أكد زين عبد الهادي رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، قائلا: "إننا نحتاج لدستور لا يعبث بشعب مصر ومقدراته وحريته وخبزه ودوائه، كما نريد لمن يحكم مصر أن يكون شريكا للشعب المصري في تطلعاته وليس جلادا نصنعه في كل مرة ليأكل من أجسادنا ويشرب من دمائنا ويسرق مقدراتنا ويحرق مستقبلنا". جاء ذلك في كلمة رئيس الهيئة فى افتتاح مؤتمر "الثورة والدستور في التاريخ المصري الحديث والمعاصر" الذي أقامته دار الكتب والوثائق القومية بقاعة علي مبارك بمبني دار الكتب، ويستمر حتى غد الأربعاء.
وأضاف زين عبد الهادي، أن الدستور هو مجموعة من المبادئ الحاكمة لحرية الإنسان لكي يمارس حريته كاملة غير منقوصة وغير معرضة للإجتزاء أو النقصان، ويعتبر حدا فاصلا بين السلطة بكل أشكالها وبين الإنسان، الذي انتهكت حريته ومقدراته وتاريخه وفكره عبر عقود من الظلم ، فهو حدا فاصلا بين عهدين، عهد امتلأ بالشقاء والمهانة والمذلة، وعهد نتطلع إليه مكتظ بالأمل والنور والمحبة والتسامح وسيادة دولة العدل.
وأشار إلى أن الدستور كان فيما مضى المطية التي يستخدمها الحكام لإلقاء الشعب في السجون؛ فالدستور يحتاج إلى معالجة وحكمة وروية، ويحتاج إلى دمائنا جميعًا كمصريين كي يكتب به.
واستطرد قائلا:"إننا نحتاج لدستور يؤكد على الحق في الخبز والحرية والعدل والمساواة والحياة الكريمة وحقوق المواطنة وحرية الفكر والابداع ، دستور يجعلنا نضاعف من كنوز أبنائنا التي تركوها لنا من فكر وثقافة وحضارة ، وليس مجرد مجموعة من المفردات السياسية التي لا معني لها سوي في أذهان من يصنعونه ، دستور يخلص المصريين من نير حكامهم ويؤكد علي مشاركتهم في صناعة الديموقراطية ، وأن مستقبل مصر وبنائها بأيدي المصريين".
من جانبه، قال أحمد زكريا الشلق مقرر اللجنة العلمية بمركز تاريخ مصر المعاصر، إن الدساتير تنشأ في ظل ظروف تاريخية معينة لتعبر عن مطالب وطنية تقتضي إرساء نظم ومؤسسات تلبي حاجات المواطن في جميع المجالات ، وأنها قابلة للتطور وفقا لما تقتضية تطورات العصر والحفاظ علي ثوابت الأمة في ذات الوقت.
وأشار إلى أن أكثر ما يهدد الحياة الدستورية خطرين هما عدم معرفة عامة الناس بمعني الدستور وأهميته في صون حقوقهم وتعريفهم بواجباتهم، وأرجع ذلك إلى الأمية، ممن يسهل على محترفي السياسة تضليلهم ، الي جانب طغيان الحكام وأرباب السلطة من الملوك والرؤساء وأدواتهم من أصحاب المناصب التنفيذية العليا ، فالدساتير ليست مجرد نصوص حسنة الصياغة، وإنما هي نصوص واجبة التنفيذ والتطبيق والاحترام من الجميع حكاما ومحكومين.
وأضاف: "إننا في هذا المؤتمر نتناول التجارب التاريخية للثورات والدساتير والبرلمانات أو الهيئات النيابية في مصر منذ 1866 وحتي يناير 2011، كما حرصنا على تناول القضايا المختلفة التي تتضمن الدساتير وما يثار حولها من جدل كالدين وقوانين الانتخاب والتعديلات الدستورية والقوانين الاستثنائية وقضايا الحريات في الدساتير، فضلا عن قضايا الأمن القومي ومجمل الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لنصل في النهاية لدستور جديد بعد ثورة يناير".
بدوره، أوضح محمد صبري الدالي رئيس الادارة المركزية للمراكز العلمية، أن المؤتمر يهدف إلى تقديم عصارة التجارب والخبرات التاريخية السابقة في الوطن وخارجه، بهدف الاستفادة من ايجابياتها وتلافي عيوبها لتصبح تحت مرأى ومسمع من صانعي دستور مصر المأمول ، الي جانب تقديم بعض الطروحات والطموحات التي قد تساهم في مستقبل أفضل لمصر.
يشارك فى مؤتمر "الثورة والدستور في التاريخ المصري الحديث والمعاصر" مفكرون ومؤرخون ورجال سياسة واجتماع وصحافة، ويضم 8 محاور تدور حول "حتمية الثورة بعد الدستور" و"الثورات المصرية وآليات كتابة الدساتير" و"جدلية الدستور والدين والمجتمع" و"قضايا دستورية : التعديلات والقوانين الاستثنائية والمؤسسة العسكرية " و "الدساتير المصرية وقضايا الحريات" و "الدستور والنظام".