●● فى روايات التاريخ، هما أولاد عم، بينهما علاقات وأواصر إلا أن المشهد الحاضر كان مؤلما.. قوم الإسماعيلى يشتبكون فى معركة مع قوم المقاولون، وفى رواية أن ألتراس الدروايش كسبوا معركة مهمة، عندما نجحوا فى إزالة جمهور المقاولون من موقعه بالمدرجات وأسقطوا راياته وأعلامه، فعند جماعات الألتراس يكون ذلك انتصارا كبيرا.. على أى حال لا أحد يعرف ما هى أسباب الاعتداء، ولا أحد يعرف لماذا قامت جماهير الإسماعيلى باستاد الجبل الأخضر بتوجيه أغانى السباب الموسيقية إلى المقاولون، أو الأهلى وهو ليس طرفا؟ ●● المقاولون فى تلك المباراة كان أفضل من الإسماعيلى، واستحق الفوز بجدارة، فكان الأداء فى غاية التنظيم والجدية والذكاء، واستغل لاعبو المقاولون الذين يقودهم مدرب هادئ ومحترم، حالة الغرور أو الفتور التى أصابت لاعبى الدراويش، فتوالت الأهداف والفرص الضائعة.. ولم تنفع تغييرات حسام حسن، ولا حتى تغييره للفانلة التى يرتديها فيما بين الشوطين.. ولا شك أن مجلس إدارة المقاولون بقيادة المهندس إبراهيم محلب كان حكيما حين قرر الاعتماد على أبنائه وناشئيه، فى مواجهة حمى أسعار اللاعبين.
●● لكن ماذا عن هذا السلوك القمىء والمشين من جانب الجماهير.. ماذا سيكون قرار اتحاد الكرة الذى يعجز عن اتخاذ عقاب رادع؟
لا جديد.. فسوف يدير المجتمع ظهره لما حدث، وعندما نطالب بالعقاب يسارع المدللون بالدعوة للإفراج عن الشباب المظلوم.. ولا يهم أن يسقط القانون والنظام العام والأخلاق.
●● كل من يمرر هذا السلوك بلا عقاب رادع ويبرره يشارك بصورة مباشرة أو غير مباشرة فى جريمة بحق البلد، فالمشهد شديد الهمجية يصيبك بالأسى، فيما كان مشهد العسكرى وهو يقبل رأس أحد المعتدين، بمثابة نعى للقانون.. ويساويه مشهد لاعب يعتدى على منافسه بدون كرة ويتعمد إيذاءه، ثم تجد من يدافع عن سلوك هذا اللاعب، ويدعوك لتقويمه، وهو لا يدرى أن وقت التقويم بالكلمة مضى وذهب ولا سبيل إلا بالتقويم بالقانون الرادع.. ولذلك أكرر أن القراءة فى كتاب «الأخلاق الحميدة» لم تعد مجدية.. فالقانون هو البديل فى حالات الفوضى، هذا من دروس تاريخ البشرية، عند الدول أو الشعوب والأمم التى عاشت مثل تلك المحنة.
●● من مظاهر الانهيار الأخلاقى هذا العراك المستمر بين الجماهير، وتلك الفتنة التى يشعلها مجموعة من المدربين والمديرين بتصريحات يطلقونها عبر بعض الصحف أو البرامج، وتلك بدورها تلعب دورا خطيرا وهى تبحث عن زبون، فتعمل على إثارة لاعب ضد لاعب، وناد ضد ناد، وجمهور ضد جمهور، وصحفيين ضد مدربين، ومدربين ضد صحفيين، والجميع ضد الحكام..وهو مناخ يوحى بعصر النفوس المريضة وزمن الدخلاء والجهلاء..وقد يكون ما نعيشه من فوضى وتعصب، منطقيا فماذا تنتظرون من أمثال هؤلاء وهم يقومون بالتوجيه والنصح والتحريض؟!
أنعى لكم وفاة النظام والأخلاق والقانون والروح الرياضية.. سبحان من له الدوام.