من جديد تطل علينا المخرجة اللبنانية نادين لبكى بفيلم فى دور العرض المصرية يلقى قبولا جماهيريا وهو الأمر الذى يضعنا امام تساؤل حول إمكانية فتح دور العرض المصرية أمام افلام عربية من جنسيات مختلفة ام ان لنادين وضعا خاصا لدى الجمهور المصرى؟ «الشروق» طرحت السؤال فى هذا التقرير. بداية يؤكد الناقد سمير فريد أن ذوق الجمهور هو الذى يحدد الفيلم الذى ينجح فى السوق والذى يفشل، فالمشاهد يبحث عن الفيلم الجيد فقط ولا ينظر إلى لغته أو جنسية صناعه حتى يقرر مشاهدته أو لا. وكشف فريد أن نجاح «وهلأ لوين» فى مصر استثناء، الفضل فيه يعود إلى مخرجته الرائعة نادين لبكى، فهى موهوبة جدا، ونجحت من خلال تجربتها الأولى «سكر بنات» أن تخطف المشاهد المصرى وتضمه إلى جمهورها الذى أصبح بذكائها وموهبتها غفيرا.
وأضاف أن الفيلم اللبنانى يحمل مواصفات أفلام هوليود، فهو مسل وله قصة نسجتها المخرجة بطريقة رائعة، دفعت الجمهور للإقبال عليه حتى أنه حقق أعلى إيرادات فى 2011 بلبنان، والسر فى انتشار الفيلم هو استخدام الجمهور فى الدعاية للفيلم، فكل من يشاهده يخرج إلى أصدقائه ويحكيه لهم ويشيد به وينصحهم بمشاهدته، وهذا النوع من الدعاية هو الأفضل ويطلق عليه فى هوليود «mouth to mouth».
ويتحقق ذلك حسب فريد لأن نادين لبكى صادقة مع نفسها بدرجة كبيرة، حتى أنها لا تفكر فى الجمهور عندما تفكر فى صناعة الفيلم، وكل ما يشغلها فقط هو خروج العمل بشكل محترم.
كما أن المشاهد الذى يلهث الآن خلف السينما الأمريكية كونها تحقق له متعة وإثارة إلى جانب الموضوع الذى يتم تناوله أصبح يجد كل هذه الأمور فى أفلام مثل التى تقدمها نادين، ونجحت فى اختراق المشاهد مثل السينما الأمريكية. وقال: كل أفلام الدول العربية تعامل بطريقة سيئة جدا فى مصر وعادت على توزيع الفيلم المصرى فى الخارج بالسلب، فبعيدا عن العروبة والقومية العربية القائمون على السينما فى مصر لم يفكروا فى أنه سيأتى اليوم الذى سيعامل العرب الفيلم المصرى كما تعامل أفلامهم فى مصر.
المنتج محمد العدل برر الإقبال على الفيلم اللبنانى أنه طرح فى 5 نسخ فقط، وبالتالى فالجمهور مضطر لدور عرض بعينها حتى يشاهده، ولكن هذا لا ينفى أن لمخرجة الفيلم نادين لبكى جمهورا يحرص على مشاهدة أفلامها.
فنجاح الفيلم استثناء لنادين لبكى لأنها أولا موهوبة إخراجا وتأليفا وتمثيلا، ثانيا لأن اللهجة الشامية لم تعد عائقا أمام المشاهد المصرى مثل باقى لهجات الوطن العربى، والفضل فى ذلك يعود إلى انتشار المسلسلات التركية المدبلجة بالسورى، وكذلك اهتمام الجمهور بالدراما السورية واللبنانية.
أما اللهجة التونسية والمغربية وغيرها فمازال المشاهد المصرى غير قادر على متابعتها رغم أن هاتين الدولتين تقدمان أفلاما مهمة جدا.
نادين لبكى: خوفى على ابنى من حمل السلاح دفعنى لكتابة هذا الفيلم
على جانب آخر، تؤكد المخرجة نادين لبكى أنها استخدمت السخرية فى التعامل مع مصائب الحياة، كوسيلة لاستحضار القوة، وتسخيرها من أجل استعادة العافية، واعتبرت أن هذا الأسلوب ضرورة، حتى يبدو الفيلم كوميديا وفى نفس الوقت درامى، ليثير الضحك بقدر ما يثير المشاعر الأخرى.
وأشارت إلى أنها لم تذكر اسم لبنان على مدى فيلم «وهلأ لوين» لأنها تعتبر ما يحدث حرب بين أفراد من طوائف مختلفة، وتلك قضية عالمية، تتكرر فى مختلف الأمكنة والأزمنة، فهى تقع بين السنّة والشيعة، وبين البيض والسود، وبين حزبين، وبين قريتين، وبين قبيلتين، وبين عائلتين، حتى بين شقيقين، فالقصة تجسّد أى حرب أهلية يتقاتل فيها أبناء الوطن الواحد، متجاهلين الجيرة والصداقة والعشرة.
وكشفت لبكى أن الفيلم ليس مأخوذا عن قصة حقيقية ولكن فكرته نبعت من تجربة شخصية لها وكانت حامل بطفلها فى مايو، عندما شهدت العاصمة اللبنانية بيروت تستعد لأجواء الحرب، بظهور الحواجز على الطرقات، وإغلاق المطار، واشتعال الحرائق، وانتشار العنف، ليس بين أعداء وإنما فى كل شارع بين من تجاوروا لسنوات، وترعرعوا سويا، وارتادوا المدرسة ذاتها، أصبحوا فجأة يتقاتلون لمجرد اختلاف فى الدين.
تضيف لبكى: «عندها سألت نفسى عندما أرزق بالطفل، ماذا سأفعل لأمنعه من حمل سلاح والخروج إلى الشارع؟ فكانت تلك نواة فكرة الفيلم».
ونفت أن يكون «وهلأ لوين» فيلما عن الحرب، وأكدت أنه فيلم يطرح الكيفية المتاحة لتجنّب الحرب. فاللبنانيون لا يستطيعون العيش من دون الشعور بهذا الخطر الذى يطاردهم بشكل مستمر، وينعكس على جميع التصرفات والأقوال.. هذا الشعور يسكن كل لبنانى، ولا يستطيع الهرب منه أو عدم طرحه.
وأوضحت لبكى أن تحقيق السلام على أيدى النساء بغض النظر عن انتماءاتهن الدينية ما هو إلا ضرب من الخيال، فالحرب سخافة محضة، وشر نجلبه لأنفسنا بلا داعٍ، أو على الأقل من أجل أشياء لا تستحق أن نقتل بعضنا من أجلها.
وتابعت: منذ أن أصبحت أما أشعر بسخافتها أكثر من ذى قبل، ولذلك ظهر هوس الأم بحماية أطفالها فى الفيلم.