بحلول منتصف ليل اليوم الأحد 20 مايو، تبدأ فترة الصمت الانتخابى الثانية، التى تحظر فيها الدعاية الانتخابية لمرشحى رئاسة الجمهورية، وتستمر على مدى اليومين السابقين لبدء عملية الاقتراع فى الثامنة صباح الأربعاء 23 مايو، وحتى إغلاق باب الاقتراع رسميا مساء الخميس 24 مايو. والحقيقة التى يحملها لنا قانون الانتخابات الرئاسية رقم 174 لسنة 2005 بتعديلاته المتكررة المكثفة، وخصوصا خلال العام الحالى 2012، هى أنه لم يرتب أى عقوبة على المرشح الذى ينتهك فترة الصمت الانتخابى، المحددة فى المادة 20 منه، سواء بالحبس أو الغرامة، حيث اقتصرت العقوبات المذكورة فى القانون بشأن الدعاية الانتخابية على مخالفى ضوابط الدعاية المحددة فى المادة 21، ولم تتطرق العقوبات إلى المرشح الذى يمارسها فى غير الأوقات المحددة قانونا.
ويؤكد مصدر قضائى رفيع باللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أن اللجنة لاحظت منذ اليوم الأول لعملها هذا الفراغ التشريعى، الذى سمح للمرشحين بالظهور فى الفضائيات وتعليق دعايتهم الإعلانية بحرية مطلقة قبل بدء حملة الانتخابات رسميا فى 30 أبريل الماضى، مما دعا اللجنة إلى إصدار قرارها رقم 4 لسنة 2012 الذى تضمن العقوبة الوحيدة المنصوص عليها ضد منتهكى الصمت الانتخابى وهى «إزالة الدعاية الانتخابية المخالفة بالطريق الإدارى وعلى نفقة المخالف».
ويوضح المصدر أن جهات الدولة المختلفة أبدت تجاوبا لتطبيق هذه العقوبة أثناء فترة الصمت الانتخابى الأولى التى امتدت منذ فتح باب الترشح للرئاسة وحتى 30 أبريل، إلا أن كثافة الدعاية الانتخابية فى الشوارع والطرقات وظهور المرشحين فى القنوات الفضائية المختلفة، فيما عدا التليفزيون المصرى، جعل تطبيق هذه العقوبة مستحيلا من الناحية العملية.
ويشير المصدر إلى أن هذا الفراغ التشريعى كان السبب فى أن إحالة بعض مرشحى الرئاسة إلى النيابة العامة بسبب وقائع مخالفة ضوابط الدعاية الانتخابية كانت لأسباب أخرى غير انتهاك الصمت الانتخابى، مثل استغلال دور التعليم والجامعات فى حالة المرشحين عمرو موسى وعبدالمنعم أبوالفتوح ومحمد مرسى، أو استغلال المال العام فى البلاغ المقدم ضد المرشح أحمد شفيق بشأن حشد أنصاره فى سيارات إسعاف، وهما فعلان مؤثمان بنص المادة 54 من قانون الانتخابات الرئاسية.
ويرى المصدر القضائى أن التعديل الأخير الذى أدخله مجلس الشعب على المادة 54 من القانون ووافقت عليها المحكمة الدستورية بإلغاء عقوبة حبس مخالفى ضوابط الدعاية وتغليظ العقوبة المادية فقط، من شأنه إضعاف السيطرة على فوضى مخالفة ضوابط الدعاية، وازدراء المرشحين وأنصارهم لها ولفترة انتهاك الصمت الانتخابى.
ورغم هذه الصورة القانونية التى تؤكد لنا أن الصمت الانتخابى ليس له تشريع يحميه، فإن المحكمة الدستورية العليا أكدت فى حيثيات قرارها الأخير الصادر الأربعاء الماضى بشأن تعديل قانون الانتخابات الرئاسية «أن فترة الصمت الانتخابى تعد فى واقع الأمر واجبا على المرشح، والتزاما قانونيا على عاتقه، وحقا للناخب فى الوقت ذاته يستهدف إلى جانب ضبط العملية الانتخابية، تمكين الناخبين من تكوين قناعتهم والمفاضلة بين المرشحين وتحديد اختياراتهم، بعيدا عن ضغوط ومؤثرات الحملات الانتخابية وما تحويه من دعاية بوسائلها المختلفة، بعد أن أتيح لها وقتها الكافى، وبالتالى فإن إلغاء تلك الفترة يعتبر انتقاصا من حقوق الناخبين».
ويختلف وضع فترة الصمت الانتخابى فى الانتخابات الرئاسية عنه فى الانتخابات البرلمانية، لأن المادة 3 مكرر «ح» من قانون مباشرة الحقوق السياسية الذى ينطبق على انتخابات مجلسى الشعب والشورى فقط، تمنح اللجنة العليا المشرفة على هذه الانتخابات سلطة معاقبة المرشح الذى ينتهك فترة الصمت الانتخابى بتقديم طلب إلى المحكمة الإدارية العليا لشطب اسمه من قائمة الناخبين، وإذا ثبت الاتهام فى حق المرشح، يصدر حكم نهائى عاجل بشطبه غير قابل للطعن.
بينما لا يتيح قانون الانتخابات الرئاسية شطب أى مرشح حتى إذا ثبت فى حقه مخالفة ضوابط الدعاية أو تجاوز الحد الأقصى للإنفاق المالى أو انتهاك الصمت الانتخابى.
وبموجب المادة 20 من القانون والمادة الأولى من قرار اللجنة العليا رقم 4 لسنة 2012 فإن جميع الأنشطة الدعائية المباشرة وغير المباشرة للمرشحين وأنصارهم محظورة تماما فى فترة الصمت الانتخابى، وكذلك جميع المعالجات الإعلامية أو الإعلانية التى تحاول حث الناخبين على الإدلاء بأصواتهم فى اتجاه معين، صراحة أو ضمنيا، سواء قبل الاقتراع أو أثناءه، وكذلك أمام اللجان الانتخابية أو بعيدا عنها.
وعلمت «الشروق» أن تعليمات مشددة تلقتها قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزى التى ستقوم بأعمال حراسة وحماية اللجان الانتخابية بالتصدى لأنشطة الدعاية أمام تلك اللجان، حتى لا تتكرر المناوشات وأعمال الشغب التى شهدتها بعض المناطق خلال الانتخابات البرلمانية الماضية بسبب التراشق الدعائى أثناء الاقتراع.
كما أوصت لجنة التقييم الإعلامى المنبثقة عن اللجنة العليا جميع القنوات الفضائية والمحلية الأرضية بالمحظورات الإعلامية فى فترة الصمت الانتخابى لتطبيقها دون إبطاء، مشيرة إلى أن معظم القنوات الفضائية لم تلتزم بالصمت قبل الاقتراع فى الانتخابات البرلمانية.
أنشطة الدعاية المحظورة فى الصمت
نشر استطلاعات الرأى فى أى وسيلة إعلامية، أو استغلال أى استطلاع سابق دعائيا لمرشح معين.
الندوات والمؤتمرات الانتخابية سواء حضرها المرشح أم لا.
المسيرات المؤيدة للمرشح سواء حضرها أم لا.
الحوارات التليفزيونية والإذاعية والصحفية مع المرشح.
الإعلانات المدفوعة أو غير المدفوعة فى الصحافة والإذاعة والتليفزيون، سواء من مال المرشح أو تبرعا من أحد أنصاره.
تعليق اللافتات والملصقات الدعائية فى الشوارع خلال فترة الصمت، أما القائمة من قبل فليست مجرمة.
توزيع هدايا أو سلع تحمل اسم المرشح أو مصحوبة بالترويج له أو لحزبه.
توزيع المنشورات الدعائية مثل برامج المرشحين أو صورهم أو أرقام الناخبين فى اللجان الفرعية على بطاقات تحمل صور المرشحين، سواء فى المنازل أو أمام اللجان الانتخابية أثناء الاقتراع.
استخدام المرشح أو أنصاره وسائل التواصل الإلكترونية دعائيا.