سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخبراء يتفقون مع الجنزورى حول خطورة الوضع المالى.. ويختلفون معه على طريقة الخروج من الأزمة العيسوى: جزء من المشكلة يرجع إلى تردد السلطة فى اتخاذ إجراءات اقتصادية عاجلة
اتفق عدد من الخبراء على تصريحات رئيس الوزراء الجديد كمال الجنزورى حول خطورة الوضع المالى فى مصر، إلا أن بعضهم وجه انتقادات لتمسك رئيس الوزراء بالسياسات المالية السابقة كتصريحه بعدم فرض ضرائب جديدة، والذى قد يكون حلا لتوفير الموارد، فيما رأى آخرون أن عدم الرضا الشعبى عن الحكومة سيظل حجر عثرة أمام تدفق أى استثمارات أجنبية لما يتسبب فيه من زيادة مخاطر الاستثمار فى مصر. «الوضع المالى بالفعل خطير خاصة أن حجم الدين العام اقترب من أن يكون 100% من الناتج المحلى الإجمالى» تقول مونيت دوس، محللة الاقتصاد الكلى بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، مشيرة إلى أن خطورة الدين المصرى لا تقتصر على حجمه فقط ولكن لأن نسبة كبيرة منه ديون قصيرة الأجل، سيتم سدادها فى فترة أقصاها سنة من تاريخ الاقتراض، وبفائدة مرتفعة نظرا لانخفاض حجم الطلب على الديون المصرية فى ظل المخاطر السياسية.
كانت آخر مبيعات لأذون الخزانة المصرية أمس الأول، بقيمة خمسة مليارات الجنيه، بأسعار فائدة 14.06% على أذون لأجل ثلاثة أشهر، و15.14% لأجل تسعة أشهر. وهناك مؤشرات على مخاطر الدخول فى مرحلة عدم القدرة على سداد الديون المصرية، حيث تم نشر تقارير أخيرة حول عدم قدرة الحكومة على سداد مديونياتها لشركات الاتصالات والمقاولات، كما تضيف دوس.
وتواجه الحكومة المصرية تراجعا قويا فى حجم الاحتياطيات من النقد الأجنبى، والذى انخفض بنسبة 44% خلال احد عشر شهرا الأولى من العام الحالى، لتصل إلى نحو 20 مليار دولار حاليا، وهو ما يرجع إلى تباطؤ الانشطة الاقتصادية الموردة للعملة الأجنبية وعلى رأسها النشاط السياحى، بالإضافة إلى مساندة البنك المركزى للجنيه فى مواجهة الدولار بعد أن تراجعت قيمة العملة المحلية أمام العملة الأمريكية إلى أقل معدلاتها منذ خمس سنوات.
«انخفاض الجنيه يزيد الوضع المالى صعوبة لما يتسبب فيه من رفع تكلفة الواردات، وهو ما ستظهر انعكاساته على الاقتصاد المصرى بشكل واضح فى ظل الاعتماد الكبير على استيراد السلع الأساسية من الخارج كغاز البوتاجاز»، تبعا لدوس، التى توقعت ارتفاع مستوى العجز فى العام المالى الحالى، عن العجز الذى استهدفته الحكومة عند 8.6% من الناتج الأجمالى، ليصل إلى 15%، مع عدم تخطى معدل نمو الناتج المحلى 1.5%.
وترى محللة برايم أن تنشيط النمو الاقتصادى هو المخرج الوحيد لتلك الأزمة، والذى سيأتى بشكل رئيسى من إنهاء حالة الانفلات الأمنى ووجود رضا شعبى حول الحكومة لأن «عدم الاستقرار السياسى لعب دورا رئيسيا فى الفترة الماضية فى تجميد قرارات الاستثمار فى مصر».
من جانبه، اعتبر إبراهيم العيسوى، أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط، أن السياسات المالية للحكومة السابقة والتى ترغب الحكومة الحالية فى الاستمرار فيها، كانت إلى جانب الأسباب السابقة أحد العوامل الأساسية فى تأزم الوضع المالى فى البلاد «لقد استهدفت الحكومة السابقة تطبيق سياسات انكماشية وتخفيض معدل عجز الموازنة فى العام المالى الحالى عن سابقه وكان ذلك أحد أسباب الأزمة».
وأضاف العيسوى أن «المشكلة ليست فى أن يزداد إلى 15% طالما سيصاحبه سياسات توسعية تدفع النمو الاقتصادى»، مشيرا إلى أن تأخر تحقيق العدالة الضريبية التى نادت بها الثورة بتطبيق ضرائب أعلى على شرائح الدخل الأكثر ثراء وتوجيه تلك الموارد لتحفيز النمو الاقتصاد قد يساهم فى استمرار الأزمة المالية الحالية، «بعض رجال الأعمال كأعضاء اتحاد المستثمرين طالبوا بزيادة ضرائب الدخل وفرض رسوم جمركية أعلى على السلع الكمالية، فلماذا تعارض الحكومة ذلك ؟» يتساءل العيسوى.
ويرى الاستاذ بمعهد التخطيط أن بعض أوجه الأزمة المالية الحالية ترتبط بتردد السلطة فى اتخاذ اجراءات اقتصادية عاجلة، وتحسين الوضع المالى يرتبط بأن تكون الحكومة الجديدة أكثر حزما «ليس معقولا أن يكون لدينا نحو 40 مصنعا يستفيدون من الدعم للصناعات كثيفة استخدام الطاقة ونحن نواجه الوضع المالى الحالى»، تبعا لقوله، مشيرا إلى أن الحكومة تستطيع أن تستفيد من الموارد المدبرة من تحقيق العدالة فى السياسات المالية وتوجيهها إلى الاستثمار المباشر فى أنشطة تحفز النمو الاقتصادى.
وحول اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولى لتدبير الموارد المالية، اتفق العيسوى مع الاتجاه الذى أفصح عنه الجنزورى أمس حول إعطاء الأولوية للاعتماد على الموارد المحلية قبل الاقتراض من الخارج «غالبا ما سيكون قرض صندوق النقد مرهون بالتمسك بالعديد من السياسات التحررية التى أثبتت تجربتنا الاقتصادية الماضية حاجتنا الماسة لتغييرها».