يتناول الأديب اللبناني العالمي أمين معلوف في كتابه "عالم الفوضى.. وضع مسار جديد للقرن الواحد والعشرين" الصادر مؤخرا، ما يجري في العالم عموما والعالم العربي والشرق الأوسط خصوصا، وما يخص أوضاع المهاجرين العرب والمسلمين المقيمين حاليا في المهجر وأزمة الهوية لديهم. ويستهل معلوف كتابه، الذي صدر بلغات عدة وصدرت نسخته الإنجليزية عن دار بلومبزبري في نيويورك ولندن، بقوله "عندما قررت أن استكشف عالم الفوضى توصلت إلى استنتاج بأن في جذور مشكلة العالم العربي كون قادة هذه المنطقة من العالم يفتقرون إلى الشرعية في نظر أبناء شعوبهم التي حرمت الحرية والكرامة والحصص المشروعة من مواردها المادية الضخمة من النفط والخيرات الطبيعية، مما أدى إلى تشاؤم هؤلاء المواطنين وميلهم إلى تحطيم أنفسهم في سبيل تبديل الأوضاع".
وأضاف أن الربيع العربي بدأ بانتحار مواطنين فقدوا الأمل، وهو يشبه إلى حد كبير انتحار الكهنة البوذيين الذين أحرقوا أنفسهم اعتراضا على الحرب الأمريكية في فيتنام في ستينيات القرن الماضي.
ويرى معلوف أن الربيع العربي الذي انطلق في عام 2011 يشكل أقوى وأفعل رد على اعتداءات سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن وعلى النظرة الجهادية العنيفة التي دفعت إليها. إذ إن الانتفاضات السلمية في 2011 في شوارع المدن العربية أسقطت أيديولوجية تنظيم القاعدة قبل سقوط قادتها.
عناصر متداخلة
ويطرح الكاتب، الحائز على جائزة جونكور الفرنسية المرموقة (1993) عن روايته "صخرة طانيوس"، من خلال كتابه "عالم الفوضى" سؤالا: هل ستستعيد مصر الدولة الأكثر سكانا عربيا التي قادت العالم العربي في الماضي خاصة إبان فترة قيادة الرئيس جمال عبد الناصر قيادتها لهذا العالم؟
ويؤكد صاحب "ليون الأفريقي" أن من الصعب جدا الإجابة على هذا السؤال في ضوء المتغيرات السريعة التي تحدث في العالم العربي والعناصر العديدة المتداخلة في هذه الأحداث، ولكن ما يعتبره معلوف الأمر الأهم في التطورات الأخيرة هو أن العرب وضعوا حدا للأسطورة القائلة بأنهم لا يتوقون إلى الحرية شأنهم شأن شعوب العالم الأخرى. وينوه بشجاعة الملايين من أبناء الوطن العربي الذين واجهوا القنابل والرصاص بصدورهم العارية وأيديهم في شتى المدن العربية الثائرة.
ويرى الكاتب المولود في بيروت عام 1949، أن أحد الأمور التي قد تنجي العالم العربي من أزماته الخطيرة ومن هيمنة الغرب عليه هو قدرته على تجاوز الخلافات الطائفية والإثنية المنتشرة فيه. ومن دون ذلك لا مجال للتقدم السياسي والاقتصادي، في نظره، لافتا إلى معاناة الأقليات المسيحية في بعض الدول العربية في السنوات الأخيرة.
وأشار معلوف إلى أن دوافع التدخلات العسكرية الأمريكية والأوروبية لا يمكن فصلها عن رغبة هذه الدول في استمرار وضع يدها على الموارد النفطية والغازية الطبيعية في المنطقة، مؤكدا أن تصاعد دور الصين وروسيا والهند والبرازيل ودول أخرى في القارة الآسيوية أضعف الهيمنة الاقتصادية الأمريكية ودفعها إلى البحث عن خيارات أخرى لاستمرار نفوذها.