يقوم الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، اليوم الجمعة، بزيارة لم يعلن عنها مسبقًا لأفغانستان ليوضح للجنود الفرنسيين الأسباب التي تدفعه إلى الانسحاب المبكر من هذا البلد بعد عشر سنوات من الحرب وقبل سنتين من القوات الأخرى في حلف شمال الأطلسي. ووصل هولاند إلى مطار كابول، يرافقه وزيرا الدفاع جان إيف لودريان، ووزير الخارجية لوران فابيوس، ورئيس أركان القوات الفرنسية الأميرال إدوار غيو. وتوجه على الفور إلى قاعدة نجراب في ولاية كابيسا (شمال شرق أفغانستان) حيث يتمركز معظم العسكريين الفرنسيين.
وأكد هولاند أن انسحاب قوات بلاده قبل نهاية 2012، أي قبل عام من المهلة التي حددها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، سيتم بشكل "منظم" و"بالتنسيق" مع الحلفاء الأطلسيين في أفغانستان، مؤكدا أن قراره هذا "سيادي".
وقال "إنه قرار سيادي، وحدها فرنسا يمكنها إلزام فرنسا وسيطبق بالتوافق مع حلفائنا، ولا سيما الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي يتفهم الأسباب، وبالتشاور الوثيق مع السلطات الأفغانية".
وتابع أن "الخطر الإرهابي الذي كان يستهدف أراضينا وأراضي حلفائنا، انطلاقا من أفغانستان لم يتبدد تماما لكن تم احتواؤه جزئيا". وتمكنت قوات التحالف التي غزت أفغانستان في نهاية 2001 لمطاردة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وطرد حركة طالبان التي كانت تحميه، من السلطة من ضرب الجزء الأكبر من عناصر القاعدة الذين كانوا يتمركزون في هذا البلد.
إلا أن هذا النجاح جزئي لأن هؤلاء المقاتلين انتقلوا إلى مناطق نزاعات أخرى. وعلى الرغم من وجود 130 ألف عسكري أجنبي لدعم 340 ألف جندي وشرطي أفغاني، سيرتفع عدد القوات الأفغانية إلى 352 ألف رجل في الخريف، ما زال القضاء على تمرد طالبان هدفا بعيد المنال. وقد قتل أكثر من ثلاثة آلاف مدني في هذا النزاع.
ويخشى كثيرون في أفغانستان اندلاع القتال مجددا مع رحيل قوات الحلف الأطلسي، بينما لا تسجل المفاوضات بين الأطراف المتحاربة أي تقدم.
وقال هولاند: "لا يعود للحلفاء أن يحددوا مستقبل أفغانستان"، بل "على الأفغان والأفغان وحدهم أن يسلكوا الطريق الذي سيختارونه بحرية".
وأضاف أن "فرنسا تبقي على علاقاتها مع هذا البلد. سنواصل مشاريعنا الإنمائية" في كابيسا وسوروبي، المنطقتين الموكلتين منذ زمن طويل إلى الوحدات الفرنسية في قوات إيساف الأطلسية.
ونقلت منطقة سوروبي التابعة لكابول والتي تم تهدئة الوضع فيها نسبيا، إلى السلطات الأفغانية في إبريل الماضي رسميا. ويقوم العسكريون الفرنسيون بالانسحاب من هذه المنطقة تدريجيا. أما ولاية كابيسا الأكثر اضطرابا والملاصقة لسوروبي فقد أدرجت منتصف مايو في المرحلة الثالثة من عملية نقل المسؤوليات من الحلف إلى القوات الأفغانية، التي تُجرى على خمس مراحل ويفترض أن تنجز في نهاية 2014.
ويتمركز الجزء الأكبر من الجنود الفرنسيين، البالغ عددهم 3500 في أفغانستان في هذه الولاية. وأكد هولاند أن ألفين من هؤلاء العسكريين سيغادرون أفغانستان بحلول 2012. وسيلتقي الرئيس الفرنسي بعد عودته إلى كابول الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، وشخصيات من المجتمع المدني.
وقال مصدر أمني غربي: "إن كابيسا التي تعد نقطة مرور استراتيجية إلى كابول بالغة الأهمية، يتنازع المهربون وطالبان السيطرة عليها"، موضحا أن تنظيم انسحاب منها سيكون معقدا للفرنسيين ويطرح مشكلة للأفغان.
ورسميا، تؤكد الحكومة الأفغانية أنها مستعدة لتولي المسؤولية بدلا من القوات الفرنسية، بينما أكد الجنرال الأمريكي جون آلن، قائد القوة التابعة للحلف الأطلسي (ايساف) أنه "لن يحدث تدهور أمني" في كابيسا.
وكان هولاند أعلن عن سحب القوات بصورة مبكرة منذ بدء حملته الانتخابية ودافع عن قراره الأسبوع الماضي، أمام الرئيس أوباما خلال قمة مجموعة الثماني في كامب ديفيد، ثم في قمة حلف شمال الأطلسي في شيكاغو.