رئيس البعثة المالية لفرنسا: لقاؤنا مع (الحرية والعدالة) غيّر بعض أفكارنا عنه

لا أتوقع أن يقدم الصندوق القرض لمصر قبل أغسطس المقبل بعد انتخاب الرئيس وانقضاء شهر رمضان

«نجح لقاؤنا مع أعضاء حزب الحرية والعدالة فى تغيير بعض الأفكار الخاطئة التى رسمناها مسبقا عن هذا الحزب، فقد فوجئنا بحزب ليبرالى إلى حد ما، وهذا يعلمنا أنه لا يجب رسم صورة مسبقة عن أى كيان سياسى قبل التعرف على أفكاره بطريقة ملموسة»، هذا ما حرص على تأكيده السيناتور الفرنسى، فيليب مارينى، رئيس اللجنة المالية فى مجلس الشيوخ الفرنسى، الذى جاء على رأس بعثة فى زيارة لمصر أمس الأول، للاطلاع على الأوضاع الاقتصادية والتطورات السياسية من خلال لقاءات مع مسئولى الحكومة والقيادات المصرفية، وأعضاء حزبى الحرية والعدالة والنور، وعدد من مرشحى الرئاسة.

ويضيف السيناتور، فى لقاء صحفى له مساء أمس الأول، «نحن نحتاج إلى التعرف على مصر فى ثوبها الجديد، وفهم الأيدلوجية السياسية الجديدة لها، وهذا يتطلب حوارا طويلا ومكثفا بين مختلف الجهات المسئولة حاليا فى مصر».

وقابلت البعثة الفرنسية كلا من عمرو موسى وعبدالمنعم أبوالفتوح، المرشحين المحتملين للرئاسة، بالإضافة إلى نائب وزير المالية، ورئيس بنك مصر، ورئيس البورصة المصرية، وتوجهوا بزيارة خاصة إلى حزب الحرية والعدالة. ويقول مارينى: «لقد حرص أعضاء الحزب أثناء لقائنا بهم على توصيل رسالة واضحة لنا، وهى أن حزب الحرية والعدالة ليس حزبا دينيا يقوم على فكرة صراع بين الأديان، بل هو حزب إسلامى يحترم الأديان الأخرى».

«فوجئنا بأن أعضاء حزب الحرية والعدالة على دراية بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التى تواجهها مصر، ولديهم عزم شديد على معالجتها»، بحسب قول مارينى، موضحا أن لديهم خطة لإعادة هيكلة الدعم، وإصلاح الهيكل الضريبى، وتحقيق العدالة فى توزيع الإنفاق الحكومى بالشكل الذى يضمن استفادة جميع طبقات المجتمع، إلا أن تلك الخطة يعيبها عدم تحديد كيفية وتوقيت تحقيق تلك الأهداف.

وبرغم تعدد المشاكل الاقتصادية التى تواجها الحكومة المصرية فى الوقت الحالى، من تراجع فى حجم الاحتياطى الأجنبى، وتآكل فى الاستثمارات الأجنبية، فإن هذه كلها مشاكل وقتية نتيجة التحول الديمقراطى التى تمر به مصر، بحسب ما ذكره السيناتور، مؤكدا أن المشاكل الهيكلية الأساسية مثل الفقر، والبطالة، وغياب العدالة الاجتماعية، «هى أحد الإفرازات الرئيسية للنظام السابق وليست نتاجا للثورة التى اندلعت فى الأساس للقضاء على هذه المعوقات الاقتصادية».

وينتقد فيليب مارينى ضبابية الوضع السياسى الحالى فى مصر، «الحكومة تتحدث عن مشاريع وشكل نهائى للدستور، لكن لا يوجد شىء واضح ومحدد، وهناك مثلا استعدادات لانتخابات رئاسية لاختيار رئيس، يقوم بمهام يحددها دستور لم تتم صياغته بعد». عدم الوضوح هذا يقلق الدول الكبرى والجهات المانحة، فى رأى رئيس البعثة، ويعوق أى التزام مادى من قبل هذه الجهات، ويعطل تنفيذ وعود دوفيل الخاصة بالمنح المقررة للربيع العربى.

ويضيف السيناتور: «لا أعتقد أن صندوق النقد الدولى سيوقع القرض مع الحكومة المصرية قبل أغسطس القادم. فالجهات المانحة ليست على استعداد لإتمام القرض قبل وجود هيكل سياسى واضح الملامح فى مصر، وهذا لن يحدث قبل انتخاب الرئيس الجديد فى نهاية يونيو وتشكيل حكومة منتخبة ومستدامة بعدها، وبما أن شهر رمضان يأتى فى يوليو، وهو شهر تتوقف فيه الأعمال فى مصر، فلن يتم إذن توقيع القرض قبل أغسطس كحد ادنى». ويرى مارينى أن الانتخابات الرئاسية ستلعب دورا مهما فى تحقيق الاستقرار السياسى الذى يسمح لمصر بالانطلاق، مؤكدا أنه أيا كان الرئيس المنتخب، فإن فرنسا ستتعامل معه، «نحن على ثقة أن مصر «البراجماتية الجديدة» ستكون قادرة على خلق توليفة متكاملة من جميع العناصر السياسية الموجودة فى الساحة».