ويحتوي الكتاب على شرح مفصل عن طبيعة القماش والرسومات المستخدمة والمناسبات التي كانت تختلف فيها طبيعة النقوش المطرزة على الثوب بحسب المنطقة التي يرتدي فيها.
ويستعرض السلوادي الدوافع وراء إصدار هذا الكتاب، وهو السادس له قائلا: "قررت أن استخدام أسلوب العصر والسلاح الأكثر فتكا وجمالا وسحرا في الإعلام الحديث، هو سلاح الصورة لترسيخ صورة الجمال الفلسطيني الأصيل بكل تفاصليه وألوانه الجذابة ورسوماته التي ترتبط بالمكان والشعب."
ويضيف، "فالذي يمعن النظر في هذه اللوحات الفنية المطرزة بالحرير سيجد لها عمقا وبعدا تاريخيا وارتباطات وثيقة، فمنها ما يرتبط بالتاريخ كرسومات الكنعانين ومعابدهم وملابس ملكاتهم ومعبوداتهم وتجارتهم، ومنها ما يرتبط بالجغرافيا كأشكال الطيور والزهور."
ويرى السلوداي (40 عاما)، بعد مرور 21 عاما على ممارسته التصوير بشكل محترف، أن "لهذا الكتاب خاصية تختلف عن كتبه الخمسة السابقة. فهو وبكل فخر تم تصويره بالكامل بعد إصابتي بالرصاصة الغادرة التي أصابتني بالشلل."
ويضيف، "كل الصور والتحضيرات تمت على كرسيِّ المتحرك، ولهذا كان معنى وطعم آخر بسبب حجم التحديات الهائلة التي تواجه ذوي الإعاقة في بلدنا، حيث إن الوصول إلى آماكن التصوير الوعرة إنجاز."
رئيس الوزراء يدعم الكتاب
وحظي إنجاز هذا الكتاب بدعم رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، الذي شارك في حفل إطلاقه، مساء أمس الثلاثاء، في قاعة قصر رام الله الثقافي.
وقال فياض، في كلمة خلال الحفل: إن هذا "هو الكتاب السادس لأسامة السلوادي الذي نحييه لكل ما تمثله تجربته من إصرار على تجاوز الصعاب والتحديات، وكل ما مثله من تصميم على الاستمرار في نقل الرسالة كما يراها في عينيه، وكما أحب أن يراه أبناء وبنات شعبنا ومن خلالهم العالم بأسره."
وأضاف، "هذا الكتاب يمثل ذروة تفوق فيه أسامة على نفسه، وهذا ليس بالأمر اليسير في ضوء ما نعرفه وعرفناه عن الجوانب الأخرى لحياة أسامة، وما صوره من الواقع الفلسطيني في كتبه السابقة."
وتعهد السلوداي بأن يكون كتابه هذا سلسلة أولى في سلسلة كتب يتطلع إلى إصدارها وتوثق مجالات مختلفة من التراث الفلسطيني، سيخصص أحدها للزهور، وآخر للمهن الحرفية في فلسطين، إضافة إلى كتاب حول الألعاب الشعبية.
وسبق للسلوادي أن أصدر خمسة كتب مصورة، وهي: (المرأة الفلسطينية عطاء وإبداع) الذي يوثق نضالات المرأة الفلسطينية، و(ها نحن) يوثق فيه الحياة اليومية الفلسطينية، و(فلسطين كيف الحال) يقدم فيه مختلف نواحي الحياة الفلسطينية، و(القدس) يوثق فيه الحياة في القدس تحت الاحتلال، وكتاب (الحصار) الذي يوثق فيه سنوات حصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.