ربما تكون جلسة مجلس الشعب ظهر الاثنين الماضى كاشفة ودالة على شكل وملامح البرلمان فى المستقبل. أغلبية كاسحة للإخوان والسلفيين تحاول فرض رأيها باعتبار أنها الأكثرية، وأقلية عددية للمعارضة تجاهد لإسماع صوتها. لو ان ما حدث من نواب الأغلبية مع النائب محمد أبوحامد فى هذا اليوم سيكون هو المنهج فاننا مقبلون على برلمان قد لا يختلف كثيرا عن برلمانات الرباعى سرور وشريف والشاذلى وعز فى طريقة الإدارة.
من الواضح ان مجموعة النواب التى نجحت بجهدها الفردى مثل عمرو حمزاوى وعمرو الشوبكى ومحمد أبوحامد، ومصطفى النجار مضافا إليهم نواب «الثورة مستمرة» وبعض نواب الكتلة والوفد سيلعبون دور رأس الحربة فى المعارضة داخل المجلس.
يوم الاثنين رأينا نواب التيار الدينى يستخدمون المقاطعة والصفير والغلوشة لإسكات أبوحامد، وهو أسلوب لا يختلف كثيرا عما كان يفعله نواب الحزب الوطنى مع نواب الإخوان عندما كان الأخيرون أقلية فى برلمان «الوطنى».
أحترم حق الإخوان باعتبارهم أغلبية داخل البرلمان، لكن عليهم أن يراجعوا طريقة إدارتهم للبرلمان لأن تجارب الأسبوعين الأخيرين تقول إنهم قد يتأثرون بجلاديهم السابقين.
أن يعتقد نواب الإخوان أن الأغلبية العددية ستكون عاصمة لهم من النقد فهم مخطئون، وعليهم إدراك ان قواعد اللعبة بالطريقة القديمة قد سقطت. قد يكون نواب المعارضة قليلين عدديا، لكنهم مسيسون ومفوهون ولديهم قدرة جيدة للوصول لوسائل الإعلام المؤثرة خصوصا برامج (التوك شو) المسائية. ومن الواضح أن هذه البرامج ستلعب دورا مؤثرا فى مراقبة أداء المجلس وانتقاده إذا حاد عن الطريق القويم، وبالتالى فإن كل نواب المجلس خصوصا الأغلبية سيكونون دائما تحت المجهر، سواء مجهر المواطنين العاديين فى الشوارع والميادين أو مجهر الاعلام.
سيكون على حزب الحرية والعدالة من الان فصاعدا تدريب نوابه على كيفية الحديث الصحيح سواء داخل البرلمان أو لوسائل الاعلام ومقارعة الحجة بالحجة، وليس بطريقة أحد نوابهم مع محمد أبوحامد حينما حاول خطف مظروف الخرطوش الفارغ منه. على هذا الحزب الإخوانى أن يدرب نوابه على كيفية مخاطبة الرأى العام المصرى بكامله وليس فقط انصار الجماعة، وهذا الامر مطلوب اكثر لدى نواب التيار السلفى الذين يحتاجون ربما إلى فترة أطول كى يحسنوا طريقة مخاطبة الرأى العام. الخيار الاسوأ هو ان يتعامل نواب التيار الاسلامى مع غيرهم باعتبارهم نوابا خارجين عن ملة الاسلام أو فى احسن الاحوال ضعيفى الايمان.. هذا الخيار ربما كان صالحا عندما كان السلفيون يعيشون تحت الارض مطاردين من أجهزة العادلى، الان هم تحت القبة والامر مختلف تماما فهم مطالبون ان يصدروا تشريعات مع الاخوان تحسن حياة المصريين كل المصريين وبالتالى فإن طريقة اللعب ينبغى أن تتغير.
مما رأيناه فى الايام الماضية يبدو ان شكل البرلمان قد اتضح خصوصا لجهة المعارضة التى يبدو أن نوابها ليس أمامهم الا المذاكرة والتحضير الجيد فى مداخلاتهم واستجواباتهم خصوصا فى الاعتماد على الرأى العام النشط فى الميدان ثم وسائل الاعلام.
التيار الدينى يمتلك الأكثرية العددية لكن المعارضة تمتلك القدرة على الحجة والاقناع، وهى تطالب بدولة مدنية ديمقراطية تحقق شعار عيش، حرية، عدالة اجتماعية.
فى كل الأحوال فعلى المعارضة سواء داخل مجلس الشعب أو خارجه ان تقتنع ان هذا البرلمان هو نتاج انتخابات حرة ينبغى احترامها وقبول نتائجها. لنختلف كما نشاء تحت قبة البرلمان فى اطار الحوار والحجة بالحجة، واننا جميعا مصريون بعيدا عن التخوين والادعاء بامتلاك طرف واحد للحقيقة المطلقة.