لقي ستة أشخاص على الأقل مصرعهم امصرعهم مصرعهم في هجمات على منزل يأوي موظفين أجانب في العاصمة الأفغانية كابول اليوم الأربعاء، بعد ساعات فقط على زيارة خاطفة للرئيس الأمريكي باراك أوباما. وشوهد الدخان يتصاعد من مجمع "القرية الخضراء" المحاط بتدابير أمنية مشددة والذي يستخدمه موظفو الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي، قرب مطار العاصمة الأفغانية الذي استهدفته في وقت سابق عملية انتحارية بواسطة سيارة مفخخة تبنته حركة طالبان.
ويأتي الهجوم الذي تزامن مع الذكرى السنوية لمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بعد أسبوعين على تعرض كابول لأسوأ هجمات منذ بدء النزاع قبل عشر سنوات عند قيام ناشطين باستهداف مكاتب للحكومة وسفارات وقواعد أجنبية، وفور بدء الهجوم الأربعاء انطلقت صفارة الإنذار في السفارة الأمريكية ووضعت السفارة في "حالة إغلاق" وتم تحذير العاملين فيها بضرورة "الاحتماء والابتعاد عن النوافذ".
وكتبت السفارة على صفحتها من موقع "تويتر" إغلاق واحتماء في السفارة والأمر ليس تدريبا - تجنبوا المنطقة"، وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قام قبل ذلك بزيارة مقتضبة الى كابول أحيطت بالسرية وبإجراءات مشددة ووقع خلالها اتفاقًا مع الرئيس حامد كرزاي تتعهد الولاياتالمتحدة بموجبه بتقديم مساعدات لمدة عشر سنوات بعد رحيل القوات القتالية للحلف الأطلسي في العام 2014.
وتذكر الهجمات بالتهديد الإرهابي المستمر في أفغانستان والمتمثل بحركة طالبان وذلك بعد عقد على طردهم من الحكم بعد رفضهم تسليم بن لادن في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية صادق صديقي: "قتل خمسة مدنيين وحارس"، مضيفا أن الهدف كان نزل "القرية الخضراء" الذي يأوي موظفي منظمات دولية، وأعلنت حركة طالبان تبنيها الهجوم.
وقال متحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد في رسالة نصية أرسلها إلى وكالة فرانس برس: "اليوم، نفذ مجاهد مخلص هجوما انتحاريا بسيارة مفخخة على قاعدة عسكرية أجنبية في كابول لحقه مجاهدون آخرون اقتحموا القاعدة"، وقال كرزاي إن الاتفاق مع الولاياتالمتحدة "لا يهدد اي دولة ثالثة بمن فيها الدول المجاورة ونأمل في أن يؤدي ذلك إلى إحلال الاستقرار والازدهار والتنمية في المنطقة".
وصرح أوباما خلال مراسم التوقيع على الاتفاق: "لم تسع الولاياتالمتحدة ولا كابول وراء هذه الحرب، لكننا صمدنا معا طيلة عقد كامل"، وقال أوباما: "نأمل بمستقبل يعمه السلام ونحن نوقع اتفاقا لنصبح شركاء على المدى الطويل"، قبل أن يعود إلى الولاياتالمتحدة بعد زيارة استمرت ست ساعات فقط.
وهذا الاتفاق الذي وقع قبل ثلاثة اسابيع من قمة الحلف الاطلسي في شيكاغو، لا يلحظ ابقاء قواعد عسكرية دائمة في أفغانستان لكنه يلزم هذا البلد منح "تسهيلات للقوات الأمريكية حتى 2014 وما بعده"، كما يلحظ الاتفاق "إمكان (بقاء) قوات أمريكية في أفغانستان إلى ما بعد 2014 لتدريب القوات الافغانية واستهداف (عناصر) القاعدة المتبقين"، بحسب البيت الأبيض.
وأشار البيت الأبيض إلى أن "الولاياتالمتحدة ستعتبر أفغانستان حليفا رئيسيا غير عضو في الحلف الأطلسي"، وهو امتياز سبق أن حصلت عليه بلدان مثل اليابان والأردن ومصر، إلا أن هذا الاتفاق "لا يلزم الولاياتالمتحدة بعدد جنود أو مستوى تمويل في المستقبل".
وهذه الزيارة لأوباما هي الثالثة التي يقوم بها منذ توليه الحكم في يناير 2009، وفي زيارته السابقة لأفغانستان في ديسمبر 2010 لم يبق الرئيس الأمريكي سوى أربع ساعات في باغرام برفقة الجنود الاميركيين ولم يلتق كرزاي، وتنشر الولاياتالمتحدة 87 ألف جندي في أفغانستان يشكلون أكبر كتيبة داخل قوة الحلف الأطلسي (إيساف) التي تضم 130 ألف جندي.
وتدخلت قوات الحلف في أفغانستان في أكتوبر 2001، بعد شهر من اعتداءات 11 سبتمبر وأطاحت بنظام طالبان الذي كان يأوي أسامة بن لادن، وتمت تصفية الأخير في الثاني من مايو 2011 في عملية نفذتها وحدة من القوات الخاصة الأمريكية في باكستان.
ورغم المقاومة التي تبديها طالبان، تحسن الوضع الأمني في أفغانستان وخصوصا بفضل تصاعد قدرات القوات الأفغانية وفق ما أعلن البنتاجون في تقرير نشر الثلاثاء، لكن وزارة الدفاع الأمريكية أشارت إلى أن معاقل المتمردين في باكستان والفساد يشكلان "تحديات جدية وبعيدة المدى"، ومن المقرر أن تغادر قوات إيساف المقاتلة البالغ عددها حوالي 130 ألف عنصر يشكل الأمريكيون أكثر من ثلثيهم بحلول نهاية 2014 في ختام عملية تدريجية لنقل السلطات إلى القوات الأفغانية.