منذ سنة 1949، استخدمت الولاياتالمتحدة حق النقض (الفيتو) فى مجلس الأمن ضد قرارات معادية لإسرائيل 50 مرة، ويبدو أنها ستستخدم الفيتو للمرة ال51 خلال الأيام المقبلة فى حال طرح الفلسطينيون على مجلس الأمن طلب الاعتراف بعضوية دولتهم فى الأممالمتحدة. وسيكون باراك أوباما هو الذى سيستخدم الفيتو، مثلما فعل فى فبراير الماضى، عندما استخدم للمرة الخمسين الفيتو ضد القرار الذى يدعو إسرائيل إلى تجميد البناء فى المستوطنات. وعلى الرغم من أن أوباما نفسه كان قد طلب تجميد البناء، ونتنياهو هو الذى رفض، إلا إن الرئيس الأمريكى اضطر إلى استخدام الفيتو ضد قرار تجميد البناء.
يعتقد أوباما أن ضمان مستقبل إسرائيل وأمنها لن يتحققا إلا عبر الانفصال السياسى عن الفلسطينيين. وهو يستند فى كلامه هذا على الوقائع الديموغرافية التى تهدد بقاء إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. ويشدد على ضمان الولاياتالمتحدة أمن إسرائيل، وعلى أن التحالف والشراكة الاستراتيجيين بين البلدين قويان وعميقان وفى إمكانهما الصمود فى مواجهة الصعوبات، وعلى أن الولاياتالمتحدة ستواصل المحافظة على تفوق إسرائيل النوعى وعلى حصولها على منظومات السلاح والتكنولوجيا المتطورة. وما يقوله أوباما هو تماما ما تقوله الأغلبية فى المؤسسة العسكرية الأمريكية ووزارة الخارجية والاستخبارات الأمريكية. لقد اختارت مجلة «نيويورك ماجازين» لصفحتها الأولى صورته وهو يعتمر القلنسوة اليهودية (الكيبا) تحت عنوان «أول رئيس يهودى». وكتب جون هليمن فى المجلة نفسها: «إن باراك أوباما هو أفضل ما يمكن أن يحدث لإسرائيل حاليا، فلماذا إذا يصعب على نتنياهو وحلفائه فى الولاياتالمتحدة إدراك ذلك؟» لا يقول أوباما إن غياب العملية السياسية يضر بالمصالح الأمريكية فى المنطقة، وهو يترك ذلك لوزير الدفاع السابق روبرت جيتس، ولمدير وكالة الاستخبارات المركزية ديفيد بترايوس.
لقد صوت نحو 78 ٪ من يهود الولاياتالمتحدة إلى جانب أوباما، لكن اليهود الأمريكيين يصوتون بصفتهم مواطنين أمريكيين. وبعكس الانطباع لدينا، فإن إسرائيل ليست الموضوع الأساسى الذى يتحكم بقرار الناخب اليهودى، على الرغم من عدم الارتياح الكبير الذى تتركه صورة المواجهة مع إسرائيل. لذا، فإن جزءا كبيرا من الذين يعارضون سياسة أوباما فى الشرق الأوسط إنما يفعلون ذلك تعبيرا عن غضبهم إزاء سياسته الاقتصادية.
تبلغ نسبة تأييد أوباما اليوم وسط الجمهور الأمريكى نحو 42٪، ووسط اليهود 54٪، وهو ما يشكل تراجعا كبيرا. إلا إن مشكلة أوباما ليست فى يهود أمريكا، وإنما فى الصورة العدائية التى ألصقتها القدس به.
قد لا يكون أوباما فى سنة 2011 رئيسا قويا، وقد تكون سياسته الاقتصادية مثار جدل، وأسلوبه الرئاسى ضعيفا، وحظوظه فى أن ينتخب للمرة الثانية لا تتعدى الخمسين فى المائة، لكن ثمة شيئا واحدا أكيدا هو أن باراك أوباما، فى أفعاله وسياسته، من كبار المؤيدين لإسرائيل.