قال الأمين العام للأمم المتحدة، بان جي مون، اليوم الثلاثاء: "إن بعثة المنظمة الدولية المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، قد تحتاج إلى جلب طائرات خاصة بها ونشر المزيد من القوات؛ لضمان تثبيت الهدنة في أنحاء البلاد." وصمدت الهدنة - التي دخلت حيز التنفيذ قبل ستة أيام- في بعض المناطق منذ أن تعهد الرئيس بشار الأسد بتطبيقها الأسبوع الماضي. لكن الجيش ما زال يواصل هجماته ويقاتل المعارضين المسلحين باستخدام الأسلحة الثقيلة في مناطق المعارضة القوية مثل حمص وحماة وإدلب ودرعا في خرق لتعهد دمشق بسحب قواتها.
وبعد مفاوضات قادها كوفي عنان المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية وافقت حكومة الأسد على السماح بنشر قوة صغيرة من الأممالمتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار. لكن البعثة التي من المقرر أن يبلغ قوامها 250 فردا تمثل جزءا ضئيلا من حجم قوات حفظ السلام التي أرسلت إلى مناطق صراعات أخرى، مما أثار الشكوك بين معارضي الأسد، بشأن ما إذا كانت ستثبت فاعليتها أم ستمثل غطاء للحيلولة دون اتخاذ إجراء أشد؟
وقال بان إن وقف إطلاق النار "تمت مراعاته بصفة عامة" لكن ما زالت هناك أعمال عنف، لكن بعثة الأممالمتحدة لن "تكون كافية في ضوء الموقف الحالي واتساع رقعة البلاد". وأضاف في لوكسمبورج، أن الأممالمتحدة طلبت من الاتحاد الأوروبي تقديم طائرات هليكوبتر وطائرات أخرى؛ لتحسين القدرة على التحرك في العملية التي سيقترحها رسميا على مجلس الأمن، غدا الأربعاء.
ولم يتضح ما إذا كان الأسد سيسمح بنشر مزيد من قوات الأممالمتحدة والطائرات الأجنبية في بلاده. ويقوم فريق من ضباط حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة في دمشق بإعداد البروتوكول الخاص بالبعثة والذي يتعين أن توافق عليه سوريا.
وقام المراقبون بزيارة استكشافية خارج العاصمة. وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة خالد المصري: "إن مجموعة من المراقبين الدوليين زاروا درعا في جنوب سوريا اليوم، واجتمعوا مع المحافظ، وتجولوا في المدينة."
ودرعا هي مهد الانتفاضة التي بدأت ضد الأسد في مارس 2011. وتعرضت المدينة والمناطق المجاورة لهجمات عنيفة. وقالت سوزان رايس المبعوثة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، إنه إذا استمر العنف فستكون هناك شكوك بخصوص "جدوى إرسال فريق المراقبين كاملا".
وفشلت بعثة مراقبين سابقة أوفدتها جامعة الدول العربية في يناير كانون الثاني بعد شهر من بدء مهمتها، بسبب إطلاق النار والقصف اليومي. لكن البعثة شجعت السوريين خلال وجودها القصير هناك على استئناف الاحتجاجات ضد الأسد، وهو ما لا ترغب الحكومة في تكراره.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي ينقل تقارير من ناشطين مناهضين للأسد: "إن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب العشرات خلال قصف اليوم الثلاثاء، عندما حاولت القوات السيطرة على بلدة بصر الحرير في محافظة درعا الجنوبية، التي يقول ناشطون إنها معقل للمعارضة". وقال المرصد إن القوات الحكومية أطلقت قذائف المورتر ونيران الأسلحة الآلية في قريتين في محافظة إدلب الشمالية، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص.
وأضاف أن القوات الحكومية قصفت أهدافا في الخالدية والبياضة في حمص، حيث استأنفت المدفعية عمليات القصف يوم السبت بعد يومين من بدء تطبيق الهدنة. وتجاهل الأسد الذي وافق على خطة سلام أعدها عنان منذ أكثر من ثلاثة أسابيع المطلب الرئيسي فيها وهو سحب الدبابات والقوات والأسلحة الثقيلة من المناطق السكنية ووقف كافة أشكال العنف.
وقال المرصد السوري: "إن 23 شخصا قتلوا أمس الاثنين في اليوم الأول من عمل فريق الأممالمتحدة الأولي المكون من ستة أفراد". وتقول قطر والمملكة العربية السعودية: "إن الوقت قد حان لتسليح الجيش السوري الحر المعارض للتصدي للقوات السورية القوية التي تعتمد في تسليحها على روسيا. لكن دولا أخرى بالجامعة العربية، تقول إن هذا سيدفع البلاد إلى حرب أهلية شاملة، تهدد المنطقة حولها.
ولم يظهر الغرب أي رغبة في التدخل عسكريا أو في الضغط من أجل إيفاد بعثة حفظ سلام قوية تحتاج على الأرجح إلى ما لا يقل عن 50 ألف جندي. ويعمل الفريق الصغير التابع للأمم المتحدة والذي يرأسه المغربي أحمد حميش ويضم الجنرال إبهيجيت جوها نائب المستشار العسكري في إدارة عمليات حفظ السلام بالأممالمتحدة، انطلاقا من مكتب تابع للمنظمة الدولية في دمشق.
وتقول حكومة الأسد، إنه كما هو الحال في عملية الجامعة العربية فإن كل "الخطوات على الأرض" من جانب البعثة غير المسلحة يجب تنسيقها مع الدولة من أجل سلامة أعضائها. وأكد بان أنه سيطلب نشر 250 مراقبا رغم اعتقاده بأن هذا العدد ليس كافيا.
وقال: "هذا ما سأقترحه على مجلس الأمن... السؤال المطروح دائما هو ما إذا كان العدد 250 كافيا. أعتقد أنه ليس كافيا في ضوء الموقف الحالي واتساع رقعة البلاد".
وأضاف بان: "لهذا السبب نحتاج إلى تحسين قدرة بعثتنا على التحرك. هذا ما ناقشته مع (زعماء) الاتحاد الأوروبي أمس... وهو ما إذا كان بوسع الاتحاد تقديم كل هذا العتاد من أجل عملية التنقل بما في ذلك طائرات هليكوبتر وطائرات..." ويقول دبلوماسيون إن هدف عنان الرئيسي هو نشر بعثة تابعة للأمم المتحدة على الأرض، بدعم من روسيا والصين الحليفتين لسوريا حتى إذا كانت القوة ليست كبيرة بما يكفي في البداية لأداء مهمتها.
ويقول منتقدون: "إن الأسد سيناور مع الأممالمتحدة لكسب الوقت. والعقيد الغربي أحمد حميش هو ثاني ضابط من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة يقود قريقا إلى دمشق للتحضير لبعثة المراقبة.
وكان الجنرال النرويجي روبرت مود توجه بفريق من عشرة أفراد إلى سوريا في الخامس من أبريل/ نيسان وعاد إلى جنيف في العاشر من أبريل نيسان لتقديم تقرير إلى عنان. ولم يظهر مود علانية منذ ذلك الحين ما أدى إلى تكهنات بأنه أبعد نفسه عن مهمة لا يستطيع إنجازها. وتنحي سوريا باللائمة في أعمال العنف على من تصفهم بإرهابيين يسعون إلى إسقاط الأسد. ومنعت الصحفيين المستقلين من دخول البلاد، ما يجعل من المستحيل التحقق من التقارير من جهات مستقلة.
وتشير تقديرات الأممالمتحدة إلى أن قوات الأسد قتلت أكثر من تسعة آلاف شخص في الانتفاضة. وتقول السلطات السورية: "إن مسلحين مدعومين من الخارج قتلوا أكثر من 2600 من قوات الشرطة والجيش. وتدعو خطة عنان إلى إجراء حوار سياسي لإنهاء الأزمة".
ووصفت روسيا اليوم الثلاثاء الهدنة بأنها هشة، واتهمت قوى خارجية لم تحددها بالسعي لتقويض جهود السلام التي يقوم بها عنان. وقال وزير الخارجية الروسي لافروف: "يوجد من يريد لخطة عنان أن تفشل". وأضاف، أنهم: "يفعلون ذلك من خلال تقديم أسلحة للمعارضة السورية وتحفيز نشاط المتمردين".
وينتقد لافروف بشدة مجموعة أصدقاء سوريا التي تضم دولا غربية وعربية، تدعم المعارضة السورية في المنفى. وقالت فرنسا، إنها ستستضيف اجتماعا لوزراء خارجية أصدقاء سوريا يوم الخميس في باريس، تشارك فيه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون؛ لمناقشة وقف إطلاق النار الهش في سوريا.
وقال وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه لمسؤولين من 57 دولة في اجتماع في باريس: إن العقوبات الغربية أدت إلى انخفاض احتياطي سوريا من النقد الأجنبي إلى النصف، وأنه يتعين تشديدها لإرغام دمشق على الالتزام بخطة السلام المدعومة من الأممالمتحدة."