ما بين مرثيات لشهداء ثورة 25 يناير، جاءت أربعة دواوين شعرية هي "25 ميدان التحرير" للشاعر عبد العزيز موافي، و"يد على كتف الميدان" للشاعر مفرح كريم، و"وطن راجع من التحرير" مصباح المهدي، و"طرح النهار على نخل فبراير" للشاعر سعيد حامد شحاتة . تغنت الدواوين الأربعة، الصادرة مؤخرا عن سلسلة "إبداعات الثورة" بالهيئة العامة لقصور الثقافة، بتجربة الانتفاضة الأولى وفورانها حتى صارت ثورة شعبية، لكن ما جد عليها هو رهنها للنهايات منفتحة على قدرات هذا الفعل، رغم أن الجماعة فرضت قيمها على ذوات صانعي التجربة في كثير من الأحيان لتذوب الذوات في نشيد جماعي للتغيير.
فرغم التغني التقليدي، ظل فعل الصدام قائما مع ديوان "يد على كتف الميدان"، فيقول في نص "سأنسى أن أموت": "سأنسى أن أموت/ مثلما ينسى المجلس العسكري مطالب الثوار ... أخطو فوق الموت وسأرتكب الحلم الرائع"، فلم يكن الاحتفاء بفعل الثورة واستعرض أسبابها هو الهدف النهائي، بل يزيد : "ربما لم يعد لدينا شيء .. فلا طعام، لا أغاني جديدة يبل بها المتظاهرون أرواحهم، ولا ليل يكفي كي يهدأ العشاق ... ربما انهار جسد الصبر وانقسم النهر .. كأن الميدان يخلو"، ويعطي ترميزا للانقسام الحادث بين صفوف القوى السياسية (الجماعة)، وخروج الثوار من المعادلة السياسية خليي الوفاض فلا تحقق الحلم أو بدأ حتى .
وفي ديوان "25 ميدان التحرير"، يقف النص شاهدا جديدا على المأساة والحوادث التي أعقبت تنحي رأس النظام، فيقول نص "مسافات" : "المسافة ما بين ميدان التحرير وشارع نوبار لم تكن تستغرق - عادة - سوى بضع دقائق، ولكنها استغرقت - مؤخرا - ثمانمائة شهيد وآلاف الطلقات الحية والعصى المكهربة وقنابل الدخان"، بل ويهدي إحدى نصوصه إلى الشهيد مينا دانيال قائلا : "وحده كان يقف بإزاء دمه تحت غيمة تشبهه (ربما لأنها تشبه كل ما نحبه) .. هكذا ظل ينتظر عرسه السماوي.. وحينما أغمضوا عينيه، استيقظ بغتة، فأدركوا أنهم ما قتلوه ولكن شبه لنا".
وينهي النص كله بحاشية المتن (متن الفعل الثوري) : "الذين اقتطعوا من أحلامهم ما تزال جذورهم باقية في الميدان، ما من قوة معتمة تستطيع أن تطفئ ما تبقى منهم"، ليجدد انفتاحه على ثورة مستمرة .بينما يستعرض ديوانا "طرح النهار على نخل فبراير"، و"وطن راجع من التحرير"، أسباب الثورة الشعبية وإصرارها على الفعل .
ففي نص " ع الرصيف" ضمن ديوان "وطن راجع من التحرير"، يقول : "بتتسلى بيا البرامج شويه/ وتتسلى بيا الفتاوي الغبيه ... وندفع فاتورة غرور الفلاسفه وندفع ضريبة خراب البلاد".
وفي نص "برلمان الثورة"، يقول : "برلمان الثوره بعد سقوطه عصابه/ استعادوا الكدب تاني/ واستعادت نفسها تاني العصابه/ ابتدا الكدب الجماعي"، ويضيف : "رضينا بنص حرية ونسبة خمسه في الميه ... رمولنا من سطوح القصر بعض حاجات"، ليختتم بنهاية منطقية تسقط في مباشرة هذا التحريض في نص "الأغلبية الصامتة"، حيث يقول :" الثوره لسه والميدان قادر يعبر بمصر لبكره للأحلام".
وعبر تداعي منطقي ومتوقع بمساعدة قوافي محددة، يأتي "طرح النهار على نخل فبراير" ليأخذ بالأسباب، قائلا :"ثورة والشعب استجاب/ ثورة ع العيشة الهباب/ ثورة للشعب اللي أصبح/ عبد في دريم والرحاب"، لكنه يعلن الرفض على ما تحقق لتستكمل الجماعة حلمها، بقوله :"أنا صوت مخالف/ وأنت من غير صوت/فما ترفعيش الراية ويايا/ وما ترسميش الضحكه جوايا/ وما تكدبيش ع الرب في الملكوت".