أكد الشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، أن هناك أخطارا تعوق مشروع النشر بالهيئة برمته، مشيرا إلى احتمالية تخفيض الدعم عنه، وسط تجاهل الحكومة لأي إنجازات لوزارة الثقافة برمتها في بيانها الأخير أمام البرلمان. وقال عبد الرحمن ، إن هناك احتمالا أن تقدم الحكومة على تخفيض ميزانيات المصالح والمؤسسات ، لافتا إلى أن هيئة قصور الثقافة ليست من الهيئات السيادية أن تطلب دعما فتجاب ، بل هي هيئة خدمية تابعة لوزارة الثقافة التي تم تجاهل أي إنجازات لها في بيان الحكومة الأخير.
وأضاف عبد الرحمن أن ميزانية الهيئة مخفضة من الأساس، فقد ظلت طوال الخمس سنوات الماضية كما هي رغم ارتفاع الأسعار، علاوة على تخفيض الميزانية الاستثمارية المتعلقة بالإنشاءات ب 5 ملايين جنيه.
وتابع أن مشروع النشر بالهيئة ليس مهددا، لكن يحجم من طموحات القائمين عليه شح الإمكانيات الفنية والمادية، حيث يقبل المبدعون على النشر بالمشروع بغزارة في الوقت الذي لم تزد فيه ميزانيته مليما واحدا، بالإضافة إلى مزايدات البعض على دوره، مثلما ذكرت وسيلة إعلامية مؤخرا أن الهيئة عاودت محاربة العروبة والإسلام، وهذا الكلام يصيبنا بالرعب ويأتي من أناس تصفي حساباتهم معنا.
وعن توجه أحد أدباء الهيئة له برسالة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك لإنقاذ مشروع النشر، قال عبد الرحمن "إن لهذا الأديب وغيره كل الاحترام وللعلم كان مثقفو الهيئة جميعا ضمن حلقة نقاشية لتطوير المشروع، نحن نرحب بالانتقادات والحلول والمقترحات ولا نشكك في النوايا ، لكن لا نريد كلاما في المطلق وحسب".
وحول تقييمه للتغييرات المتعلقة بالقائمين على السلاسل الإبداعية والفكرية، قال سعد عبد الرحمن إن "التغيير الكامل لم نفرغ منه بعد، فقد بدأنا أولى المراحل بسلاسل الكتب ويتبقى لنا المجلات والدوريات والمواقع الإلكترونية، ومازال يجري التخطيط لها".
وأضاف عبد الرحمن أنه " من الصعب تقييم تجربة التغيير حاليا لأنها أولا لم تكتمل كلية، كما أن سلاسل الكتب بدأت إنتاجها مع التغييرات الجديدة منذ شهر يناير الماضي، وسننتظر حتى نهاية السنة المالية في يوليو المقبل لتقييم ما أنجز وتغيير لم يتغير".
وعلى صعيد رؤيته لما ينبغي أن تكون عليه المجلات والدوريات، قال عبد الرحمن ، إنه يتعين إعادة هذه المجلات والدوريات للطريق الصحيح بما يتلائم مع استراتيجية الهيئة، موضحا أن المجلات والدوريات تعد امتدادا طبيعيا لأنشطتها الثقافية والفنية والإبداعية في كل ربوع مصر وأقاليمها وإذا لم تحقق تغطية حقيقية وانعكاسا لتلك الأنشطة تكون قد استقلت عن استراتيجية الهيئة .
وأضاف عبد الرحمن أن مصر ليست في حاجة لمجلات كبرى من عيارات ما ينتج في الخليج العربي، موضحا أن "مجلاتنا ذات طبيعة خاصة تقدم المواهب الإبداعية وتسلط الأضواء على من آثروا البقاء في أقاليمهم ولم يرحلوا للقاهرة، كما يجب أن يكون لها موقف من الأحداث والقضايا المطروحة ولا أقصد موقفا سياسيا ولكن عليها أن تعكس الموقف الثقافي والفني مما يحدث".
وتابع " بدأنا الآن الانفتاح على تيارات فكرية وإبداعية كان محظور التعامل معها، ونتفاعل مع الحراك السياسي والمجتمعي ويجب أن يكون لكل هذا صدى في هذه المجلات والدوريات ".
وعلى صعيد السلاسل الإبداعية والفكرية، قال عبد الرحمن "انتجنا كما هائلا من العناوين وظهرت بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الأخيرة، وأغلب ما كتب حول الثورة، ومثلما حصلنا على وقت كافي لتخطيط التغيير في هذه السلاسل، سنأخذ وقتا ليس بعيدا، لدراسة تطوير المجلات والدوريات، حتى إذا أزاح التغيير القائمين عليها لا يكون الأمر مشخصنا وإنما بناء على دراسة".
وعن مدى استجابته لمطالب رؤساء تحرير السلاسل الإبداعية والفكرية لتغيير شكل الغلاف والطباعة للمنافسة على الجوائز الكبرى، قال سعد عبد الرحمن، إن الهيئة لن تستجيب لكل ما يطلب منها في الوقت الحالي، إلا أنه سيتم التوصل لحلول وسط "وفي النهاية لسنا جميعا بمختلفين على أهمية تطوير إصدارات الهيئة ومنافسة دور النشر بقوة والتطلع إلى الجوائز الكبرى".
وبشأن الانتقادات التي وجهت لضعف "إبداعات الثورة" التي أصدرتها الهيئة فنيا وإبداعيا، أعرب عبد الرحمن عن تقديره واحترامه لوجهات النظرهذه، مشيرا إلى صحتها جزئيا، حيث لم تكن بعض الأعمال على المستوى المطلوب لكن معظمها جيدة وبها الحد الأدنى من الإبداع .
وأضاف أن هذا يرجع إلى أن الإبداع له ميكانيزم مختلف، فالأحداث الكبرى مثل الثورات لا يمكن أن تواكبها أعمال إبداعية عظيمة، هذه المواكبة من الممكن أن تنجح مع الأعمال الفنية كالتشكيل والسينما، موضحا أن المبدع كالنحل يمتص الرحيق ويخرج العسل بعد فترة طويلة والإبداع الحقيقي عن الثورة لم يكتب بعد .
وعن سلسلة "إصدارات خاصة" التي يتولى رئاسة تحريرها، وصفها رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الشاعر سعد عبد الرحمن بأنها "سلسلة إنقاذ" ، موضحا أنها تطبع للأسماء الكبرى في عالم الكتابة، كما تطبع العناوين الإبداعية والفكرية التي لا يمكن تسكينها في السلاسل العادية .
وأضاف عبد الرحمن أن هناك بعض الأعمال المقدمة للسلسلة ويوجد بها مشاكل وشطحات من مؤلفها مما يقلق القائمون على مشروع النشر، موضحا أنه يتم الإتفاق مع هذا المؤلف بإختيار بعضها وننشرها بالسلسلة في مختارات أدبية له، مؤكدا أن السلسلة لا تحذف شيئا ولا تمارس الرقابة على المبدعين، "لكن في الوقت نفسه استمرارية المشروع لدينا هي الأهم فليس من مصلحة القارئ المعتاد على قراءة كتبنا، ونحن أزهد دور النشر في الحصول على أي مكاسب، أن نضحي بالمشروع من أجل عمل إبداعي".
وتابع عبد الرحمن أن هناك عناوين قد يقتنع بها القائمون على مشروع النشر، وهو كرئيس للهيئة، وبالتالي لا يستطيع فرضه على رؤساء تحرير السلاسل، فننشره في "إصدارات خاصة" وهي بالنسبة لنا أداة إنقاذ.
وعن بروتوكول تولي رئيس الهيئة لهذه السلسلة واحتمالية أن يتولى هذا المنصب شخص غير مثقف، قال عبد الرحمن إن اختيار النشر في هذه السلسلة بالذات يكون الرأي فيه لمجموعة من مثقفي الهيئة وقد كان هناك إداريون في هذا المنصب ومع ذلك كانت السلسلة تنشر صفوة الأعمال .
وبشأن الانتقادات التي وجهت لمعيار السن للتقدم للنشر في سلاسل "إبداعات" و"أصوات" و"الأعمال الكاملة"، قال عبد الرحمن إن فلسفة الهيئة هى إكتشاف المواهب في "إبداعات" ثم تقديم تجاربهم الناضجة في "أصوات"، ثم تبنيهم بعد سن ال 45 عاما في سلسلة "الأعمال الكاملة".
وأوضح أن السلسلة الأخيرة لم يخترعها هو شخصيا فهي كانت موجودة قبله، وقال إن دار العودة نشرت الأعمال الكاملة للشاعر الراحل نزار قباني وهو مازال على قيد الحياة.
وأضاف أن هذه السلسلة لتكريم المبدعين الكبار في مصر والأقاليم الذين لم يتذكرهم أحد، ولن تصدر لهم دور النشر الخاصة أعمالهم الكاملة حتى بعد أن يموتوا، وبالتالي ستكون الهيئة متخصصةن في إصدار هذه الأعمال .