قال الكاتب البريطانى روبرت فيسك إنه بالرغم من شجاعة الصحفيين الغربيين في شبكات الإعلام المختلفة التي دفعتهم للذهاب لمدينة حمص السورية لينقلوا للعالم معاناة المدينة مما أسفر عن إصابة ومقتل العديد منهم، إلا أن العالم يتذكر هؤلاء الصحفيين كما فى حال المصور البريطانى بول كونروى ولا يعرف شيئا عن ال13 سوريا الذين تم قنصهم خلال محاولتهم إنقاذ كونروي . وتساءل فيسك - في عموده اليوم السبت بصحيفة (الإندبندنت) البريطانية على موقعها الإلكتروني - عما إذا كنا نعرف أسماءهم كما نعرف اسم كونروي أو حتى ننوي أن نعرفها؟ .وأضاف أن هناك حسا استعماريا في هذه المسألة ، حيث أصبح مراسلو الحرب أكثر أهمية للعالم من الأناس الذين يغطون أخبارهم وهو شىء يحدث من زمن ، فالجميع يتذكر وجود الكاتب الأمريكي ارنست هيمنجواي على سبيل المثال في باريس أثناء تحريرها لكن لا أحد يتذكر مئات الفرنسيين الذين ماتوا من أجل تحرير باريس .
وأورد فيسك مثالا آخر يعود لفترة غزو العراق عام 2003 حين قتل الصحفي الأمريكي تيري لويد على يد القوات الأمريكية ، لكن أحدا لم يذكر أسماء ربع أو نصف مليون عراقي قتلوا نتيجة لهذا الغزو .. مشيرا إلى أن المراسل إن كان عربيا كمراسل الجزيرة طارق أيوب في بغداد الذي قتل في غارة أمريكية فلا يذكر اسمه أيضا .
وأوضح الكاتب البريطانى إن السترات الواقية من الرصاص يرتديها كل مراسلي التلفزيونات في المناطق المشتعلة أثناء لقاءاتهم مع ضحايا الحروب بينما لا تتوفر لهؤلاء الضحايا مثل هذه الإمكانيات للحفاظ على النفس ، لذا فهي تعطي إحساسا بأن حياة هؤلاء المراسلين الغربيين أكثر قيمة وأكثر استحقاقا للحفاظ عليها من المدنيين حولهم .
وقال الكاتب البريطانى روبرت فيسك "إن هناك ظاهرة أخرى مزعجة في وسط الصحفيين .. وهي كيفية تدريبهم للتعامل مع الصدمة والحرب والتأثرالنفسي بمشاهد القتل ، وهو ما استنكره قائلا "إن هؤلاء هم صحفيين متخصصين في تغطية الحرب ببساطة ، ومن يعتقد منهم أن هذا الوضع صعب عليه بإمكانه السفر على أفخر درجات الطيران فى حين يوجد أشخاص بدون سترات واقية من الرصاص وبدون تأشيرات سفر يجاهدون لإبعاد الخطر عن عائلاتهم الذين يحتاجون بحق تلك الاستشارات النفسية ".
وأضاف "أن مهمة مراسل الحرب هي مراقبة مراكز القوى في مناطق النزاع ، ومع كل التقدير لكل من قاموا بهذه المهمة من حمص إلا أن هناك خاطرا أخيرا وهو أنه أثناء قصف إسرائيل لغزة عام 2008 تم منع جميع المراسلين من تغطية الحرب كما يفعل الأسد في حمص".
وتابع قائلا " إن الإسرائيلين كانوا أكثر نجاحا من الأسد في منع الصحفيين من رؤية حمام الدماء وترك الأمر للمراسلين الفلسطينيين لتغطية معاناة شعبهم بأنفسهم ، وقد قام هؤلاء بعمل رائع بينما لم تسارع غرف الأخبار في لندن وواشنطن بإيفاد مراسليها إلى غزة كما فعلت في حمص".