واصل الآلاف من المتظاهرين تدفقهم إلى ميدان التحرير، استعدادًا للمشاركة في "مليونية 18 نوفمبر"، المقرر لها اليوم الجمعة، في ظل غياب تام للأجهزة الأمنية. القوى الإسلامية والليبرالية تجمعت في ميدان التحرير وسط العاصمة القاهرة استعدادًا لمظاهرات حاشدة يوم الجمعة.
هذا وقد شهد ميدان التحرير في ساعات مبكرة من مساء أمس الخميس، تواجدًا مكثفًا للمتظاهرين من مختلف التيارات والقوى السياسية والمستقلة، والذين بدءوا في تنظيم أنفسهم لتولي مهام التأمين ومتابعة إقامة المنصات، وتعالت بعض الهتافات التي نادت بإسقاط النظام وإسقاط حكم العسكر، وإلغاء وثيقة السلمي، منها، "الشعب يريد إسقاط النظام.. الشعب يريد إسقاط حكم العسكر"، "النهاردة مفيش نوم.. إحنا صاحيين في الميدان"، و"واحد اتنين.. تسليم السلطة فين؟". كما قام بعض الأشخاص بتوزيع إشارات مكتوب عليها "أنا ضد محاكمة العسكر للمدنيين".
تأتي المظاهرات احتجاجًا على قيام الحكومة بوضع مبادئ دستورية تمنح الجيش حصانة من الرقابة التشريعية استباقًا لقيام البرلمان القادم باختيار جمعية تأسيسية تضع دستورًا جديدًا للبلاد. وبدأ توافد الحشود على ميدان التحرير منذ مساء الخميس للمشاركة في مظاهرات واحتجاجات الجمعة.
ونصب نشطاء خيامًا فيما يشير لاحتمال اعتصام، وأقاموا منصات للخطابة ألحقت بها مكبرات للصوت في الميدان الذي كان مركز الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك في فبراير الماضي.
وقال نشطاء إن مظاهرات اليوم الجمعة التي سوف تنظم في مدن مصرية أخرى هي محاولة لإعادة الثورة إلى مسارها. مشيرين إلى أهداف يقولون أن الثورة لم تحققها مثل عزل مساعدين لمبارك من مناصب الدولة العليا، ومنع قيادات وأعضاء الحزب الوطني الديمقراطي، الذي كان يتزعمه وتم حله بحكم محكمة، من خوض الانتخابات.
وقال أحد المحتجين مطالبًا بحقوق مصريين قتلوا وأصيبوا أثناء الثورة: "ستكون ثورة كبيرة غدًا".
وكان نائب رئيس الوزراء المصري الدكتور علي السلمي، قد طرح مسودة مبادئ دستورية على القوى السياسية في وقت سابق من هذا الشهر تمنح الجيش سلطة منفردة في إدارة شؤونه الداخلية وميزانيته. غير أن مفاوضات الحكومة على المسودة مع أغلب الإسلاميين والليبراليين انهارت، مما دفعهم إلى المشاركة في مظاهرات حاشدة كان نشطاء الانترنت قد دعوا إليها قبل نحو أسبوعين.
وتطالب الجماعات السياسية في مظاهرات اليوم الجمعة بنقل السلطة من الجيش ومعارضة وثيقة السلمي، مشددين على ضرورة أن يسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة لبرلمان ورئيس منتخب بحلول أبريل المقبل. لكن محللين يقولون إن المواعيد التي أعلنها المجلس للانتخابات البرلمانية ووضع الدستور الجديد قد لا تسمح بنقل السلطة قبل مطلع عام 2013.
من جانبهم، فقد أعلن أهالي الشهداء ومصابي الثورة واتحاد شباب الثورة المستقلين، الدخول في اعتصام مفتوح بميدان التحرير، حتى يتم استكمال مطالب الثورة وتسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني يدير شئون البلاد ويسلمها لرئيس منتخب.
وطالب أهالي الشهداء والمصابين من خلال لافتة كبيرة رفعوها بميدان التحرير اليوم الجمعة، جميع القوى السياسية والحزبية بضرورة الاهتمام بأهالي الشهداء والمصابين، وإنجاز وعد المجلس العسكري برعايتهم.
وفى سياق متصل، تجاوز عدد المتوافدين إلى الميدان بضع آلاف متظاهر معظمهم من القوى الإسلامية، وأشعل المتظاهرون "الحطب" و"الورق" لتدفئتهم من صقيع الشتاء.
هذا وقد أكدت القوى المشاركة في المليونية استعدادها لمواجهة كافة القوى التي تستهدف إجهاض الثورة أو إعادة إنتاج النظام السابق واستدراج البلاد إلى حالة من الفوضى، وتحويل الثورة إلى انقلاب عسكري، مؤكدين عزمهم على الاستمرار في الثورة حتى يتم تحقيق كافة المطالب.
وأوضحت القوى المشاركة، أنه مع استمرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة في سياسة تجاهل مطالب الشعب التوافقية، وسعيه الدءوب للالتفاف على الإرادة الشعبية، لم يعد في وسع جموع الشعب المصري السكوت على هذه التصرفات والتخبط في إدارة المرحلة الانتقالية.
كما قدمت القوى المشاركة في بيان لها، أمس الخميس، عدة مطالب منها أن يعلن المجلس العسكري إسقاط ما يسمى بوثيقة المبادئ الأساسية للدستور، لأنها اعتداء صارخ على سيادة الشعب وتقويض واضح لإرادته دون سند من واقع أو قانون، والإعلان عن موعد انتخابات الرئاسة بعد الانتهاء من إجراء الانتخابات البرلمانية، مع إعلان تسليم إدارة البلاد كاملة للبرلمان والرئيس المنتخبين في النصف الأول من مايو 2012.