فيما يعد تراجعا عن قراره السابق بإحالة 492 شركة إلى النائب العام لارتكابهم مخالفات مالية من خلال تجاوزهم الحد المسموح به فى الحصول على تمويل من مركز تحديث الصناعة، أكد وزير الصناعة والتجارة الخارجية، محمود عيسى، فى اجتماعه مع رئيس وقيادات اتحاد الصناعات، أن «الشركات التى تعدت حد التمويل المسموح به من تحديث الصناعة ليست مدانة، ومن ثم لن يتم تحويلها إلى النائب العام، فالمستثمر لم يكن هو المسئول عن هذه التجاوزات، بل القائمون على النظام فى العهد السابق والذين سمحوا بصرف هذه المبالغ»، بحسب ما صرح به مصدر مسئول فى الوزارة، ل«الشروق». ومن ثم، من المقرر أن يقوم الوزير بإدانة كل من أدهم نديم، وحلمى أبو العيش، ووزير الصناعة والتجارة الأسبق، رشيد محمد رشيد، لمحاسبتهم على هذه التجاوزات، والتى تسببت فى «أزمة واضحة بين وزارة الصناعة والمستثمرين الذين يرفضون مقابلة الوزير منذ صدور قرار إحالة الشركات إلى النائب العام»، بحسب المصدر. وكان عيسى قد أصدر منذ عدة أسابيع قرارا بإحالة 492 شركة إلى النائب العام لارتكابهم مخالفات مالية تقدر ب3 مليارات جنيه، من خلال تجاوزهم الحد المسموح به فى الحصول على تمويل من مركز تحديث الصناعة، وهو 100 ألف يورو للشركة الواحدة، مما أثار ضجة كبيرة وخلافات داخل الوزارة، خصوصا بعد إلقاء الوزير لهذه التصريحات أمام مجلس الشعب.
وكانت «الشروق» قد انفردت من قبل بنشر خبر عدم إحالة الوزير لهذه الشركات، على خلفية غضب المستثمرين من القرار من جهة، واكتشافه لموافقة مجلس الإدارة السابق للتحديث على زيادة الحد المسموح به للتمويل فى 2007، إلى 500 ألف يورو للشركة، وهو ما لم يكن الوزير غالبا على دراية به، بحسب قول المصدر، مشيرا إلى أن هذا غير دستورى، ولا يتفق مع شروط الاتفاق مع الاتحاد الأوروبى.
ويقول مسئول فى مركز تحديث الصناعة «الأزمة داخل المركز بدأت بخناقة بين عيسى والمدير التنفيذى السابق للمركز هانى الغزالى، أدت إلى تفاقم الامور وتصفية الحسابات بينهم على حساب رجال الأعمال والمركز نفسه».
ألم يكن من الأحرى، بحسب المصدر، البحث عن تفعيل دور المركز، والبحث عن توفير ميزانية له تسمح بمساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، للنهوض بالاقتصاد فى هذه الحرجة بدلا من النزاعات الخاصة. «فلا يوجد الآن ومنذ أواخر 2011، ميزانية فى المركز تسمح بتمويل أى من المشروعات، ونشاط المركز فى شلل واضح»، يقول المصدر، مشيرا إلى أن دور المركز بات حيويا فى الوقت الحالى أكثر من أى وقت مضى، معتبرا انه «على القطاع الخاص وضع الخلافات جانبا والمساهمة فى تمويل السيولة بالمركز لتفعيل دوره على وجه السرعة».
وكان عيسى قد أصدر قرارا مفاجئا بفصل هانى الغزالى، المدير التنفيذى السابق للمركز، على خلفية مطالبته بزيادة راتبه، واتهامه بارتكاب بعض التجاوزات، مما أدى إلى كشف النقاب عن كثير من عمليات الفساد داخل المركز، وعن الرواتب «المبالغ فيها» بداخله. ومن ثم، أصدر الوزير قرارا بتطبيق حد أقصى للأجور، 25 ألف جنيه، على الموظفين داخل المركز، ليكون الجهة الأولى و«الوحيدة حتى الآن»، بحسب المصدر، فى الوزارة التى يتم تطبيقه عليها.
وبدأ برنامج تحديث الصناعة المصرية فى عام 2002/2003 فى إطار الشراكة المصرية الأوروبية، بتكلفة إجمالية 437 مليون يورو، ساهم الاتحاد الأوروبى فيها بمنحة قدرها 250 مليون يورو بنسبة 59% من إجمالى التكلفة، والباقى قامت الحكومة والقطاع الخاص بتمويله. وقد تولى مركز تحديث الصناعة المصرية الإشراف الكامل على تنفيذ البرنامج منذ عام 2005 / 2006، وانتهى دور الاتحاد الأوروبى لتصبح الحكومة والقطاع الخاص منذ ذلك الوقت هما الممولين الرسميين للبرنامج.