سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصر(المروية) بشعارات المرشحين.. و(العطشانة) فى برامجهم برامج انتخابات رئاسية «جافة» إلا من عبارات رنانة عن «الأمن القومى المائى» وتوفير مليارات الأمتار من المياه ب«النية»
تتحدث التقارير الدولية عن خطر الأزمة المائية التى باتت تهدد أمن الدول العربية، وبشكل خاص مصر، التى يتنازع معها على موردها المائى الوحيد 7 دول تريد السيطرة على منابع النيل.. وفى الوقت نفسه تتصاعد النداءات لوضع برامج المياه على رأس الأجندة السياسية العالمية، بعد أن انتقلت الأزمة إلى مرحلة الخطورة التى تنبأ الخبراء لها فى معرض الحديث عن حروب المياه. تعتمد مصر على 85% من مواردها المائية على نهر النيل الذى تستهلك منه 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا، وهى حصتها التى تأتى 85% منها من النيل الأزرق النابع من الهضبة الإثيوبية و15% من الهضبة الاستوائية، وهى الحصة التى ينازعها عليها دول منابع النيل التى تصر على إلغاء الحصص التاريخية لمصر، وترى أحقيتها فى استغلال مياه النيل حتى لا يكون لمصر وحدها نصيب الأسد من مياه النيل حسب زعمهم إلا أن هذه الحصة مضاف عليها الكميات القليلة من المياه الجوفية ومياه الأمطار والصرف الصحى المعالج لا تكفى احتياجات المصريين من المياه.
«الشروق» بحثت فى برامج المرشحين لرئاسة الجمهورية عن ملف المياه وماذا يقدمونه من حلول واقعة لإنقاذ مصر من خطر الفقر المائى الذى بات واقعا يعانى منه الفلاحون.
حمدين صباحى:
يقول صباحى فى برنامجه الانتخابى إنه سيوفر 9 مليارات متر مكعب من المياه بصورة مباشرة لخدمة الأغراض الزراعية من خلال رفع كفاءة نظام الرى السطحى إلى الحد الأقصى فى أراضى الوادى والدلتا، واستكمال مشروع تطوير الرى الذى بدأته وزارة الرى منذ عام 1978، ورفع كفاءة الرى داخل الحقول عن طريق تعميم التسوية بالليزر والرى بالشرائح والخطوط الطويلة، وإعادة التركيب المحصولى إلى ما ينبغى أن يكون عليه سوف يؤدى إلى توفير مياه الرى بكميات كبيرة، موضحا أن استبدال 0.5 مليون فدان برسيم بالقمح يوفر 0.5 مليار م 3 واستبدال نصف مليون فدان أرز بالذرة يوفر مليارا واستبدال المزارع السمكية المفتوحة بالمزارع السمكية نصف المكثفة توفر 3 مليارات م3 وتغيير نظام رى البساتين فى الأراضى القديمة يوفر 3 مليارات متر مكعب.
خالد على:
تناول البرنامج الانتخابى للمرشح على انتخابات الرئاسة، خالد على بندا خاصا بالحفاظ على نهر النيل، قال فيه إن النيل هو أهم عناصر البيئة الطبيعية فى مصر على الإطلاق، وأكثرها تأثيرا على حياة المصريين بشكل مباشر، لذلك يولى برنامجنا أولوية خاصة لحمايته لصالح جميع المصريين والأجيال القادمة، حيث التصدى لمحاولات ردم أى مساحات من النهر والتصدى لمخالفات السحب الجائر للمياه والمحافظة على نوعية المياه من خلال منع صرف أى مخلفات تؤثر على نقاء المياه، والمحافظة على الثورة السمكية فى النهر.
وفيما يتعلق بملف حوض النيل قال على فى برنامجه: «نحن نؤمن بأن مفهوم الأمن القومى المصرى لا يقتصر على حدود مصر السياسية، بل على مفهوم أوسع وأشمل ويمتد جنوبا إلى منابع النيل، لذلك سنعمل على تنشيط الدور المصرى فى الاتحاد الأفريقى وتعزيز الدبلوماسية الشعبية».
عبدالمنعم أبوالفتوح:
تناول برنامج المرشح عبدالمنعم أبوالفتوح قضايا المياه كجزء من المنظومة الزراعية، مشيرا إلى الاهتمام بالأمن المائى المصرى بشكل أوسع بما يركز على تعدد المصادر المائية وسياسات ترشيد الاستهلاك المائى مشيرا إلى «تطوير أنظمة الرى خاصة فى المناطق شبه الصحراوية مثل سيناء ومطروح والتوسع فى الزراعات المناسبة لهذه الزراعات والصناعات المكملة لها»، دون الإشارة إلى آليات محددة لكيفيه تطوير هذه النظم أو كيفيه توفير المياه التى تكفى لزراعة المناطق الشبه صحراوية.
وفيما يتعلق بمياه النيل أكد أبوالفتوح فى برنامجه التعامل مع قضية النيل كأولوية أمن قومى بجميع الجهود الدبلوماسية والاستخباراتية، مشيرا إلى دور مصر فى أفريقيا وحوض النيل من خلال التعاون فى شتى المجالات.
عمرو موسى:
يقول موسى عن قضية المياه إن برنامجه الانتخابى يطرح استراتيجية شاملة لتنمية وحسن إدارة موارد مصر من المياه بداية من تطهير نهر النيل وإحياء مشروع فرع ثالث للنيل عبر غرب الدلتا ووادى النطرون، واستخدام أسلوب الرى الحديث فى الأراضى الجديدة والاستفادة من تكنولوجيا إعادة استخدام مياه الصرف المعالجة للتوسع فى زراعة محاصيل غير غذائية وتكنولوجيا تحلية مياه البحر. وهى التكنولوجيا التى سنلجأ مستقبليا أخذها فى الاعتبار ما تطلبه من استثمارات، وتغير اللوائح والقوانين وآليات تنفيذ القانون.
ووضع موسى استراتيجية جديدة للتعاون مع دول حوض النيل على المستويين الشعبى والرسمى، تستهدف تعظيم التعاون التنموى القائم على المصالح المشتركة وتحقيق التكامل الزراعى وتعظيم كفاءة إدارة وحسن استغلال موارد النهر، بما يسمح بزيادة الحصة المائية، وتقليل فواقد المياه فى النهر من خلال استكمال مشروع قناة جونجلى.
أحمد شفيق:
نص البرنامج الانتخابى لأحمد شفيق على تطوير أنظمة الرى وحركة النقل بنهر النيل وحماية النيل من الناحية البيئية ونشر ثقافة الاهتمام بالمياه وترشيد استهلاكها وزيادة الاستثمارات على النيل. وفيما يتعلق بملف النيل قال شفيق فى برنامجه إنه سيعين مفوضا رئاسيا لشئون نهر النيل وإعطاء علاقة مصر بدول الحوض كل الاهتمام والحفاظ على الحقوق التاريخية.
محمد مرسى:
تناول البرنامج الانتخابى لمحمد مرسى الذى حمل عنوان «مشروع النهضة» قضية المياه ضمن خطته للحفاظ على الموارد الطبيعية والتى تحددت فى تطوير نظم الرى الزراعية وتقييم شبكات تغذية المياه الحالية ووضع أولوية لإحلال التالف منها وتقنين الاستهلاك الترفيهى للمياه وتبنى أسلوب الصر المغطى لتقليل معدلات البخر، وتفعيل دور الشرطة النهرية فى ضبط حالات تلوث مياه النيل.
وفيما يتعلق بالتحديات الإقليمية المرتبطة بملف مياه النيل قال مرسى فى برنامجه إنه سيعيد الاعتبار للدائرة الأفريقية من خلال تنظيم خطة دبلوماسية وإعلامية واسعة النطاق على مستوى أفريقيا ودول حوض النيل، وتأمين حصة مصر من مياه النيل وضمان استمراريتها وحماية حقوق مصر المائية فى إطار رعاية مصالح جميع دول حوض النيل بالإضافة إلى حماية جنوبى البحر الأحمر لتأمين معبر قناة السويس واعتماد الإجراءات والسياسات التى تضمن ذلك.
غياب رؤية مصر والسودان
يقول الخبير الأفريقى هانئ رسلان إن الفريق أحمد شفيق هو المرشح الوحيد الذى حدد إجراء للتعامل مع قضية حوض النيل وهو تعيين مفوض رئاسى لشئون حوض النيل، وهو ما يعنى إسناد هذه القضية إلى جهة محددة لمتابعة سياسات مصر تجاه ملف النيل وأفريقيا، وهو ما كان الخبراء ينادون به بأن تكون هناك وزارة لشئون السودان والنيل ملحقة بالرئاسة، ولها كامل الصلاحيات، بسبب التشتت وتعدد الاختصاصات والتنازع بين المؤسسات القائمة على ملف النيل، حيث وزارة الخارجية والرى والأمن القومى والتعاون الدولى.
وانتقد رسلان غياب وجود رؤية واضحة للتعامل مع السودان، مشيرا إلى المعايير غير المنطقية التى تتعامل بها مصر فى تحديد المسئولين عن ملف المياه، حيث تغير المسئول عن الملف فى الخارجية مثلا بعد أقل من سنتين ونقله إلى مسئول جديد.
وعلق رسلان على فكرة إنشاء مفوضية لدول حوض النيل على أنها فكرة أثبتت فشلها بعد مبادرة حوض النيل التى انقلبت على مصر بتوقيع اتفاقية حوض النيل وخلقت تكتلا لدول المنابع ضد مصر.
ويقول خبير المياه الدولى، ووزير الرى الأسبق، محمد أبوزيد إن قضية المياه لم تأتِ على قائمة أى من مرشحين الرئاسة، سوى حمدين صباحى الذى كان أكثر المرشحين حديثا عن التوجه الأفريقى، لكن قضية حوض النيل فى برامج المرشحين لم تخرج عن كونها إشارات عابرة رغم أهمية الموضوع، وتأكيد جميع المؤتمرات الدولية والأمم المتحدة إلى ضرورة وضع المياه على قمة الأجندة السياسية العالمية ودون ذلك لن تأخذ قضايا المياه الأهمية المطلوبة، خاصة أن سبب تدهور ملف المياه فى مصر تدهور العلاقات السياسية مع دول النيل.
يرى أستاذ المياه بجامعة القاهرة، ووزير الرى الأسبق، محمد نصر الدين علام أن وضع استراتيجيات لمعالجة قضايا المياه فى برنامج انتخابى للرئاسة يجب أن يعترف أولا بالمشكلات القائمة على المستوى الداخلى والإقليمى دون إسناد الحلول إلى شعارات كان يتخذها النظام السابق. يشير علام إلى المشكلات الإقليمية التى باتت تهدد الأمن المائى والقومى المصرى بشكل مباشر والتى تتلخص فى وجود تكتل من دول منابع النيل وقعت بالفعل على اتفاقية إطارية تقر إعادة توزيع المياه خصما من حصتى مصر والسودان، وتصر على إنشاء سدود على نهر النيل على رأسها إثيوبيا التى تصر على إنشاء سد النهضة والتى يخصم 13 مليار متر مكعب، ويقلل كهرباء السد العالى 20 %، فضلا على معارضة دول المنابع، وعلى رأسها أوغندا وإثيوبيا لمشروعات زيادة الفواقد وزيادة الإيراد بحجج مناخية وبيئية.
يقول علام إن الإجابات التى أشار إليها المرشحين فى برامجهم اتسمت بالتجاهل التام للسدود المزمع انشاءها على النيل، وقد يرجع ذلك كما يرى إلى عدم المجازفة لصعوبة الموقف فى حوض النيل. وأكد علام أن شعارات الدبلوماسية والشعبية وتعزيز التعاون مع دول حوض النيل وزيادة الاستثمارات لم تعد تجدى فعليا فى حل أزمة مياه النيل، لافتا إلى أن إثيوبيا وضعت حجر أساس سد النهضة بعد زيارة الدبلوماسية الشعبية بأسبوعين، وكان رد إثيوبيا بالتوقيع على الاتفاقية الإطارية وبناء السد بعد أن زادت مصر استثماراتها إلى 2 مليار دولار فى عامى 2009 و2010.
يقول علام إن الحديث عن تعزيز التعاون والعلاقات الجادة والوجود القوى فى أفريقيا كل هذا مطلوب، لكنه لا يحل مشكلة النيل أو مياه الشرب فى مصر، فى إشارة إلى أن إثيوبيا ستنتهى من المرحلة الأولى من سد النهضة فى نهاية 2013 وهى فترة الرئيس القادم.