دراسة علمية حديثة تفتح نتائجها الأبواب على مصراعيها للأمل فى أن تتبرعم الشرايين المسدودة مرة أخرى بعد موات، رغم أن الدراسة قد أجريت على فئران تجارب إلا أن إمكانية نجاح الطريقة التى ابتكرها أحد علماء الهندسة الطبيةAroom Baker-corkrell School of Engineering أمر لا يحتاج للكثير من الجهد كما عبر بنفسه تعليقا على نتائجه الباهرة. من المعروف حتى وقتنا هذا أن انحسار تيار الدم السارى فى الشرايين إلى الأطراف أو إلى عضلة القلب خاصة يؤدى إلى أعراض وخيمة العواقب أهمها ضيق ثم انسداد تلك الشرايين فيما قد يسفر عن آلام الذبحة الصدرية ثم جلطة الشرايين التاجية وقد يعبر عنه بتصلب الشرايين.
لا يحدث تصلب الشرايين فجأة إنما فى عملية طويلة الأمد قد تستمر سنوات عديدة قبل أن تسفر عن أعراض يشعر بها الإنسان وتربكه.
تبدأ عملية تصلب الشرايين بما يشبه الخدش فى بطانة الشريان من الداخل يجذب اليه بعضا من خلايا الدم البيضاء التى انتهى عمرها والصفائح الدموية والأهم ذرات الكوليسترول متناهية الدقة (الكوليسترول الردىء LDL) مع مرور الوقت الذى يختلف بالطبع من إنسان لآخر قد تتلكأ بعض ذرات الكالسيوم لتستقر فى تلك البثرة التى تكونت داخل الشريان الذى يضيف لها صلابة. لا يبقى الحال على ما هو عليه إذ مع الوقت يبدأ الشريان فى الضيق، الأمر الذى يتسبب فى قلة وانحسار الدم السارى فيه لتبدأ أعراض الذبحة الصدرية فى الظهور أما الأكثر خطورة فهو أن تنفجر تلك البثرة لتسد محتوياتها الشريان بالكامل الأمر الذى يتدخل معه الجهاز المناعى فتبدأ عوامل تخثر الدم عملها لتحدث الجلطة فتحرم المنطقة التى يغذيها الشريان المسدود تماما من الدم فيما يعرف باحتشاء عضلة القلب أو النوبة القلبية.
الدراسة التى نشرت حديثا فى الدورية المرموقة Procudings of the National Academy of Sciences تشير إلى أن الانسداد الذى يحدث فى الشرايين خاصة شرايين القلب التاجية يمكن أن يعالج بصورة تعيده إلى سابق عهده مفتوحا أمام تيار الدم السارى دون اللجوء للجراحات أو استخدام الدعامات, تعتمد تلك الطريقة على حقن أحد عوامل النمو المعروفة بقدرتها على حث الخلايا على النمو والتكاثر والانقسام، على سبيل المثال ما يحدث عند حدوث جرح فى الجلد فإنه خلال أيام تبدأ الخلايا فى إنتاج جيل جديد من الخلايا والأنسجة يملأ فراغ الجرح ليلتئم دون تدخل, حقن عامل النمو (FGF-2) ودورانه فى الدم يجعله متاحا لمستقبلات الخلايا (مستقبلات على سطح الخلايا تستجيب لرسائل كميائية من مصادر أخرى خارج الجسم) والتى بدورها تنتج ما يحث الخلايا على النمو والتكاثر.
أضاف فريق العلماء مادة دهنية إلى عامل النمو تساعده على التشبث بمستقبلات الخلايا لتنهض لأداء واجبها فى التكاثر بصورة تماثل تلك التى بدأت بها والإنسان مازال جنينا يتطور نموه يوما بعد يوم. اعتمدت التجربة على إحداث مظاهر نقص الدم فى أحد ارجل الفأر ثم حقن بما استحدثوه من مركب فكانت النتيجة مذهلة إذ استعادت الرجل المصابة حيويتها وسرى الدم فى الشرايين التى تبرعمت بكامل كفاءتها خلال سبعة أيام فقط.
عبر د. آرون عن رضاه الكامل عن تجربته الفريدة بقوله إنه يأمل فى أن يأتى يوم قريب يستفيد منه الإنسان من تلك الظاهرة التى تحمل أملا كبيرا فى القضاء على مظاهر الإعاقة التى يعانى منها مرضى الشرايين, من المعروف أن عمليات استبدال الشرايين وجراحات القلب المفتوح إلى جانب تثبيت الدعامات فى الشرايين لضمان حرية سير الدم فيها قد تطورت إلى حد بعيد فى العقد الماضى حتى إنها تعتمد على عوامل كثيرة قد يغيب عنا بعضها الأمر الذى يجعل معاودة انسداد الشريان المصاب أمرا محتملا. لذا فنجاح تلك التجربة يحمل أملا صادقا فى أن ينجح الإنسان فى الحصول على شرايين جديدة طبيعية بديلة لجسده بعد أن اتلفها التدخين وارتفاع ضغط الدم ونسبة الدهون وربما أيضا كانت إرثا غير مرغرب فيه.