قبل الثورة كان الشباب والمرأة من أكثر فئات المجتمع تأثرا بمعدلات البطالة المتفاقمة فى مصر، وهى الفئات التى ازداد وضعها الاجتماعى هشاشة بسبب التباطؤ الاقتصادى بعد ثورة يناير، وفقا لدراسة لمنظمة العمل الدولية تم عرضها خلال مؤتمر للمنظمة اختتم أعماله فى القاهرة أمس، تحت عنوان «التشغيل من أجل الاستقرار والتقدم الاقتصادى والاجتماعى»، موصيا بسياسات عاجلة لتخفيف صدمة الأزمة الاقتصادية الحالية، وأخرى طويلة الأجل لضمان معدلات تشغيل أفضل مستقبلا. «أكثر من 90% من المتعطلين فى مصر من الشباب، واحتمالية تعرض تلك الفئة للبطالة تمثل ستة أضعاف تلك الاحتمالية بين البالغين، وقدرت الدراسة أن أقل من ثلاثة من كل عشرة شباب لديهم وظيفة، وبالنسبة للنساء الشابات فالأمر يزداد سوءا، كما تضيف الدراسة مقدرة أن واحدة من كل عشرة شابات لديها وظيفة فى سوق العمل المصرى. وتظهر البطالة بين مختلف الطبقات، كما توجد أيضا بين المتعلمين، وهى الظاهرة التى تظهر فقط فى المنطقة العربية»، كما تقول دراسة منظمة العمل.
وحذر المؤتمر من أن الثورات الاجتماعية التى شهدتها دول شمال أفريقيا العام الماضى أثبتت أن الحل الأمنى لن يساهم فى استقرار الأوضاع، وأن تطبيق سياسات اجتماعية ناجحة هو الطريق الوحيد لاسترجاع الاستقرار، وفقا لما قاله خليل الزاوية وزير الشئون الاجتماعية بتونس.
وكان معدل البطالة فى مصر قد ارتفع خلال الربع الأخير من عام 2011 إلى 12.4% مقابل 8.9% خلال الفترة نفسها من عام 2010، ولم تلق دراسة منظمة العمل الدولية كامل مسئولية تفاقم البطالة على حالة عدم الاستقرار التى أعقبت الثورة، موضحة انه «حتى فى فترات النمو الاقتصادى المرتفع كان نمو الوظائف غير كاف لاستيعاب الداخلين الجدد إلى السوق»، وأشارت الدراسة إلى ان ضعف مستويات التعليم والتدريب لعب دورا كبيرا فى صعوبة الحصول على فرص العمل، ف27% فقط من الشباب مثلا يحصلون على التدريب الفنى.
وأشارت الدراسة إلى أن القطاع غير الرسمى أصبح يمثل مصدرا أساسيا لتوظيف الشباب، وهو القطاع الذى لا يقدم للعمالة الشابة حقوقها القانونية، فوفقا للتقرير يتمتع 15.7% من إجمالى الشباب العاملين فى مصر بعقود رسمية مع أصحاب العمل، ويوظف هذا القطاع 32.2% من النساء الشابات العاملات، مما يجعلهن أكثر تعرضا للفصل بسبب الأزمات الاقتصادية، كما تعانى المرأة المصرية بصفة عامة من تدنى الأجور فى قطاعى الخدمات بالتعليم والصحة مقارنة بالمعدلات العالمية، والتى تظهر فيها العمالة النسائية بقوة، وفقا للدراسة.
وتعتبر المنظمة أن غياب الوجود النسائى فى العديد من المواقع القيادية، حتى فى النقابات العمالية المستقلة، لعب دورا فى عدم الدفاع عن حقوقهن فى العمل «لم تتم ترجمة شجاعة النساء فى الثورة إلى مكتسبات يحصلن عليها».
وأوصت المنظمة بضرورة اتجاه الدولة للاستثمار فى قطاعى الأعمال العامة والبنية الأساسية لتوفير فرص العمل، نظرا لاتساع نسبة الوظائف بهذين القطاعين للعاملين قليلى المهارة، بنسبة 80% من إجمالى فرص العمل.
كما أوصت الدراسة بتطبيق برامج تمزج التعليم المدرسى والتدريب فى الشركات لتوفير فرص العمل التى يطلبها القطاع الخاص، وبرامج «الفرصة الثانية» التى تستهدف المتسربين من التعليم، علاوة على تقديم الحكومة دعما للشركات بهدف توفير فرص عمل للفئات المهمشة اجتماعيا.