نشرت وكالة رويترز تقريرا عما وصفته بحب البشاشة والفكاهة والنكتة لدى المصريين، حتى فى الظروف الصعبة، استنادا إلى كتاب الراحل أحمد أمين «قاموس العادات والتقاليد المصرية»، الذى أعادت دار الشروق نشره فى طبعة جديدة. الوكالة اعتبرت الكتاب قاموسا شعبيا كتبه المؤرخ المصرى قبل أكثر من 60 عاما، يمكن أن يكون قراءة لسيكولوجية المصريين بعد الاحتجاجات الحاشدة التى أنهت حكم الرئيس السابق حسنى مبارك فى فبراير الماضى.
ومن هذه الصفات حب النكتة حتى انه ينقل عن رائد علم الاجتماع عبدالرحمن بن خلدون قوله «أهل مصر كأنهم فرغوا من الحساب» أى لا يبالون بالعواقب، وهو ما سجله أيضا المؤرخ تقى الدين أحمد بن على المقريزى الذى ينقل عنه أمين قوله «وعدم الإمعان فى حساب العواقب يستتبع الفرح والمرح»، وهو ما يفعله المصريون بامتياز.
فعقب وصول المتظاهرين إلى ميدان التحرير مساء 28 يناير 2011 «جمعة الغضب» ارتفعت فى الميدان فى اليوم التالى لافتات ساخرة كتبت بعضها بخطوط غير جيدة، لكنها تعبر عما يراه كثيرون «الروح المصرية» ومنها تشبيه مبارك بالعفريت الذى يجب أن يخرج من الحكم.. «لو كان عفريت كان انصرف» و«تنبيه.. ممنوع حرق مبارك فى مصر.. أحسن يطلع عفريته» و«مبارك يريد تغيير الشعب».
وتوالت اللافتات والشعارات الاحتجاجية دون تفكير فى مسار مستقبلى فلم تكن لدى الحشود آمال قريبة فى خروج سريع لمبارك ونهاية لحكمه.
وفى «قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية» يقول أحمد أمين: ومن غريب ما نلاحظه فى هذا الباب أن أشد الناس بؤسا وأسوأهم عيشة وأقلهم مالا وأخلاهم يدا أكثر الناس نكتة.. ونجد ابن النكتة محبوبا مقدرا يفتقد إذا غاب ويبجل إذا حضر كأن الطبيعة التى تداوى نفسها بنفسها رأت البؤس داء فعالجته بالنكتة دواء، ولهذا عرف إعجاب المصريين باختراع النكات والتفنن فيها، ويأسف المؤلف لعدم عناية الأدباء بتدوين النكات وترفعهم عن ذلك استصغارا لشأنها. ويرجح المؤلف أن مصر «أشهر أمة بالنكتة» فى العالم الشرقى، وهى فى هذا الشأن «تفضل الشام والعراق والحجاز».
وطرحت دار الشروق طبعة جديدة من القاموس وتقع فى 353 صفحة كبيرة القطع وصمم غلافها الفنان عمرو الكفراوى.
وأمين «1886/1953» ولد لأب أزهرى ودرس فى مدرسة القضاء الشرعى وعمل قاضيا ثم أستاذا للنقد الأدبى بكلية الأداب بجامعة القاهرة التى أصبح عميدا لها عام 1939. وتولى رئاسة تحرير مجلة «الثقافة» منذ عددها الأول عام 1939 حتى عددها الاخير عام 1953، وكان عضوا فى مجامع اللغة العربية فى القاهرة وبغداد ودمشق.
ومن الأمثلة التى يضربها أمين على ما يعرف بالمزاج الشعبى قوله تحت عنوان «أزرق» أن «الأزرق» يسميه المصريون أخضر من باب التفاؤل وكرها للزرقة، فيقولون إن فلانا «نابه أزرق» بمعنى أنه خبيث مكار «ولذلك سموا العتبة الزرقاء بالعتبة الخضراء وكانت عتبة لبيت من بيوت أمراء هذا الحى» الذى يفصل القاهرة الفاطمية عن القاهرة الحديثة التى أنشأها الخديو إسماعيل الذى حكم البلاد بين عامى 1863 و1879.