وقفت وزيرة التخطيط والتعاون الدولى، فايزة أبوالنجا، قبل يومين من أول انتخابات رئاسية حقيقية فى مصر منذ 62 عاما، تتباهى بتحقيق «قفزة هائلة فى معدل النمو الاقتصادى»، إذ حقق الاقتصاد نموا ب5.2% فى الربع الثالث من العام المالى الحالى، مقابل انكماش وصل إلى 4.8% فى شهور الثورة الثلاثة الأولى (فترة المناظرة). وبالرغم من أن «هذا النمو مؤشر إيجابى يبعث التفاؤل فى نفوس المصريين فى وقت يحتاجون فيه إلى أخبار إيجابية»، وهو أسلوب تلجأ إليه الحكومات لطمأنة مواطنيها فى أوقات الاضطرابات»، كما يقول هانى جنيه، محلل الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار فاروس، إلا أنه عند مقارنة أداء الاقتصاد فى الربع الثالث بالربع الثانى الذى يسبقه، فسيتضح أنه حدث انكماش، وهو ما لم تذكره الوزيرة خلال المؤتمر الصحفى الذى عقدته أمس الأول للإعلان عن آخر المؤشرات الاقتصادية.
فبحسب محمد أبوباشا، محلل الاقتصاد الكلى فى بنك الاستثمار هيرمس، بلغ الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الثابتة 207.5 مليار جنيه فى الربع الثالث من العام المالى الماضى، تبعا لبيانات وزارة التخطيط، وبلغ معدل النمو السنوى فى الربع الثالث من العام المالى الحالى، الذى أعلنت عنه أبوالنجا، 5.2%، وهو ما يعنى أن الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الثابتة فى الربع الثالث من العام المالى الحالى وصل إلى 218.5 مليار جنيه.
وعند مقارنة هذا الناتج (218.5 مليار جنيه) بما هو محقق فى الربع الثانى الذى يسبقه يتضح حدوث انكماش بنحو 4.4%، حيث إن الناتج فى ذلك الربع كان 228 مليار جنيه، وهى البيانات التى أكدها محلل فاروس، والمحللة الاقتصادية، ريهام الدسوقى.
وبرأى العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين، كان على الوزير الإعلان عن بيانات الربع الثالث من العام بالمقارنة بالربع الثانى، «الطبيعى أنه تتم مقارنة مؤشرات الاقتصادية سنويا، وكل الأرقام التى تعلن عنها الحكومات تعتمد على تلك المقارنات السنوية، ولكننا فى فترة خاصة لها ظروف مختلفة، فكان على الوزير إعلان المؤشرات السنوية والربعية»، بحسب تعبير الدسوقى.
وتبرر الدسوقى رأيها بأن «المقارنة السنوية فى ذلك الربع لا تعطى أى انعكاس للسياسات الاقتصادية، فأى مؤشرات ستظهر جيدة جدا عند المقارنة بشهور الثورة الأولى التى شهد فيها البلد شبه توقف، وبالتالى فمقارنة المؤشرات بشكل ربعى يعطى صورة أوضح لما إذا كنا ننمو بمعدلات أكبر أم لا، أى أن الحكومة أظهرت نصف الحقيقة فقط».
وهو ما أكده أيضا أبوباشا، معتبرا أن المعدل المعلن عنه (5.2%) يعد منطقيا جدا، ومشيرا إلى أن المجموعة المالية هيرمس كانت تتوقع أن يصل معدل النمو فى الربع الثالث من العام المالى الحالى إلى 4.1%. وفى هذا السياق، ترى ماجدة قنديل، رئيس المركز المصرى للدراسات، أن اكتفاء الحكومة بالإعلان عن المعدل السنوى فقط وليس الشهرى أيضا يعد «نوعا من التضليل».
واعتبرت الخبيرة أن «الإعلان عن تحقيق نمو يصل إلى 5.2% يعطى صورة متفائلة بأن الاقتصاد تعافى بدرجة كبيرة، وهو ما لم يحدث فى الحقيقة حتى مع الاعتراف بأن الاقتصاد بدأ يشهد تعافيا لكن لم يصل إلى هذا الحد المعلن من قبل الحكومة»، مضيفة أن أرقام النمو فى باقى العام المالى الحالى لم ولن تصل إلى هذه المعدلات، وبالكاد من الممكن أن تنجح الحكومة فى أن يصل معدل النمو خلال العام المالى إلى 2% كما أعلنت من قبل. وهو ما اتفقت عليه الدسوقى، «هذا النمو 5.2% لا يعبر عن انتعاش اقتصادى».
وتبعا لقنديل، الاقتصاد تحسن خلال الفترة الماضية بفضل تحسن مؤشرات السياحة، والصادرات والاستهلاك الناتج من الإنفاق الحكومى، وبالتالى فإن النمو لم يكن مدفوعا بزيادة الاستثمارات أو الإنتاج وهو النمو الذى يترتب عليه تحسن حقيقى فى الاقتصاد وينتج عنه توظيف.
وكانت وزير التخطيط والتعاون الدولى قد أشارت إلى أن قطاع الاتصالات نما فى الربع الثالث من العام الجارى بمعدل 8.9% مقارنة ب2.8% فى العام المالى السابق.
تقول قنديل إن نمو هذا القطاع على الرغم من أهميته فهو لا يساهم فى حل مشكلة البطالة حيث إنه قطاع غير كثيف العمالة، ويعتمد على عمالة مهارة ذات تعليم عالى وهى المهارات التى لا تتوفر فى نسبة كبيرة من المتعطلين الحاملين للمؤهلات المتوسطة، أو من غير حملة المؤهلات.