●● لا أحد يريد عودة النظام السابق، ولا يمكن أن يعود النظام السابق بقوة الشعب.. لكننا الآن فى مرحلة شديدة الخطورة، فهناك من يحتكر الثورة، وهناك من يحتكر الوطنية، وهناك من يحتكر الظن بقدرته على الإصلاح وحده.. وكل الأطراف للأسف تتحايل على الممارسة الديمقراطية، وتتشدق بها، ولا تمارسها، وإذا كنا سنمارس الديمقراطية التى انتظرناها طويلا بالتهديد وبفرض الرأى بالقوة، وفرض الخيارات بالقوة، وفرض الأمر الواقع بالقوة فإن هذا أمر مرعب. ●● الاستقواء بالجموع والتهديد بالحشد مظهر من مظاهر الديكتاتورية الجديدة التى تصادر الرأى الآخر، بنشر التحدى وإشاعته فى المجتمع هذه الأيام.. ومن أحدث مشاهد هذا الاستقواء بالجموع محاصرة مقر اللجنة الرئاسية، وقبله الاحتشاد أمام مجلس الدولة.. وعلى الرغم من عدم وقوع أحداث عنف حتى لحظة كتابة هذه السطور، إلا أن الاحتشاد حمل معانى مقلقة.
●● بعد قرار القضاء الإدارى الذى فى يوم من أطول أيام تاريخ القضاء قلنا هذا قرار القضاء وعلينا احترامه، وتساءلنا ماذا لو كان الحكم مخالفا لمنطق الحشد وتوقعاته وآماله.. هذا سؤال طرحه الناس عقب قرار المحكمة وهو تساؤل يطرحه الناس الآن بشأن قرار لجنة الانتخابات الرئاسية.. وهو يقودنا إلى تساؤلات أخرى بشأن انتخابات الرئاسة، التى تبدو الشكوك فى نتائجها أقوى من اليقين، بالإشارات المباشرة إلى التزوير، والإيحاء بأن من يخسر السباق سوف يخسره لأنه تعرض للظلم والتأمر.. وهذا يساوى أن يعلق مدربان نتيجة مباراة بينهما على سوء إدارة الحكم.. وهو أمر عجيب أن يشعر الطرفان بالظلم، وأعجب منه أن يشعر معظم المتسابقين على منصب الرئيس بالظلم أيضا قبل أن تبدأ المباراة وقبل أن تعلن نتيجة المباراة..؟
●● عندما اكتسح التيار الإسلامى انتخابات البرلمان بمجلسيه، تعالت أصوات ترفض هذا الاكتساح، ولم تدرك تلك الأصوات أن هذا التيار كان أقرب للناس فى القرى والنجوع وفى المدن ومناطق الشعبية. كان التيار موجودا بالعمل والفعل.. ونعم طرق التيار الإسلامى باب السياسة بالدعوة وبأخلاقها، واعتبره المصريون أمينا وصادقا، ونظيفا لم يلوثه الفساد، كما أنه التيار الذى تعرض للقهر والسجن والظلم والحرب من قبل الأنظمة التى حكمت طوال عقود، ففاز بتعاطف الناخبين بقدر ما فاز بتقديرهم لأنهم كانوا هناك يفعلون ويعملون، فيما كان الآخرون يلعبون السياسة فوق الطاولات وفى المكاتب وعبر شاشات النجوم بالفضائيات.
●● يجب الاعتراف.. كان فوز التيار الإسلامى بالأغلبية هو اختيار الناس.. وكان احترام قرار الصندوق يمثل جوهر الديمقراطية، لكن لا يمكن أن يختار الناس من يتحدى ويهدد بالجموع والحشد ويرى أن القانون الحق من أجله وهو ليس قانونا لو كان ضده؟
●● وهنا يثور السؤال الذى أطرحه على جميع التيارات والأطراف السياسية بلا استثناء والتى تستقوى بالحشد أو بالصراخ والنداء على الرأى العام: ما هو رد فعل كل طرف منكم لو خسر مرشحكم الذى تناصرونه انتخابات الرئاسة.. والسؤال يعكس الكثير من المعانى والاحتمالات المقلقة..؟