ناشد الأديب والكاتب الصينى تشونغ جي كون، رئيس الجمعية الصينية للأدب العربي والأستاذ السابق بكلية اللغة العربية بجامعة بكين، والذى يطلق عليه اسم عربى هو "صاعد"، الأدباء والجهات الثقافية والأدبية فى مصر، للعمل على منع استمرار احتكار قسم النشر بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة لحقوق نشر وترجمة أعمال الأديب الكبير نجيب محفوظ، حتى يتسنى لأدباء الصين ترجمة أعماله ليستمتع بها الشعب الصينى الشغوف والمحب لأدب نجيب محفوظ وللتراث المصرى بشكل عام. وقال الأديب الصينى صاعد تشونغ، إن الصين تعيش نهضة أدبية كبيرة فى مجال الترجمة العالمية، ويتم الترجمة من جميع لغات العالم وأشهر وأهم أدباء وكتاب العالم، ولا يصح أبدا أن يتم منع القارئ الصينى من التمتع بأعمال أهم وأكبر الأدباء، المصرى الكبير نجيب محفوظ الذى يعتبره الصينيون أعظم أدباء العالم، وذلك بسبب احتكار ترجمة أعماله بشكل يمثل انتهاكا للتراث الأدبى الانسانى الذى هو حق للانسانية العالمية وليس حكرا على جهة ما أو لغة ما.
يذكر أنه عقب حصول الأديب الكبير نجيب محفوظ على جائزة نوبل، اشترت الجامعة الأمريكية في القاهرة حق ترجمة كل أعماله إلى الإنجليزية واحتكارها، ومضت في ذلك، مما تسبب فى عدم إنتشار أدب نجيب محفوظ بلغات أخرى غير الانجليزية سوى التى تمنحه الجامعة ترخيص لترجمته طبقا لرغباتها الخاصة، ابتداء من "الثلاثية" و"الحرافيش" و"أولاد حارتنا" مرورا ب "اللص والكلاب" و "السمان والخريف" و"الطريق" و "دنيا الله"، وليس انتهاء "بداية ونهاية" و"زقاق المدق" و"إخناتون" و"ألف ليلة" وغيرها وهو ما شكل عقبة أمام أدباء الصين عند البحث عن أعمال يتم ترجمتها إلى اللغة الصينية عقب تلك الفترة.
وأضاف تشونغ إنه التقى بالأديب الكبير نجيب محفوظ عند زيارة لمصر مع وفد صينى كبير عقب حصوله على نوبل، وسأله عن معرفة الأديب الكبير بالثقافة الصينية فأجابه نجيب محفوظ بأنه مطلع عليها وقرأ حوارات كونفوشيوس ورواية "الجمل شيانغ تسي" للكاتب الصينى لاو شه، والذى تأثر بها فى أحد أهماله الأدبية..موضحا أن هذه الكلمات أشعرته بسعادة كبيرة وقتها كون أدباء الصين أول من تنبأوا بحصول محفوظ على نوبل قبل منحها له بعامين، إلا أنه أكد أن مع الدفعة الثقافية للصين وانفتاحها المستحدث على الترجمة لم تستقر بعد على طريق بعينه بل تسلك كافة الطرق لنهل الأدب العالمى من جذوره.
وقال الأديب والكاتب الصينى صاعد تشونغ جي كون، إن الأزمة التى تواجه أدباء الصين أن معظم الكتب الصينية المترجمة إلى العربية أصلها إنجليزي أو فرنسي، فإذا كانت الترجمة خيانة، فالخيانة هنا مضاعفة، بل تثبت أن الترجمة بين العرب والصين لم تسلك طريقها الصحيح بعد..موضحا أن ترجمة الثقافة العربية إلى الصينية يجب أن تكون أكثر اتساعا، ذلك لأن الصينيين هم الذين انبروا لها، لكنها في أي حال ليست قديمة،
حيث أن كتابا "المجنون" و"النبي" لجبران كانا أول الغيث فترجمة الأول تمت عام 1929 والثاني عام 1931، مع ملاحظة أن ترجمتهما تمت عن الإنجليزية لا العربية.
وأضاف أن هذه الترجمة تمت على يد الأديبة الصينية الراحلة بينغ شين، التي ترجمت لجبران عندما كانت تعرفه شخصيا من خلال الحي الصيني في نيويورك، حيث عاشا سويا، وبعدها قلدها الرئيس اللبنانى الراحل الياس الهراوي، قبل وفاتها، وساما، ورأينا صورته معها في متحفها بجنوب الصين..موضحا أنه بعد ذلك تمت ترجمة القرآن الكريم (كاملا) إلى الصينية عام 1981.
وأشار الأديب صاعد تشونغ إلى أن تاريخ معرفة الصينيين بالأدب العربي وترجمته يرجع إلى أواسط القرن الثامن عشر، حيث أننا نعتبر "القرآن الكريم" ليس معجزة للإسلام فقط، بل للأدب العربي أيضا، فقد بدأ بعض العلماء المسلمين الصينيين، منذ أواسط القرن الثامن عشر حتى عشرينات القرن العشرين ترجمة معاني سور قصيرة مختارة من القرآن الكريم، وأجمل وأفضل تلك الترجمات هي ترجمة الأستاذ محمد مكين (1906-1978) الأستاذ السابق بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة بكين، حيث نشر المجلد الأول من هذه الترجمة مع حواشي توضيحية في سنة 1950، أما ترجمته الكاملة للقرآن فنشرتها دار النشر لأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية ببكين سنة 1981، ونشرت هذه الترجمة مع النص العربي للقرآن الكريم سنة 1986 في المملكة العربية السعودية.
وقال الأديب والكاتب الصينى صاعد تشونغ جي كون، أن الغرض من ترجمة معاني القرآن الكريم وقصيدة (البردة) حينئذ لم يكن لتعريف الصينيين بالأدب العربي بقدر ما كان دعوة للإسلام وتعميم العلوم الإسلامية بين الصينيين المسلمين. لذلك، قبل تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، لم يكن معظم القراء الصينيين يعرفون عن الأدب العربي القديم إلا بعض قصص (ألف ليلة وليلة) التي ترجمت إلى الصينية عن الإنجليزية أو اليابانية ابتداء من سنة 1900، حيث لم تكن ثمة ترجمات صينية لهذه القصص المشهورة عن اللغة العربية مباشرة إلا ترجمة الاديب نا شيون، الذي ترجم معظم حكايات ألف ليلة وليلة عن اللغة العربية ونشرها في خمسة مجلدات عام 1941.
وأوضح الأديب الصينى صاعد تشونغ أن الصينيين عرفوا الأدب العربي الحديث، من الأدباء العرب بداية من جبران خليل جبرن بعد أن نشرت خمس قصص مترجمة من كتابه (السابق) في مجلة الأدب الأسبوعية عام 1923، ترجمها الأديب الصيني ماو دون أول رئيس لاتحاد الكتاب ولاتحاد الأدباء والفنانين قبل تأسيس الصين الجديدة، وفي سنة 1929 نشرت ترجمة ليو تينغ فانغ لكتاب (المجنون) لجبران خليل جبران.
وأضاف أنه في أواخر خمسينات القرن الماضي وأوائل الستينات، زاد التعريف بالأدب العربى بالصين لتأييد الشعوب العربية في نضالها العادل وقتها، فقد ترجم ونشر عدد كبير من الأعمال الأدبية العربية نثرا وشعرا، منها (مجموعة قصص قصيرة من مصر)، و (مختارات من قصائد أنصار السلام في مصر)، و(الأيام) لطه حسين، و(أشعار في المنفى) لعبد الوهاب البياتي وغيرها لكن معظم هذه الأعمال لم تنقل إلى اللغة الصينية مباشرة، بل ترجمت عن الروسية، أما ما ترجم من العربية مباشرة، فلم يكن إلا قليلا نادرا، مثل (كليلة ودمنة) و(مختارات من قصص ألف ليلة وليلة).
وأشار تشونغ إلى أن عملية الإصلاح والانفتاح التي بدأت في أوائل ثمانينات القرن الماضي جاءت بنهضة جديدة لأعمال الترجمة والبحوث للأدب العربية في الصين، فقد أنشئت أقسام للغة العربية في نحو عشر مؤسسات للتعليم العالي، وكان معظم الطلاب فيها لا يتعلمون إلا اللغة العربية، ومنذ أوائل ثمانينات القرن العشرين أنشئت في هذه الجامعات والمعاهد الصينية مادة "تاريخ الأدب العربي" والمواد المتعلقة بالأدب العربي، وبدأت حركة ترجمة الأعمال الأدبية العربية تعتمد على اللغة العربية.
وأوضح أنه خلال السنوات الماضية تواصل الأدباء الصينيين مع إخوانهم العرب من الكتاب والشعراء والنقاد الأدبيين واتحادات الكتاب المعنية، وأجرينا معهم حوارات وتبادل للآراء وجها لوجه، عن طريق ندوات التواصل الثقافية الصينية والعربية التي أقمناها مع سفارات الدول العربية وبعثة جامعة الدول العربية لدى بكين، وبواسطة مناسبات الزيارات المتبادلة وشتى الأعمال والنشاطات المعنية داخليا وخارجيا، مما أدى إلى انتقال صيت وصوت الباحثين الصينيين للأدب العربي إلى العالم العربي.