أكد وزير المالية الدكتور ممتاز السعيد، اليوم السبت، أن مشروع الموازنة العامة للعام المالي الجديد والذي يبدأ أول يوليو المقبل يلبي طموحات المواطنين في تحسين مستوى الخدمات العامة وتوليد المزيد من فرص العمل وتقديم المزيد من الرعاية للفئات المهمشة في المجتمع وذلك من خلال العمل علي محورين أساسيين وهما ترسيخ العدالة الاجتماعية وتنمية الاقتصاد الوطني. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الوزير للإعلان عن مشروع الموازنة العامة وموقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وغير ذلك من قضايا مثارة لدى الرأي العام.
في السياق كشف السعيد عن إجرائه مشاورات مع المملكة العربية السعودية للاكتتاب في سندات الخزانة المصرية بقيمة نصف مليار دولار، متوقعا أن يتم ضخ هذا المبلغ في أول يونيو المقبل، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن مبلغ الوديعة التي سيتم إيداعها بالبنك المركزي بقيمة مليار دولار دخلت بالفعل منذ أيام قليلة، وتجري حاليا مشاورات مع البنك المركزي لتحويلها إلى قرض لمساندة الموازنة العامة الجديدة.
وفيما يخص الاتفاق مع صندوق النقد الدولي أشار السعيد إلى أن الصندوق أعلن مؤخرًا عن انتظاره لتوافق سياسي للتوقيع علي الاتفاق، والذي انتهت كل المشاورات الفنية الخاصة به، مشيرا إلى أن بعض التصريحات الحزبية أربكت المفاوضات، مؤكدا أن الحكومة ما تزال تأمل في التوصل لاتفاق ليس للحصول على تمويل من الصندوق ولكن للحصول علي شهادة بجدارة الاقتصاد المصري وقدرته علي تجاوز الصعوبات الراهنة.
وقال الوزير: إن مشروع قانون الموازنة العامة للعام المالي 2012/2013 يتضمن بالنسبة للصناديق والحسابات الخاصة الحصول على 20% من إجمالي إيرادات تلك الصناديق السنوية يتم توريدها شهريا للخزانة العامة، متوقعا أن تصل تلك المبالغ لنحو 10 مليارات جنيه.
وأشار الوزير إلى أن مشروع الموازنة العامة للعام المالي الجديد والذي يبدأ أول يوليو المقبل يلبي طموحات المواطنين في تحسين مستوى الخدمات العامة وتوليد المزيد من فرص العمل وتقديم المزيد من الرعاية للفئات المهمشة في المجتمع وذلك من خلال العمل علي محورين أساسيين وهما ترسيخ العدالة الاجتماعية وتنمية الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن هذين المحورين تعكسهما الزيادات الواضحة في المخصصات المالية لكل من الاستثمارات العامة والدعم والمزايا الاجتماعية والأجور.
وقال الوزير إنه في ضوء هذه السياسة الثابتة للحكومة فقد بلغت تقديرات مشروع ربط الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2012/2013 نحو 635.4 مليار جنيه مقارنة ب 594 مليار جنيه بمعدل نمو 7%، وقد قدرت المصروفات بنحو 533.7 مليار جنيه مقابل 490.6 مليار جنيه بزيادة 43.1 مليار جنيه عن ربط الموازنة للعام المالي الحالي بنسبة نمو 8.8%.
وأضاف السعيد قائلا: إن من أهم مخصصات الإنفاق العام الأجور، والتي تستحوذ علي 26% من إجمالي المصروفات العامة؛ حيث رُصد لها 136.6 مليار جنيه بزيادة 19.1 مليار جنيه عن ربط الموازنة العامة الحالية، وبمعدل نمو 15.3%، لافتا إلى أن هذه الزيادة في إجمالي الأجور تراعي كافة الزيادات الحتمية بمستويات الأجور في ضوء القوانين والقرارات الصادرة، وما يرتبط بالعلاوات الدورية والتشجيعية والترقيات والرسوب الوظيفي، وضمّ العلاوة الخاصة لعام 2007 إلى الأجر الاساسي بداية من أول يوليو المقبل، إلى جانب مراعاة التحسينات التي تقررت على دخول بعض الفئات العاملة في قطاعات الدولة المختلفة، والأخذ في الاعتبار تعديلات كل من قانون الشرطة وزيادة مرتبات أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، كما تم أيضا مراعاة تطبيق قانون الحد الأقصى للأجور.
وأوضح الوزير أن الاعتمادات المخصصة لشراء السلع والخدمات العامة قدر لها 28.8 مليار جنيه بتراجع طفيف عن العام المالي الحالي بلغ 4.6%، وذلك في ضوء تراجع أسعار تلك السلع عالميا وليس بسبب خفض كمياتها.
وأضاف أن إجمالي فاتورة الدعم والمزايا الاجتماعية تبلغ بمشروع الموازنة العامة للعام المالي 2012/2013 نحو 145.8 مليار جنيه تمثل 27.3% من اجمالي المصروفات العامة وتتركز تلك المخصصات في دعم السلع التموينية بقيمة 26.6 مليار جنيه وذلك لتوفير الدعم اللازم للخبز سواء المنتج من قمح محلي أو مستورد، بجانب توفير الدعم اللازم للسلع التموينية الأساسية والتي تصرف علي البطاقات التموينية والمستفيد منها حاليا نحو 63 مليون مواطن.
أما بالنسبة لدعم المواد البترولية فأوضح الوزير أن مخصصاتها بلغت نحو 70 مليار جنيه وهو مبلغ أقل من مخصصات العام الحالي، حيث ستتولى وزارة البترول تنفيذ خطة لترشيد هذا الدعم ووصوله إلى مستحقيه الحقيقيين، مؤكدا في الوقت نفسه أن خطة الترشيد والتي بدأت منذ يناير الماضي برفع أسعار الطاقة للصناعات كثيفة الاستهلاك من المتوقع أن تحقق نحو 6 مليارات جنيه.
أما عن المزايا الاجتماعية وتشمل ما تتحمله الخزانة لأرباب المعاشات ومعاش الضمان الاجتماعي وغيرها من المزايا الاجتماعية فقد قدر لها 32.8 مليار جنيه مقابل 24.9 مليار جنيه في موازنة السنة المالية الحالية، وقال الوزير إن مشروع الموازنة العامة يقدم أيضا نحو 16.4 مليار جنيه لتوفير الدعم لعدة برامج أخرى مثل دعم المزارعين ونقل الركاب ودعم الأدوية والتأمين الصحي علي الطلاب والمرأة المعيلة والمواليد فضلا عن دعم شركات المياه ودعم إسكان محدودي الدخل، كما رصد مشروع الموازنة العامة نحو 3.1 مليار جنيه لدعم برامج تنشيط الصادرات المصرية لما تحققه هذه البرامج من عائد علي الاقتصاد القومي وانعكاسه علي زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص عمل.
وأضاف الوزير أن فوائد القروض العامة تستحوذ علي 25.2% من مصروفات الموازنة العامة للدولة حيث رصد لها نحو 133.6 مليار جنيه بزيادة 27.3 مليار جنيه عن المخصص لها بالموازنة العامة الحالية وبنسبة نمو 25.7%.
وبالنسبة لجانب الاستثمارات العامة قال الوزير إن مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2012/2013 تضمن استثمارات بقيمة 55.6 مليار جنيه مقابل 47.2 مليار جنيه بالموازنة العامة الحالية، وهو ما يعني زيادة مخصصاتها بقيمة 8.4 مليار جنيه بنسبة نمو 17.8% عن العام المالي الحالي، فضلا عن زيادة نسبة مساهمة الاستثمارات العامة في الناتج المحلي الاجمالي، مشيرا الي ان هذه الاستثمارات تخص فقط الاجهزة الحكومية الداخلة في الموازنة العامة للدولة، وهي بخلاف الاستثمارات المخطط لها بقطاعي الاعمال العام والخاص.
وعلى جانب الإيرادات أشار الوزير إلى أن مشروع الموازنة العامة الجديدة للعام المالي 2012/2013، لا يتضمن أية ضرائب جديدة أو زيادة في الاعباء الضريبية او الرسوم مستبعدا فرض أي ضرائب على التعاملات بالبورصة المصرية والتي تحرص الحكومة علي استقرارها لانعكاس ذلك على استقرار الاقتصاد المصري وجذب الاستثمارات، مشيرا إلى أن إجمالي الإيرادات العامة للعام المالي الجديد يقدر بنحو 393.4 مليار جنيه مقابل 349.6 مليار جنيه للعام المالي الحالي بزيادة 43.8 مليار جنيه ومعدل نمو 12.5%، وهي تغطي نحو 74% من إجمالي الإنفاق العام، حيث يبلغ إجمالي فجوة التمويل بالموازنة العامة نحو 140.3 مليار جنيه.
وتابع الوزير: إن هناك زيادات ملموسة في الايرادات الضريبية المتوقعة في ضوء تحسن أداء الاقتصاد المصري في الأشهر الأخيرة حيث إن الضريبة العامة إنما هي انعكاس لمستوى أرباح ودخول أفراد المجتمع الطبيعيين والاعتباريين في عام سابق عن عام التحصيل، وهو ما يظهر في زيادة تقديرات اجمالي الضرائب العامة إلى 150 مليار جنيه بمشروع الموازنة للعام المالي 2012/2013 بزيادة قدرها 19.3 مليار جنيه وبمعدل نمو 14.8% عن ربط العام المالي الحالي.
وأضاف قائلا إن التقديرات تشير أيضا إلى تحسن معدلات الاستهلاك المحلي بما يساعد علي زيادة حصيلة ضرائب المبيعات بنحو 11.3 مليار جنيه لتصل الي 83.4 مليارا العام المالي المقبل وهو ما يعني ان ضرائب المبيعات ستساهم بنحو 31% من اجمالي الايرادات الضريبية المتوقعة العام المقبل.
وفيما يخص قطاع الجمارك قال الوزير إن حركة التجارة الدولية لمصر يتوقع أن تشهد انتعاشًا بصورة ملحوظة خلال الفترة المقبلة بما يساعد علي زيادة حصيلة الجمارك بنحو ملياري و800 مليون جنيه لتصل إلى 20.8 مليار جنيه بنسبة نمو 15.6%، وفي هذا الإطار كشف الوزير عن دراسة وزارة المالية بالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة الخارجية إجراء بعض التعديلات علي هيكل التعريفة الجمركية لرفع الرسوم على السلع الكمالية والترفيهية، ودون التعرض للسلع الأساسية أو مستلزمات الإنتاج، متوقعا أن تحقق هذه الزيادة نحو ملياري جنيه موارد إضافية في حالة إقرارها.
وأضاف الوزير أن إجمالي الإيرادات غير الضريبية والتي تمثل معظمها عوائد ملكية الدولة وفوائض الهيئات الاقتصادية فقد ارتفعت التوقعات لها إلى 117.5 مليار جنيه بزيادة 10.1 مليار جنيه عن العام المالي الحالي وذلك في ضوء التحسن الملحوظ في حركة الاقتصاد الوطني، وأوضح أنه رغم حجم الحزم الماليّة التي أعلنت بعض الدول الصديقة والمؤسسات الدولية عن منحها لمصر إلا أن تقديرات الموازنة العامة تحفظت عند رصد تلك المنح التي يمكن أن تحصل عليها مصر وتم تقديرها بنحو 9 مليارات جنيه فقط.
من ناحية أخرى كشف الوزير عن إعداد مشروع قانون لتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العقارية، من أهمها إعفاء المسكن الخاص من الضريبة، حيث تخطط الوزارة لبدء تطبيق القانون من أول يوليو المقبل مع بدء عمل الموازنة العامة الجديدة، متوقعا أن تحقق الضريبة العقارية نحو مليار جنيه في العام الأول للتطبيق.
كما أوضح الوزير أن مصلحة الضرائب العامة تدرس إعادة العمل بآلية تحصيل ضريبة التصرفات العقارية والبالغة 2.5% عند التسجيل، مشيرا إلى أن تلك ضريبة مقررة منذ سنوات بالفعل، وهي حاليا يتم توريدها بعد تسجيل نقل الملكية، وهو ما قد يتيح للبعض فرصة التهرب من أدائها، نافيا اتجاه الوزارة لتطبيق نظام الضريبة على القيمة المضافة في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن هذا يتطلب استعدادات وتأهيلا للمجتمع الضريبي يحتاج لوقت.