كانت اليابانيةالشابة تتشبث بغطاء ثقيل لفته بإحكام حول جسدها، وهي ترنو بنظرها الى مكان بعيد ومن ورائها ظهر في الصورة حطام معدني وقطع من الأخشاب خلفتها أمواج المد العاتية (تسونامي) التي ضربت بلدتها ايشينوماكي. تلك الصورة التي التقطها المصور تاداشي اوكوبو من صحيفة يوميوري شيمبون تناقلتها رويترز ووكالات انباء أخرى حول العالم، لتصبح من أشهر الصور المرتبطة بالكارثة التي تعرضت لها اليابان في 11 مارس وأودت بحياة 20 ألفا.
صاحبة الصورة هي يوكو سوجيموتو (29 عاما الأن) والتقطت لها صباح يوم 13 مارس، وكانت تتطلع الى روضة الاطفال التي كان يوجد بها ابنها رايتو وغمرتها امواج المد جزئيا وحاصرتها أكوام من الحطام.
تتذكر هذه اللحظة وتقول "حينها قلت لنفسي ان بقاءه على قيد الحياة لا يتعدى 50 في المئة،"البعض قال لي انه تم انقاذ أطفال الروضة والبعض الاخر قال لي ان شخصا شاهد أمواج المد تجرف كل الاطفال".
ولدت سوجيموتو وعاشت في بلدة ايشينوماكي التي يقطنها 150 ألف نسمة واشتهرت بمينائها وصناعاتها السمكية قبل ان تجرفها أمواج المد التي فجرها زلزال مركزه في البحر بلغت قوته تسع درجات.
ولقي نحو 3800 شخص حتفهم في البلدة وكانت هذه افدح خسائر تقع في بلدة واحدة.كانت تعمل وقوت وقوع التسونامي واستماتت في محاولة الوصول الى روضة الاطفال لكنها أجبرت على الفرار أمام أمواج المد العاتية وباتت ليلتها في سيارتها.
وبعد ان عثرت على زوجها في اليوم التالي بدأ الاثنان رحلة بحث مضنية عن طفلهما في مراكز الايواء. في البداية كانا يستخدمان السيارة ثم أخذا يتنقلان بالدراجة حين نفد الوقود واستخدم زوجها قاربا ووصل الى روضة الاطفال لكنه لم يجد أحدا هناك.
وفي اليوم التالي جاءهما النبأ بان الجيش أنقذ ابنهما وباقي الاطفال وانتشلهما من سطح روضة الاطفال في الصباح التالي للتسونامي.
وقالت سوجيموتو "حين رأيت رايتو قابعا في ركن احدى الغرف بدأت أبكي بشدة فلم أعد أرى شيئا."ثم بدأت تتحسسه من رأسه الى اخمص قدميه لتتأكد من سلامته ومن انه حي حقا.
وبعد مرور عام على الكارثة تقف سوجيموتو في نفس المكان تحتضن ابنها وهي تبتسم ومن خلفها طريق منحدر نظيف مليء بالسيارات والشاحنات المتوقفة عند اشارة ضوئية.
توحي بسمتها ان الحياة عادت الى عهدها. لكن هذا ليس صحيحا بالكامل، فصحيح ان حطام الكارثة أزيل اسرع مما كانت تتوقع الا ان امامها هي وأسرتها بعض الوقت حتى يتمكنوا من مواصلة الحياة كالمعتاد.
فالبيت الذي بنوه قبل أربع سنوات غمرته الامواج حتى طابقه الثاني تقريبا وفقدوا معظم ممتلكاتهم وما بقي لهم هو دين عقاري يصل الى نحو 25 مليون ين (310 الاف دولار) عليهم دفعه.
تعيش الاسرة الان في بيت مستأجر لكن عقد الايجار ينتهي العام القادم وسيكون عليهم ان يعودوا الى منزلهم القديم ليعيدوا بناءه من الصفر تقريبا.وقالت "كنت أحب المحيط لكن منذ الكارثة لم أعد اليه ولو مرة واحدة. أريد ان اعيش في ايشينوماكي لكن بعيدا عن المحيط".
ورغم المعاناة المالية تغيرت أولويات سوجيموتو، فقبل التسونامي كانت تعمل حتى في أيام العطلة لكنها تركت الان العمل لتمضي مزيدا من الوقت مع أسرتها. وقالت "الان كل يوم له ثمن بالنسبة لي وأدركت ان الوقت الذي اقضيه مع اسرتي هو اهم شيء".