أجمل ما يقال للحاج عند عودته من مكة بعد أداء المناسك.. عبارات ملهمة    الإفتاء: توضح شروط صحة الأضحية وحكمها    بتكلفة 4 ملايين جنيه.. محافظ الغربية يفتتح قسم العناية المركزة بمستشفى سامول بعد تطويره    مجلس جامعة القاهرة يثمن قرار إعادة مكتب التنسيق المركزي إلى مقره التاريخي    الوزير محمد عبد اللطيف يلتقي عددا من الطلاب المصريين بجامعة كامبريدج.. ويؤكد: نماذج مشرفة للدولة المصرية بالخارج    كلمات تهنئة معبرة للحجاج في يوم التروية ويوم عرفة    رواتب مجزية ومزايا.. 600 فرصة عمل بمحطة الضبعة النووية    وزير الثقافة يتابع حالة الأديب صنع الله إبراهيم عقب تعافيه    قومية المنيا تعرض الإسكافي ملكا ضمن عروض الموسم المسرحي    بالصور- حريق مفاجئ بمدرسة في سوهاج يوقف الامتحانات ويستدعي إخلاء الطلاب    دموع معلول وأكرم واحتفال الدون وهدية القدوة.. لحظات مؤثرة في تتويج الأهلي بالدوري.. فيديو    إنريكي في باريس.. سر 15 ألف يورو غيرت وجه سان جيرمان    رسميًا.. بايرن ميونيخ يُعلن عن أولى صفقاته الصيفية استعدادًا لمونديال الأندية 2025    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة في شبرا.. صور    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 الترم الثاني محافظة المنوفية    عرفات يتأهب لاستقبال الحجاج فى الموقف العظيم.. فيديو    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    الحكومة تعلن موعد إجازة عيد الأضحى (تعرف عليها)    بحضور سينمائيين من السودان.. عرض فيلم طنين بمركز الثقافة السينمائية    بين التحضير والتصوير.. 3 مسلسلات جديدة في طريقها للعرض    انتهاء رحلة ماسك في البيت الأبيض.. بدأت بفصل آلاف الموظفين وانتهت ب«خيبة أمل»    مجلس حكماء المسلمين يدين انتهاكات الاحتلال بالقدس: استفزاز لمشاعر ملياري مسلم وتحريض خطير على الكراهية    حماس: إسرائيل تُهود الأرض الفلسطينية ضمن مشروع ضم صريح    منافس الأهلي.. باتشوكا المكسيكي يعلن رحيل مدربه    مصنع حفاضات أطفال يسرق كهرباء ب 19 مليون جنيه في أكتوبر -تفاصيل    قرار مفاجئ من الأهلى تجاه معلول بعد دموعه خلال التتويج بالدوري    ياسر إبراهيم: بطولة الدوري جاءت فى توقيت مثالي    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    سعر الذهب ينخفض للمرة الثانية اليوم بمنتصف التعاملات    رئيس قطاع المتاحف: معرض "كنوز الفراعنة" سيشكل حدثا ثقافيا استثنائيا في روما    حملات لضبط متجري المخدرات والأسلحة والهاربين من تنفيذ الأحكام ب 3 مديريات أمن    حملات تفتيشية على محلات اللحوم والأسواق بمركز أخميم فى سوهاج    استشهاد وكيل المرور دهسًا في كمين العلمين.. والأمن يضبط السائق    رئيس جهاز حماية المستهلك: المقر الجديد بمثابة منصة حديثة لحماية الحقوق    نتنياهو: سنأخذ غالبية أراضي غزة من حماس    أردوغان: "قسد" تماطل في تنفيذ اتفاق الاندماج مع دمشق وعليها التوقف فورًا    الكرملين: أوكرانيا لم توافق بعد على عقد مفاوضات الاثنين المقبل    لندن تضغط على واشنطن لتسريع تنفيذ اتفاق تجارى بشأن السيارات والصلب    «أحد سأل عني» ل محمد عبده تتجاوز المليون مشاهدة خلال أيام من طرحها (فيديو)    إعلام إسرائيلى: نتنياهو وجه بالاستعداد لضرب إيران رغم تحذيرات ترامب    "قالوله يا كافر".. تفاصيل الهجوم على أحمد سعد قبل إزالة التاتو    ندب الدكتورة مروى ياسين مساعدًا لوزير الأوقاف لشئون الواعظات    كأس العالم للأندية.. إقالة مدرب باتشوكا المكسيكي قبل مواجهة الأهلي وديًا    محافظ المنوفية يشهد استلام 2 طن لحوم كدفعة جديدة من صكوك الإطعام    بنسبة حوادث 0.06%.. قناة السويس تؤكد كفاءتها الملاحية في لقاء مع الاتحاد الدولي للتأمين البحري    تمكين المرأة اقتصاديًا.. شروط وإجراءات الحصول على قروض مشروعات صغيرة    الدوخة المفاجئة بعد الاستيقاظ.. ما أسبابها ومتي تكون خطيرة؟    الإحصاء: انخفاض نسبة المدخنين إلى 14.2% خلال 2023 - 2024    انطلاق المؤتمر العلمى السنوى لقصر العينى بحضور وزيرى الصحة والتعليم العالى    استشاري أمراض باطنة يقدم 4 نصائح هامة لمرضى متلازمة القولون العصبي (فيديو)    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    خالد الغندور: جاهزية ناصر منسي وبنتايج لمواجهة فاركو في ختام دوري نايل    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    حبس شخص ادعي قيام ضابطى شرطة بمساومته للنصب على أشقائه بالموسكي    91.3 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الأربعاء    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوقوع بين المرِّ والأمرِّ منه
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 04 - 2012

مثل شعبى يضرب فى الصميم ولا يخرج إلا من حكمة المصريين يقول «إيه اللى رماك على المر؟!» وتأتى «الإجابة الأمر منه» وهو مثل ينطبق على حال من تسأله عصابة أرادت أن تنتقم منه لأنه كان عضوا بها وقام بخيانتهم «هل تحب أن تموت شنقا أم غرقا؟» أو فتاة قبل زواجها يسألونها هل تقبلين عريسا غنيا لكنه جاهل عجوز، أو شابا فقيرا لا يملك قوت يومه ولا تملكين رفضا او المتهم فى قضية ما يسأله قاض «هل تفضل الغرامة أم الحبس؟».. وهو نفس حال الشعب المصرى وهو يتطلع إلى قائمة المرشحين للرئاسة محاولا المفاضلة بينهم ليختار الأجدر فإذا به يفاجأ بأن عليه ليس أن يختار بين الحسن والأحسن لكن بين السيئ والأسوأ، وعندما يسأله آخر لماذا يختار السيئ يردد قائلا: «إيه اللى رماك على المر؟!». وبنظرة عامة على المرشحين نجد أنه لا يوجد منهم من تستطيع أن تشير إليه بإصبعك قائلا: هذا هو الرجل الذى يستطيع أن يقود مصر فى هذه المرحلة، والسؤال هو لماذا يحدث هذا رغم أن مصر بها 85 مليون نسمة، ولا شك أن بها كفاءات قادرة على قيادة مصر والإجابة فى رأيى تعود إلى عدة أسباب منها:


أولا: نظام يوليو وأسلوب اختيار الحاكم

لقد قامت ثورة يوليو كانقلاب عسكرى، ثم حدث صراع بين القادة حتى تسلم القيادة جمال عبدالناصر وأمسك بكل الخيوط بين يديه، ورغم أن ناصر كان صاحب مشروع قومى تجمّع حوله الشعب كما لم يجتمع من قبل أو بعد منذ تأسيس مصر الحديثة، إلا أن أسلوب اختياره للقيادات المحيطة به والصراعات الحادة بينهم أدى إلى فشل المشروع القومى بامتياز، فلقد كان اختياره لعبدالحكيم عامر كرئيس للقوات المسلحة رغم ضعف خبرته فى هذا المجال ثم إطلاق الحبل له على الغارب هو السبب الرئيسى فى نكسة 1967 والتى هدمت المشروع من أساسه، وكان اختياره لأنور السادات كآخر نائب له، وكان واضحا أنه لم يكن مقتنعا به لأسباب كثيرة الا أنه بقى مخلصا لناصر أو بجواره حتى النهاية وقد عينه لفترة مؤقتة، وكان ينوى تغييره فى أسرع وقت كما قرأنا وسمعنا لكن وافته المنية، وجاء السادات كرئيس لمصر ليهدم ما تبقى من مشروع ناصر حيث ألقى بنفسه فى أحضان الغرب وتحول من الاشتراكيه والعدالة الاجتماعية التى حاول ناصر تطبيقها إلى الرأسمالية المتوحشة والانفتاح السداح مداح وإن كان السادات لم يكن لديه مشروعا كناصر إلا أنه كان يملك حلما بأن يكون داعيه للسلام مثله مثل غاندى ومارتن لوثر كينج والسيد المسيح، فأخذ خطوة لا يأخذها سوى الحالمين وقام بزيارة عدوه اللدود إسرائيل، ولم يكن يعلم أن غاندى ومارتن لوثر كينج لو حاولا محاولته هذه مع إسرائيل لفشلا وهو ما فشل فيه المسيح معهم ولأن السادات أيضا أراد أن يفرض السلام بالعنف داخليا وخارجيا وهو ما لا يفعله دعاة السلام إطلاقا، بل إن جميعهم يتعرضون للاغتيال دون أن يستخدموا العنف ضد من يرفض سلامهم وفى اختياره للنائب اختار موظفا غير حالم ولا صاحب مشروع، ينفذ أوامر رؤسائه بل يزايد على طلباتهم لإرضائهم على حد قول محمد حسنين هيكل، بل وكان له يد فى بعض العمليات القذرة بالإضافة إلى أنه غير متسع الإطلاع، ولا يطيق قائدا متميزا بجواره، وهكذا لم يختر مبارك نائبا له لأنه حسب النكتة المصرية لم يجد أقل منه خبرة فى هذا الشأن ليعينه، ثم بدأ عملية التوريث بعد أن سمح بسياسة التوريث فى كل المجالات سواء فى القضاء أو أساتذة الجامعة أو رؤساء الشركات والمؤسسات أوالفنانين...إلخ، لكن الشعب المصرى رفض التوريث وقامت ثورة 25 يناير ضد مجموع سياسات مبارك والتوريث ضمنها إلا أن القوات المسلحة انضمت للثورة فى مسألة التوريث فقط لا غير ورفضت باقى متطلبات الثورة، مما أدى إلى الموقف الذى نعيشه اليوم، وهكذا فوجئ الشعب المصرى وهو يستعرض أسماء المرشحين بأنهم ينقسمون إلى المر والأمر، ولا يوجد مرشح قادر على قيادة البلد بنزاهة وكفاءة وذلك بسبب التجريف المستمرعلى مدى ثلاثين عاما للقيادات التى يمكن أن تصلح لقيادة مصر، فالذى يمتلك المال ليس نزيها والذى يمتلك السلطه غير مؤتمن والذى يلوح بالدين انتهازى، أما الشرفاء النزهاء من المرشحين فلا خبرة حقيقيه لديهم لإدارة بلد كمصر.


ثانيا: هزال مؤسسات ما بعد الثورة أدى إلى هزال إفرازاتها

فالمؤسسات التى أتت بعد الثورة سواء بالتعيين أوالانتخاب مؤسسات ضعيفة وهزيلة، وأبرز هذه المؤسسات هى المؤسسات التشريعية والحكومة والمؤسسة العسكرية، ولقد قدمت المؤسسة التشريعية مرشحين ويحسب عليها باقى المرشحين الإسلاميين. هذه المؤسسة التى أتت بالانتخاب كان يجب أن تكون أقوى من المؤسسات التى تأتى بالتعيين لكن جاءت ممارساتها تدل على التخبط وعدم الخبرة، بل وعدم القدرة على ترتيب الأولويات، فهى لم تتخذ قرارا له قيمة حقيقية فى إصلاح الحال أو فى تعويض الشهداء وكل لجان تقصى الحقائق التى خرجت منها لم تصل إلى شىء، ومن الواضح أن معظم الأعضاء لا صلة لهم بالسياسة أو الثقافة السياسية وقد وضح ذلك سواء فى أداء القسم أو فى ضبط الحوار أو آدابه.. إلخ، وهكذا جاءت القيادات التى أفرزتها هذه المؤسسة هزيلة جدا والدليل رؤساء ووكلاء لجانها وكذلك مرشحو الرئاسة الذين ينتمون إليها، أما مؤسسة الحكومة فحدث ولا حرج من أحمد شفيق إلى عصام شرف إلى الجنزورى يا قلبى لا تحزن أداء هزيل، وانظر إلى الوزراء الذين اختيروا فى معظم المجالات، وحاول أن ترصد الإنجازات، أما المؤسسة العسكرية فوضح من أدائها أنها لم تمارس السياسة منذ زمان لذلك تخبطت فى البدايات لكن من الواضح أن هناك تنسيقا بينها وبين الإخوان يزعم البعض أنه إنهار والبعض الآخر مصمم على انه لم ينهار بعد، وبالنظر إلى مرشحى المؤسسات الثلاث تكتشف مدى الهزال البادى عليهم نتيجة هزال المؤسسات التى أضعفت على مدى ثلاثين عاما وربما أكثر.


ثالثا: ضعف الوعى الشعبى يسقطه بين المر والأمر منه

كما نظر فلاسفة الثورة الفرنسية بأن ديمقراطية دون وعى شعبى تؤدى إلى فوضى أو ارتداد للديكتاتورية ولقد وضح ضعف الوعى الشعبى فى انتخابات مجلس الشعب، حيث قام الشعب باختيار اتجاه وليس برامج، لقد اختار الشعب الذى يفهم التدين خطأ كما تعلم من قياداته على أنه ممارسات فرائض وصلوات فى مواقيتها، فى الوقت الذى لا تدل سلوكياته على تدينه بأى شكل من الأشكال بداية من كسر إشارة المرور إلى الرشوة على كل المستويات، فضلا عن الألفاظ البذيئة فى كل معركة فى الشارع وإبرام الصفقات المريبة.. إلخ، وبالطبع هذه النوعية غير قادرة على التمييز بين أشخاص المرشحين فهم يتلقون الإرشاد من القادة المحليين فى الجوامع والكنائس، مما ينتج كتلا تصويتية نحو أشخاص بعينهم دون أن تدرك هذه الكتل شيئا عن من الذى قاموا، وهؤلاء يعتبرون نصف الشعب المصرى القادر على الانتخاب أما النصف الآخر فهو الذى سيتحكم فيه الهاجس الأمنى وهم الذين يعملون بالسياحة أو الاستيراد والتصدير أو الذين يملكون ثروات أو مستثمرين أو الأقليات الدينية والمذهبية أوالعرقية، وكل هؤلاء سيكون تصورهم أن الحكم العسكرى سوف يحقق لهم الأمن، وهكذا تجد عزيزى القارئ فى كل ما عرضته ان دوافع المنتخبين لا علاقة لها بالوعى الديمقراطى، ولا علاقة لها بالبرامج السياسية للمرشحين فهى لا تهتم بذلك ثم إن معظمهم لا يقرأون وإن قرأوا لا يفهمون المصطلحات السياسية، مثل العلمانية والليبرالية والقومية ومنظمات حقوق الإنسان والموازنة والاحتياطى الاستراتيجى والنقدى.. إلخ. هذا الضعف فى الوعى هو الذى يسقطهم بين المر والأمر منه وهم لا يدركون أن هناك قاعدة قانونية تقول إن القانون لا يحمى المغفلين، فالذى يسمح للآخر بأن يضحك أو ينصب عليه ويقنعه أن يضع يده فى جيبه ويعطيه راضيا كل أمواله، لن يعيد له القانون شيئا لأن الجريمة وقعت برضاه بل كان سعيدا يظن أنه قد حقق صفقة العمر وهو ما حدث مع شركات توظيف الأموال.


رابعا: ترفُّع القيادات القادرة على الحكم بسبب مرارة الواقع

بسبب ما أنتجته سياسات الدوله لسنين عديدة من تجريف للقيادات وأسلوب فاشل فى اختيار الحكام وهزال مؤسسات ما بعد الثورة وضعف الوعى الشعبى رفضت القيادات المؤهلة للحكم والقادرة عليه أن تنزل إلى حلبة السباق وذلك لأنهم يعلمون أن المعركة لم ولن تكون شريفة فيخسرون معركتهم وذواتهم ولذلك امتنع البرادعى، واعتذر منصور حسن بعد أن أعلن ترشحه ومنع محمد أبوالغار وأحمد زويل وغيرهما بسبب شرط الجنسية للوالدين أو الزوجة، وهكذا لم يبق للشعب إلا أن يختار بين المر والأمرِّ منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.