نظمت السفارة المصرية في أديس أبابا صالونا ثقافيا ناقش عدة موضوعات تتعلق بالتنوع الثقافي والديني في القارة الافريقية مساء أمس السبت، تحت شعار "الاعتراف بالتنوع الثقافي: نحو إعلاء المواطنة والدولة في إفريقيا". وشارك في الصالون الثقافي أعضاء البعثة المصرية في أديس أبابا والبروفيسور اندريس إيشيتي مستشار رئيس الوزراء الاثيوبي وعدد كبير من الشخصيات العامة والأكاديمية المصرية والأثيوبية وأعضاء السلك الدبلوماسي والعاملين بالمنظمات الدولية بأديس أبابا.
وقال السفير المصري لدى إثيوبيا محمد فتحي إدريس في بداية الاجتماع، إن الفكرة من وراء عقد هذا "الصالون الثقافي" وهو الأول في سلسلة من المزمع عقدها بشكل شهري هي أن "الدولة المصرية وكذلك الدولة التي نقيم فيها وهي إثيوبيا تحظيان بتاريخ وحضارة كبيرة وثرية وبالتالي فإن هذه اللقاءات الثقافية تؤدي الى اكتشاف مزيد من المساحات الثقافية المشتركة وروابط أقوى بين الجانبين ونتوصل إلى فهم أعمق وأفضل لبعضنا البعض".
وأشار إلى أن مثل هذه التجمعات الثقافية تهدف إلى تعميق الروابط والصلات ومناقشة الموضوعات ذات الأهمية، مشيرا إلى أن "المساحات الثقافية يمكن أن تتجاوز حدود الجنسيات والإثنيات والعرقيات وتسمح للجميع بمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك وذات الاهمية للحاضرين، وفهم أكثر عمقا لهذه القضايا وللروابط المشتركة وتتيح بالتالي مناسبات مهمة للتواصل والتفاعل بين مصر وإثيوبيا وأيضا بين ممثلي الجهات الأجنبية في إثيوبيا".
وقال إن "مصر تمر بمرحلة جديدة ترتبط بتوجه جديد نحو الخارج ونحو اثيوبيا بشكل خاص، ونأمل في أن تأخذنا هذه المرحلة إلى مستقبل أفضل لكل المصريين، وهذه المرحلة تواجهها بالطبع تحديات، ولكننا نستبشر بأننا سنكون قادرين على عبورها بنجاح الى مستقبل افضل يستحقه كل المصريون".
ومن جانبه شدد البروفيسور اندريس اشيتي مستشار رئيس الوزراء الاثيوبي على أهمية دور الاعتراف بين الشعوب بالتنوع الثفاقي في مجال تعزيز واعلاء قيمة المواطنة ومفهوم الدولة في القارة الافريقية، مؤكدا ان الاعتراف بالتنوع الثقافي يعزز من قيمة المواطنة والدولة ولا يصيبها بالوهن بأي حال.
ولاحظ أنه بالرغم من التنوع الثقافي الكبير في معظم المجتمعات الافريقية فان الدول الافريقية نادرا ما تمنح شرعية إلى المجتمعات والكيانات الثقافية المتنوعة في الاراضي التي تبسط حكمها عليها. وأضاف أن "الاتجاه السائد في افريقيا بدلا من ذلك، هو انكار او طمس التعدد الثقافي لصالح دولة تشرف على أمة وحدوية أو قومية شاملة وتطمح بذلك الى بلورة أمة أو مجتمع ثقافي متجانس".
وقال السفير أحمد أبو الخير مستشار وزير التضامن والعدالة الاجتماعية المصري، والذي يزور إثيوبيا للمشاركة في أعمال المؤتمر الاقليمي الافريقي التحضيري لمؤتمر الأممالمتحدة للتنمية المستدامة المعروف باسم "ريو زائد 20"، إن هناك بالفعل اختلافات بين الحضارات والثقافات، وأن هذه الاختلافات قد تؤثر في العلاقات السياسية بين الدول وأيضا في السياسات الدولية بصفة عامة، لكنه قال إن هذه الفوارق لا يتعين أن تؤدي إلى إعاقة نمو الحضارات والثقافات، بل يجب أن تؤثر ايجابيا على العلاقات بين الدول والشعوب ولا يكون لها أي أثار سلبية.
وقال إن "مصر وطن لكل المصريين والديانات وان السياسات بها تقوم على أساس مبدأ المساواة لا فرق بين مسلم ومسيحي ولا يوجد هناك ما يسمى بأغلبية وأقلية بل يعامل الجميع على أساس المواطنة، ولا مجال لبث الفرقة بين أبناء المجتمع الواحد".
ومن جانبه قال ممثل الكنيسة الارثوذكسية المصرية لدى اثيوبيا الراهب القس سيدراك بيشوي، إن مخاطبة أي مشاكل تتعلق بالتنوع الثقافي والديني يتطلب الوضوح والصراحة من أجل تقديم المعالجة الصحيحة، ولابد من مواجهة الحقائق والبحث عن الاسباب الجذرية لأي مشاكل" موضحا أن مسألة الحرية والعدالة والمساواة تخص الانسانية كلها.
وقال إن "الأقليات في أي مجتمع تعد مؤشرا ومقياسا على نطاق تمتع افراد المجتمع بأكلمه بالحرية والعدالة، فإذا كانت الاقلية تتمتع بالعدالة، سنجد أن الأغلبية تتمتع بها والعكس صحيح". وأضاف أن "مطلب الاقلية في المجتمع بتحقيق العدالة والحرية والمساواة، هو مطلب للأغلبية أيضا وأن تحقيقه سيعم على الأغلبية أيضا، وأنه لا يتعين أن يكون هناك فرق بين الأغلبية والأقلية، لأن الجميع أبناء وطن واحد".