بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية، أكدت تقارير صحفية كثيرة أن أوباما كسب السباق بمساعدة وسائل إعلام ساندته ودعمته فى طريقه للبيت الأبيض، ونحن مقبلون على انتخابات رئاسية هى الأولى من نوعها فى عمر مصر ما الدور الذى يلعبه الإعلام المصرى مع مرشحى الرئاسة وهل هناك من يساند مرشحا على آخر؟ «الشروق» تابعت لقاءات أربعة من أهم مقدمى برامج التوك شو فى مصر الذين لهم جماهيرية عالية فى الشارع المصرى ورصدت حواراتهم مع مرشح الرئاسة الفريق أحمد شفيق.
غزل ما قبل البداية
بدأ لقاء معتز الدمرداش فى برنامجه «مصر الجديدة» بالفريق أحمد شفيق الأكثر أريحية للرجل منذ السؤال الأول، حيث جاء تقليديا إلى حد الدعاية موجها كلامه للمشاهدين ماذا سيقدم الفريق أحمد شفيق لمصر لو انتخبت رئيسا فى هذه المرحلة الصعبة؟.. ولم يكتف معتز بهذا السؤال الغزلى.. بل زاد عليه بعبارات الإشادة على شاكلة كنت ضابطا بالقوات المسلحة وتوليت وزارة الطيران وتم اختيارك رئيسا للوزراء فى فترة عصيبة قبل أن يعيد السؤال بصيغة جديدة: لماذا تريد أن تكون رئيسا لمصر؟.
بينما ركز تقرير «هنا العاصمة» على تاريخه العسكرى وتوليه رئاسة أركان القوات الجوية لأطول مدة بلغت 6 سنوات، وكذلك أشاد بدوره فى تطوير وزارة الطيران فى الفترة التى تولى فيها مسئوليتها، وانتقل التقرير إلى تكليفه بتشكيل الحكومة لتهدئة الثوار قبل تقديم استقالته بعد مرور 34 يوما قضاها رئيسا للوزراء.. ولم يتطرق التقرير إلى النقاط الساخنة فى التعامل معه خلال الثورة وموقعة الجمل وعلاقته بمبارك.
وحاولت لميس الحديدى مقدمة البرنامج الحياد فى تقديمها للرجل فأشارت إلى أنه يحظى بخبرة إدارية وتاريخ مشرف وكذلك هناك علامات استفهام كثيرة حوله؟.
أما راندا أبوالعزم مذيعة قناة العربية فاكتفت فى تقديمها للرجل بتعريف كان أقرب إلى «CV» عن تاريخه فركزت على كونه كان ضابطا بالجيش ورئيسا لأركان القوات الجوية وتوليه كذلك وزارة الطيران قبل أن يقوم بتشكيل الوزارة، ولم تنس أبوالعزم الإشارة إلى أن الرجل اضطر إلى تقديم استقالته تحت وطأة الاحتجاجات الشعبية التى اعتبرت وزارته من بقايا النظام السابق.
عمرو أديب اكتفى بالترحيب بالضيف والإشارة إلى أنها المقابلة الأولى له عقب إعلان ترشحه لرئاسة الجمهورية، لافتا إلى أن برنامج «القاهرة اليوم» تلقى نحو 2600 سؤال لشفيق ما يدل على حجم الاهتمام بالاستماع إلى آرائه والتعرف على مواقفه.
لعل أكثر ما يمكن ملاحظته فى كل المقابلات التى أجراها الفريق أحمد شفيق مؤخرا بدايتها الهادئة قبل أن تصل إلى ذروة الانفعال فى منتصفها، قبل أن تعود إلى الهدوء مع الختام، لكن أبرز ما يميز لقاءه بعمرو أديب انفعاله أكثر من مرة، بينما أشاح بيده للميس الحديدى، فى الوقت الذى ترك له معتز الدمرداش الساحة ليستعرض قدراته، بينما بدت راندا أبوالعزم الأكثر حيادية.
حواره مع عمرو أديب بدأ على نحو هادئ بسؤاله عن الخبر الذى فرض نفسه على الساحة بإعلان الدكتور محمد البرادعى عن انسحابه من انتخابات الرئاسة، فحاول أن يجيب على نحو دبلوماسى بأن وجود الأخير كان سيثرى التجربة، لكن أديب لم يقتنع بالإجابة وسعى جاهدا إلى انتزاع إجابة أكثر سخونة فسأله «لماذا لا تعترف بسعادتك من خروج منافس قوى للرئاسة؟».. فبدأ الانفعال يظهر على الأخير ليرد بحسم: «وما أدراك أنها الفرصة الأخيرة فربما يتراجع عن قراره».
الطريف فى الأمر أن الإجابة التى سعى إليها أديب حصلت عليها لميس الحديدى فى حوارها مع شفيق بعد أسبوعين فقط ولكن بمجهود أقل حيث رد على السؤال نفسه بالقول «نفسى البرادعى يدخل الانتخابات علشان يعرف حجمه وشعبيته».. وزاد من تصريحاته النارية بالقول: «كان عليه أن يكون أكثر حياء لأن الأدب فضلوه عن العلم»، وذلك فى إشارة إلى سخرية البرادعى من إعلان شفيق ترشحه لرئاسة الجمهورية.
موقعة الجمل كان لها نصيب الأسد من الأسئلة التى طرحت على الرجل فى جميع البرامج، غير أنها كانت أكثر سخونة مع أديب الذى عرض على الشاشة لقطات للموقعة خلال حديث الأخير عنها، بل وسعى كثيرا إلى إحراج الرجل مع كل محاولة للتبرأ منها وقال له بعبارة تحمله المسئولية «كنت رئيسا للوزراء فى تلك المرحلة ولا تعرف من القتلة؟».
وبعدها هاجم أحد المشاهدين أديب ووصفه بأنه يتعمد استفزاز الضيف فرد «هذا شغلى.. نحاول استفزاز الضيف لنحصل على كل ما بداخله».
راندا أبوالعزم بدت مدركة جيدة لحساسية الأمر بالنسبة للرجل فاختارت طرحه بهدوء، وجاءت إجابة الرجل بالطريقة نفسها فقال بصوت هادئ: لم يكن معى شرطة ولست مسئولا عن الأمن.. كنت مشغولا بالهموم الحيايتة واليومية للشعب المصرى حينها.. يكفينى فخرا أن الأسعار فى عهدى كانت أرخص من الآن».
وعلى الرغم من أن برنامج «مقابلة خاصة» كان الأقل مدة لكنه الوحيد الذى ترك لشفيق مساحة أكبر للحديث عن برنامجه الانتخابى ورؤيته لمستقبل مصر فى التعليم والأمن والاقتصاد، ولم تستفض راندا أبوالعزم فى الحديث عن ماضى الرجل وعلاقته بالنظام السابق كما فعلت البرامج الأخرى.
وكان من بين اللحظات التى شهدت توترا فى مقابلة شفيق مع عمرو أديب عندما تطرق إلى قدرته على عودة الأمن للبلاد حيث قال إنه يستطيع إعادة الأمن للشارع خلال شهر واحد من خلال نشر الشرطة ومحاسبة كل من يقصر فى مهام عمله.. وهنا لم يفوت أديب الفرصة فعلق: لكن بعد يومين من توليك الوزارة شهدت مصر أكبر عملية بلطجة فى تاريخها؟ (فى إشارة إلى موقعة الجمل)، فغضب الأخير بشدة وقال معاتبا المحاور: «بعد كل هذا تقول بلطجة يا عمرو؟».
لكن معتز الدمرداش ترك للرجل مساحة للحديث عن قدرته على إعادة الأمن فى البلاد حال توليه المسئولية وتساءل بثقة: هل هناك شك فى إمكانية عودة الأمن خلال ثوانٍ؟.. وهنا علق معتز أن الأمر يحمل مبالغة: فرد شفيق مؤكدا إمكانية حدوث ذلك خلال أسبوع واحد بنشر قوات الشرطة فى الشوارع ومحاسبة المقصرين، وتحركت الكاميرا فى اتجاه معتز الذى اكتفى بترك الساحة لشفيق لعرض وجهة نظره.
السؤال الذى أثار شفيق بشدة فى كل مقابلة هو وجود رفض شعبى لمرشح ذى علاقة بالنظام السابق ويحمل خلفية عسكرية وهو ما اعتبر الأخير إهانة للعسكرية، وانفعل بشدة مستنكر قول أحد الأشخاص لم يذكره «على الطلاق شفيق مش هينجح».. وتساءل بغضب «هل هذه طريقة حوار؟»، والإجابة نفسها رد بها شفيق فى لقائه مع معتز الدمرداش بالتأكيد على أنه مرشح مدنى للرئاسة وليس عسكريا.. بل واعترف الرجل أن رئيسا ليس له خلفية عسكرية يعنى مضاعفة الامتيازات الممنوحة للجيش.. وعندما سأله معتز عن السبب رد: «لأن الجيش هو الذراع القوية للدولة».
لكن مع لميس كان الموقف أكثر انفعالا خاصة بعد أن قالت له لميس إن الحرية والعدالة أعلن رفضه لأى مرشح له خلفية عسكرية وعلاقة بالنظام السابق، فقال إن هذا موقف من قاله وليس موقف الإخوان.. مشيرا إلى أنه خاطب من قال ذلك بالقول «عليك أن تشغل نفسك بمهمتك الصغيرة التى تؤديها بكليتك».
«ده كلام فارغ».. الجملة الأشهر مع كل اتهام
«ده كلام فارغ».. ربما كانت الجملة الأكثر تكرارا على لسان الفريق أحمد شفيق مع كل انفعال خاصة عند التطرق إلى علاقته بالنظام السابق أو ما يقال عن بلاغات الفساد المقدمة ضده، فعندما سألته لميس عن بلاغات مقدمة ضده بتهم إهدار المال العام أشاح بيده غاضبا: «لم يتم معى إجراء أى تحقيق منذ أن غادرت مجلس الوزراء ولم يتم استدعائى.. وكل ما يقال (كلام فارغ) لا أساس له من الصحة».
وزادت حدة غضب شفيق عندما تتطرق الأمر إلى إقرار الذمة المالية وما قيل عن امتلاكه قصرا فى باريس، وكرر جملته «هذا كلام فارغ.. هى مجرد شقة اشتريتها بتمويل بنكى».. فردت لميس بسؤال ذات مغزى.. ربما سددت ثمنها بمكافأة نهاية الخدمة بالقوات الجوية؟.. وهنا نفد صبر الرجل ليقول «هذا الكلام يقدم للجهات المختصة فى إقرار الذمة المالية وغير مقبول أن أسمعه».
وفى برنامج «مقابلة خاصة» تطرق الرجل إلى الأمر نفسه ولكن بشكل خلا من الاشتباك بين الطرفين مكتفيا بالقول إنه أفصح عن ذمته المالية وسيفصح كذلك عن حجم إنفاقه على الدعاية الانتخابية.
واقتحمت راندا أبوالعزم النقطة الأكثر حساسية بالنسبة للرجل والمتعلقة باتهامات الفساد أيضا، فرد باستفاضة مكررا جملته الشهيرة: «(ده كلام فارغ).. إذا كانت هناك بلاغات تضعنى فى السجن لكان مكانى فى السجن الآن».
واعترف الرجل للمرة الأولى بوجود بلاغات بالفعل لكنها ليست ضده شخصيا بل ضد الشركات المنفذة لبعض مشروعات المطار.. ومع ذلك لم أتكلم ولكن أحتفظ بحقى فى مقاضاة كل من يروج هذا الكلام ضدى، وزاد على ذلك بالقول «سأحاسبهم حساب الملكين».
المشير.. إيه.. إيه؟
السؤال الأكثر إحراجا للرجل جاء فى برنامج «هنا القاهرة» وكان عن الأسماء التى طلب الرئيس السابق مبارك الاحتفاظ بها فى الوزارة التى كلفه بتشكيلها، فأجاب أنهما وزيرا الخارجية أحمد أبوالغيط، والعدل ممدوح مرعى.. وهنا سأله عمرو أديب عن المشير طنطاوى.. فبدا الذهول على وجه الرجل من المفاجأة ويستفسر عن الأمر بطريقة باتت محور تندر قائلا: «إيه.. إيه؟».. قبل أن يتمالك نفسه خلال 10 ثوان من التفكير ليرد: «أتصور أن هذا الأمر كان محسوما منذ البداية حيث طلب مبارك بقاء المشير فى منصبه».
ولم يكن السؤال حول موقفه من مبارك وإمكانية العفو عنه فى حال توليه المسئولية بالأقل إحراجا، غير أن الرجل حاول أن يبدو محايدا فقال: «القانون سيأخذ مجراه حتى نرسخ لدولة القانون»، وعن مشهد مبارك الراقد على سرير طبى خلال المحاكمة تابع: «ما كنت أتمنى أن أراه راقدا على السرير وكنت أتمنى أن تمكنه الصحة من الوقوف خلال محاكمته».
تلطيف الأجواء ب«البلوفر»
حاول عمرو أديب تلطيف الأجواء فى الحوار مع شفيق خاصة بعد أن ساد الشد والجذب حول مسئوليته عن موقعة الجمل فسأله عن حكاية «البلوفر»: فقال «ده موضوع مسلى قوى.. وأنا بحب أن أكون متحررا وأرتدى أبسط الملابس حتى أننى قلت لهم فى مجلس الوزراء يمكنكم حضور الاجتماعات بلا ملابس رسمية وكرافتة».. وهنا ضحك أديب بصوت عالٍ.
4 أسئلة والإجابة: «لا أعرف»
شهدت المقابلات التى أجراها الفريق أحمد شفيق العديد من الأسئلة التى تركها بلا إجابة بالمراوغة حينا أو لتأكيده بعدم اقتناعه بالسؤال أحيانا أخرى.
ومن أبرز تلك الأسئلة أسماء الوزراء فى عصر مبارك الذين أطلق عليهم هو «وزراء الرفض والممانعة» الذى كانوا يتصدون لممارسات رجال الأعمال بالحكومة، مكتفيا بالقول «هذا ليس مجال للحديث عن الأسماء».. وعندما كرر أديب السؤال أكثر من مرة رد: «بينهم فايزة أبوالنجا على سبيل المثل».
أما السؤال الآخر فكان المرشح الأقرب فى المنافسة على المنصب من بين المرشحين المحتملين حيث قال: «لا أعرف».
والسؤال الثالث الذى لم يجب عليه طرحه أديب أيضا عن الحالة التى يمكن فيها الانسحاب من سباق الرئاسة فرد: «لا أعلم.. لا أحد منا يعرف ماذا سيحدث اليوم أو غدا وربما تحدث أشياء تجعلنى أقرر الانسحاب لكن لا أعرف ما هى تلك الأشياء».
ولم تفوت راندا أبوالعزم الفرصة للحديث عن علاقة الرجل «المتوترة» بالإعلام خاصة أن المقابلة تلت ما نشر عن سحب حملته الانتخابية الشرائط المسلجة لمقابلته مع قناة «بى بى سى» اعتراضا على سؤال عن مصير المشير طنطاوى فى حال نجاحه فى انتخابات الرئاسة وكونه أجاب أنه «سيكون فى منصب أعلى».
فسألته راندا عن هذا المنصب وأيضا لم تتلق إجابة واضحة واكتفى بالقول «مؤكد واحد بيشغل منصب وزير منذ 20 سنة وشغل منصب رئيس الدولة كذلك.. هل يمكن أن لرجل بهذه الخبرة والدور الوطنى أن يشغل منصب وزير؟».
فأعادت مقدمة البرنامج السؤال عن طبيعة هذا المنصب الذى سيكون أعلى من منصبه الحالى فقال «لا أعرف».
وسعى كذلك شفيق إلى الإجابة «الدبلوماسية» فى بعض الأحيان هربا من الإحراج ومن بينها عندما سأله أديب على نحو مباشر هل أصدر مبارك قرارا بقتل المتظاهرين فأجاب: «المحكمة ستقرر».. وهنا ضحك أديب بصوت عالٍ فى إشارة ذات مغزى.
بينما سأله معتز هل استشار المشير طنطاوى فى ترشحه للرئاسة فاعترف بأنه تحدث معه «باعتباره أخا عزيزا يأخذ رأيه بشكل شخصى».. وزاد قائلا: «أنا باخد رأى جارى ومعارفى ليه الناس بتحمل الأمور فوق ما تحتمل لمجرد أنى تكلمت مع المشير فى ترشحى للرئاسة».
زمن
برنامج «هنا القاهرة» لعمرو أديب كان له النصيب الأكبر من وقت أحمد شفيق حيث تحدث الرجل لمدة 2.16 (ساعاتين وست عشرة دقيقة)، بينما اكتفى معتز الدمرداش فى برنامجه «مصر الجديدة» ب1.26 (ساعة وست وعشرين دقيقة)، تلته لميس الحديدى فى «هنا القاهرة» بزمن وصل إلى 1.21 (ساعة وواحد وعشرين دقيقة)، بينما اكتفت راندا أبوالعزم فى برنامجها «مقابلة خاصة» ب23 دقيقة (ثلاث وعشرين دقيقة).
عدد الأسئلة
كما استحوذ برنامج «هنا القاهرة» أيضا على أكبر عدد من الأسئلة بلغت 105 تم انتقاؤها من بين 2600 سؤال تلقتها إدارة البرنامج، وبدا أديب مختلفا مع شفيق فى أغلب الاجابات سواء عبر بالتصريح بالكلام أو الضحك بسخرية، كما طرح معتز الدمرداش فى برنامجه «مصر الجديدة» نحو 75 سؤالا على الرجل بدا متفقا مع إجاباته عليها بترديد كلمة «طبعا.. طبعا»، وإن كان أبدى بعض الاعتراض بكلمة «لكن يا سيادة الفريق؟».. لميس الحديدى طرحت 85 سؤالا، وبدت مختلفة مع الرجل كثيرا من خلال تعبيرات وجهها حينا والاعتراض أحيانا أخرى، فيما احتفظت راندا أبوالعزم بحيادها تقريبا فى جميع الأسئلة التى طرحتها.
الفضائيات ومرشحو الرئاسة.. ورد وشوك وسم فى العسل (1)
الفضائيات ومرشحو الرئاسة.. ورد وشوك وسم فى العسل (2)