«سكند لايف» أو الحياة الثانية، الموقع الأشهر للحياة الافتراضية على الإنترنت مازال مساحة غنية ومتعددة الاستخدامات لأكثر من 16 مليون شخص، هم عدد أعضائه، سواء لكسب الأموال، أو كمنابر سياسية لحشد الناخبين، وكمساحة للتعايش بين الثقافات والحوار بين الأديان، أو فى تطويعه للتعليم عن بعد وغيرها من المجالات، فماذا عن شكل وحجم الوجود المصرى فى هذا العالم الذى يزداد أهمية يوما بعد يوم؟. حاولت البحث عن وجود لمصر فى هذا العالم، فأثمر بحثى عن اكتشاف ضعف الوجود النوعى والحقيقى لأى مؤسسة مصرية فى أى مجال، إلا من بعض الجزر الترفيهية أو السياحية ضعيفة الأثر. دلنى محرك البحث على جزر قليلة حاولت تجسيد حضارة مصر الفرعونية، لكن فى شكل أقرب ما يكون للبازارات السياحية أو بمحاكاة بعض المنتجعات والشواطئ المصرية مثل مدينة دهب، وهى كلها اجتهادات متواضعة جدا مقارنة بأنشطة دول أخرى عديدة. وعلى مقربة، صادفت «قهوة الفيشاوى» أشهر مقاهى حى الحسين بالقاهرة، وتتيح القهوة الإفتراضية لزائريها من سكان «سكند لايف» جميع أنواع المشروبات الساخنة والباردة، كما أنها لا تبخل على زائريها بمشاهدة «الرقص الشرقى» فتم تجهيز المكان براقصة افتراضية تقوم بحركات الرقص تماما كما لو كنت تشاهدها فى الحقيقة، وتتيح الجزيرة نفسها فرصة لهواة ركوب الخيل إلى امتطاء أفضل أنواع الخيول العربية. وبعد محاولات بحث مضنية لاح فى الأفق بصيص وجود مصرى مميز نسبيا يسعى لتطويع أدوات سكند لايف فى تحقيق أهداف سواء شخصية أو عامة، تجلى ذلك فى اكتشاف جزيرة عرفت باسم «مصر الحقيقية»، وبحسب تامر حسن القائم على الجزيرة فإنها تسعى لتكون «ملتقى للمصريين فى هذه الحياة»، وتسعى ضمن أهدافها إلى الحفاظ على صورة مصر والمصريين التى شوهتها كثيرا وسائل الإعلام الأجنبية بقصد منها أو عن جهل. وتحتوى الجزيرة التى تعد مقصد المصريين فى سكند لايف على أماكن أثرية عديدة، كما تم تدشين مجسم برج القاهرة، وهناك محاولات جادة ودءوبة لبناء الأهرامات الثلاثة، وحرص القائمون على الجزيرة على وضع العلم المصرى فى أحد جنباتها. ضعف الوجود المصرى النوعى فى سكند لايف، أرجعه د. محمد يحيى الخبير الفنى فى عالم سكند لايف إلى «عدم معرفة الكثيرين به بسبب ضعف التغطية الإعلامية المحلية لهذا العالم». وأضاف: «كما أن الدخول لهذا العالم يحتاج إلى مواصفات معينة فى جهاز الكمبيوتر لا تتوافر لدى كثيرين». وأشار يحيى إلى أن عدد الشباب المصرى على سكند لايف قليل مقارنة بالمغاربة والجزائريين. وتحتوى «سكند لايف» أو الحياة الثانية على جميع أشكال الحياة الإنسانية، حيث يتصرف المقيمون فيها وكأنهم سكان فى مدينة واقعية فيمارسون أعمالا ونشاطات تحاكى الواقع؛ كالتجول وتشييد المنازل وتأسيس المكاتب والشركات، بل وممارسة الرياضة ومشاهدة حفلات السينما والموسيقى وحضور الفاعليات الثقافية. ويماثل «سكند لايف» فى بنائه شكل الألعاب ثلاثية الأبعاد، ولكن ما يميزه عنها إمكانات التفاعل والتعارف بين رواده، والبيئة المصممة للتعايش وإلقاء المحاضرات والتعليم بجانب الترفيه، وأطلقه فليب ليندن عام 2003 من مختبره فى مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية.